قالت: هل من حقي أن أسأل لماذا يخون الرجل زوجته؟ وهل هناك أسباب، أو ظروف ضد إرادته تدفعه دفعاً وقهراً ليخونها؟ وهل الخيانة حالة مزاجية، أو ميل فطري للتعددية، أم استعداد موروث؟ أم أن هناك عوامل خارجية تفسر حدوثها؟ وهل هناك خيانة مقبولة، أو مشروعة، أو مبررة، وأخرى غير ذلك؟ بالتأكيد يختلف إحساس ومشاعر الزوجة لو سمعت أن زوجها يخونها عن مشاهدته وهو يخونها؟ فأنا لا ولن أسامح زوجي أبداً، ولم ولن أتمكن من نسيان واقعة رأتها عيناي، وعيناي لا تكذبان، فكم سمعت عن سلوكه الملتوي لكنني لم أكن أصدق لأنني كنت أبرر ذلك بالكذب والشائعات. حقيقي كنت أرتاب في تصرفاته فهو يجيد فن الكلام، ويمتلك قدرة على تزويق حديثه لدرجة تجعلني أصدقه حتى كانت الصدمة القاضية حين تفاجأت وهو يخونني بكل جرأة في بيتي، لم يراع أي حرمة للمنزل، ولا لصاحبته، ولا لعشيرته، ولا لأم أبنائه. أتصدقين لقد رأيته، وسمعته في البداية، حاولت أن أخدع عقلي، وأكذب بصري فلم أتمكن فظننت نفسي أعيش داخل كابوس وسأستيقظ فزعة من هول ما رأيت وسمعت، لكن مع الأسف كان واقعاً مريراً ومؤلماً، وبعدها حاول العديد والعديد من المرات لأعفو عنه، وبذل كل جهده لإرضائي، وكأي زوجة لا تريد أن تدمر منزلها، وتشتت أطفالها بدأت مع ذاتي رحلة مصالحة النفس؛ لأتمكن من مسامحته، لكنني لم أتمكن، لقد فقدت الإحساس بالألم، حاولت أن أرسم صورة جديدة في عقلي ولم أتمكن، جاهدت أن أحيي عواطفي في أعماقي، وأتذكر الماضي الجميل، لكنني فشلت، فصورة خيانته في مخيلتي بكل تفاصيلها المخزية، والمؤلمة، فلا أمل في النسيان، ولا طريق إلا بالتناسي، وبذلت الجهد الإرادي لأقنع نفسي بأنني نسيت والحقيقة أنني لم أنس، لكنني أسدلت ستارة وهمية فليفعل ما يشاء لم يعد يعنيني لو تأخر، أو غاب، أو سافر، وكلما حدثني أدعي بأنني أسمعه دون الدخول في مناقشة أو حوار معه. فكيف أسعد بوجوده وأنا لا أثق به؟ كيف آنس بصحبته وأنا أحتقره؟ كيف أشتاق إليه وأنا أراه خائناً؟ كيف أستمع إليه وأنا أعرف أنه كاذب؟.. كنت ألتزم الصمت والصبر وأكتفي بأن أخبره بأنه يجب أن يراعي ما تفرضه عليه أبوته فقط، أما أنا فسأعيش معه وأنا أمارس لعبة النسيان مع قلبي وعقلي مرغمة، ومع مرور الوقت سأنسى أو أتناسى. نعم لقد انغلق عقلي في وجهه مثلما انغلق قلبي فمن قال إن كل الجراح تبرأ؟ إن منها ما يميت ومنها ما يستمر معنا حتى نغادر هذا الكون.
أنين الحزن
في أيدينا التكيف مع واقعنا المرير، وترجمته لصالحنا، فكثير ممن صدمت مشاعرهم على صخرة الواقع، وتأثرت أعماقهم، وأصابها اليأس، والانكسار يخرجون من المحيط الخانق إلى الفضاء الرحب بقوة الإيمان، وكثرة الدعاء.