يوميات النساء بين القدر والقضاء

أحمد العرفج

 

مُنذُ أَنْ خَلَقَ الله البَشريّة، والمَرأةُ شَاغِلةٌ للرَّجُلِ، والرَّجُلُ هَاجسٌ للمَرْأَةِ، وكُلٌّ مِنهما يُحاول أَنْ يَتآمَر عَلَى الآخَر، سَواء كَانت مُؤامرةً نَاعِمَةً، أَو مُؤَامرةً خَشِنَةً. مِن هَذا البَاب دَعونَا -بَين شَهرٍ وآخَر- نَجول بَين الكُتب؛ لنَستخرج يَوميّات صَالِحَات للرِّجَال والنِّسَاء، لَعلَّها تُسْهِم في نَزع فتيل الحَرب بَينهما؛ فيُوقِّعَا اتفَاقيّة سَلَام، لَا تُشبه اتفَاقية «كَامب دِيفيد»!
الأحد
يُقال: «إنَّ العَالَم يَحكمه طِفل». وإذَا سَألتموني عَن مَدَى صِحّة هَذه المَقولة؛ فسأُحيلكم إلَى أَحد ملُوك اليُونَان، الذي صَرَخَ قَائِلاً: «وَلَدِي أَقدَر اليُونَانيّين؛ فأنَا أَحكُم اليُونانيّين، وأُمّه تَحكمني، وهو يَحْكُم أُمّه»!
الإثنين
النَّاس لَا تَعرف العِلْم إلَّا عَن طَريق النَّقل مِن العُلَمَاء، والكَلَام -كَما قَال الجَاحِظ- فَضيلَةٌ مِن الفَضَائِل، إذَا أَحسنَّا استخدَامه، ولَكنّ هَذا اللِّسَانَ إذَا كَان بَين فَكّي المَرأة؛ فإنَّ وَظيفته تَختَلف عَن وَظيفة اللِّسَان عِند الرَّجُل، ولذَلك قَالوا: «اللِّسَان أَدَاة نَافِعَة إذَا لَم يَكن لامرَأة»!
الثلاثاء
الكَذِب صِفَة قَبيحَة، سَوَاء كَان مِن قبيل الكَذِب الأَبيَض، أَو الكَذِب الأَسوَد، ولَكن هُنَاك استثنَاءَات يَجوز فِيهَا الكَذِب؛ حِين تُقلِّل الكِذْبَة مِن الأضرَار، وقَد حَدَّد الفَيلسوف «فرانس» صنفين مِن النَّاس يَحقُّ لَهما الكَذِب عِند الضَّرورَة، حِين قَال: «النِّسَاء والأطبَّاء هُم الذين يَعرفون -فحَسب- مَتَى يَكون الكَذِب ضَرورياً؛ ومُفيداً للرَّجُل».
الأربعاء
المَرأة تَصْلُح للجَمَال، وتَصْلُح للمَطبَخ، وتَقوم بدور السّكرتَاريّة عَلَى أَكْمَل وَجه، وتُربِّي الأطفَال أَحسَن تَربية، ولَكن هُنَاك وَظَائِف لَا تَصْلُح المَرْأَة لَهَا، ذَكر شَيئاً مِنهَا الفَيلسوف «لوثر» حِين قَال: «كُلُّ الثِّيَابِ تَصلُح للمَرْأَة؛ إلَّا ثَوب الحِكْمَة».
الخميس
لَا أَتعجَّب حِين يَشنُّ الرَّجُل حَرباً عَلَى المَرأة، ولَكنِّي أَتعجَّب حِين تَشنُّ المَرْأَة حَرباً عَلى بَنَات جِنسها، مِثل «مَدَام دو ستال»، حَيثُ تَقول: «أَنَا سَعيدة لأنَّني لَستُ رَجُلاً؛ حَتَّى لَا أُضطرُّ للزَّوَاج مِن امْرَأَة»!
الجمعة
رَغم كُلّ الهجُوم الذي يَشنّه الرِّجَال عَلَى النِّسَاء، فإنَّ هُنَاك مَقولات تَعترف بمَكَانة المَرأة وتُنصفها، وتُشبّهها بأَعذَب التَّشبيهَات وأَحلَاها، ومِن أصحَاب تِلك الاعترَافَات الأَديب «محمد الطوبي»، حَيثُ يَقول: «أعتَبر المَرْأَة وَطَناً نَسكن فِيهِ، وأَعتَبر غِيَابها كالمَنْفَى في بِلَاد الصَّقيع».
السبت
وفي النهاية أقول:
هَل المَرْأة كَتُومٌ وتَحفَظ الأسرَار؟ الإجَابَة عِند شَيخنا «أبوسفيان العاصي»، حَيثُ يَقول: «لقَد وَجدتُ عَشرَات الرِّجَال يَعملون في وَظيفة «أَمين سِرّ»، ولَكنِّي لَم أَجِدْ طَوَالَ حيَاتي امرَأةً تَعمل في وَظيفة «أَمينة سِرّ»؛ لأنَّ المَرأة لَا تَحفَظ الأسرَار»!