كان عندما يصدح بالغناء يأتي صوته قوياً جهورياً فأطلقوا عليه لقب (ستيريو). إنه ميلاد أحد بطلي "فلسطين ستيريو". مطرب فسلطيني كان يغني في الأعراس، لكنه توقف بعد فقدان زوجته خلال قصف الطيران الإسرائيلي، ما دفعه للتفكير بالهجرة إلى كندا. من هذه النقطة ينطلق المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي في فيلمه السينمائي الجديد "فلسطين ستيريو" ليحكي عن حالة الاحباط لدى الفلسطينيين بعد ما يزيد عن 18 عاماً من الحديث عن السلام، وعن قضية الصراع بين البقاء والهجرة. وذلك من خلال شخصية اثنين أشقاء من أبناء شعبه القابع تحت الاحتلال الإسرائيلي أكثر من نصف قرن يقاوم من أجل التحرر، ويفاوض لأجل السلام، لكن النتيجة غالباً تتمحور حول مزيد من تدهور الوضع، والعودة للوراء وما يترتب على ذلك من إحباطات وعدم مبالاة.
بطلا العمل هما ميلاد (ستيريو) وسامي. الأخ الأكبر (ستيريو) صاحب فكرة الهجرة. أما سامي الذي فقد حاستي السمع والنطق خلال القصف نفسه، واحترف تشغيل أجهزة الصوت، وألغى مشروع الزواج من حبيبة الطفولة (ليلى)، لأنه قرر الخوض قدماً في مشروع الهجرة. وفي محاولة لتوفير المال للهجرة من مخيم جنين إلى كندا يقرر الأخوان العمل على تأجير وتشغيل معدات صوت في جميع المناسبات السعيدة والحزينة في فلسطين كوسيلة سهلة لجني الأموال، فنراهم يشاركون في الاحتفالات والمظاهرات ضد الجيش الاسرائيلي وفي خطابات المسؤولين في فلسطين.
السيناريو الذي كتبه وأخرجه رشيد مشهرواي - ويتنافس مع أحد عشر فيلما آخرين على جوائز المهر العربي بمهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته العاشرة - يعرض الواقع الفلسطيني بتناقضاته الثقافية والاجتماعية والسياسية. ومع تقدم الفيلم وأثناء الانخراط في تفاصيل الواقع اليومي للفلسطيني يعايش المتلقي تغير وتبدل الآراء حول فكرة السفر، حول ذلك الصراع الداخلي المرير بين الهجرة والبقاء.
تحقق الفيلم عبر الإنتاج المشترك بين عدة شركات سينمائية من غزة، وتونس، وفرنسا، والإمارات العربية المتحدة، وسويسرا، والنرويج، وإيطاليا، وتم تصويره في 46 موقعاً فلسطينياً في الضفة الغربية. وشارك في بطولته محمود أبو جازي وصلاح حنون وعرين عمري وميساء عبد الهادي وعشرات الكومبارس الذين تم استخدامهم لتصوير مشاهد الفيلم، بحيث تبدو حقيقية. وكان المخرج – صاحب أفلام "حتى اشعار آخر" و"حيفا" "تذكرة إلى القدس" و"انتظار" ثم "عيد ميلاد ليلى"، قد اختار منطقة على أطراف مدينة البيرة في الضفة الغربية، لتمثل الحاجز العسكري الإسرائيلي الذي يفصل بين مدينة رام الله والقدس، حيث جرت عملية تصوير بعض المشاهد هناك.