اختصار العنوان إلى دلالات الألوان..!

أحمد العرفج


لُغَة الألوَان لُغَة عَالميّة يَفهمها كُلّ البَشَر، وأكبَر دَليل عَلى ذَلك أنَّ قَائِد السيّارة -في كُلِّ أنحَاء العَالَم- إذَا رَأَى اللّون الأحمَر قَرَأ لُغَته التي تَعني التَّوقُّف، كَمَا يَقرأ اللّون الأخضَر عَلى اعتبَاره: «تَفضّل الطَّريق لَك»، ويَقرأ اللّون البُرتقَالي عَلَى أنَّه تَنبيهٌ وتَحذير..!
وقَبْل سَنوَات قَرَأتُ كِتَاباً بَديعاً بعنوَان: «الألوَان في القُرآن الكَريم»، للبَاحِث السّوري «علي منصور كيالي»، حَيثُ أبحَر المُؤلِّف في دَلالاتها، وإشَاراتها، ومَعانيها..!


ومُؤخَّراً قَابلتُ صَديقاً شنقيطيًّا مِن موريتَانيا، وأخبَرني بأنَّهم يَستخدمون الألوَان كأوصَاف للبَشَر، بحَيثُ إذَا وُصف أي شَخص بلون، فإنَّ هَذا اللّون يَحمل دَلَالَة مَعنويّة، وحمُولَة مَعرفيّة، يَفهمها أهل موريتَانيا، فمَثلاً إذَا قَالوا: «رَجُل أكحَل»، فهُم يَقصدون الإنسَان الحقود، أو الإنسَان المُتطرّف في آرَائه، وإذَا رَأوا إنسَاناً عَارياً وَصفوه بـ«الأحمَر»، ومَن يَتّسم بالغَبَاء والسَّذاجَة يَصفونه بـ«الأزرق»، كَما يَصفون الإنسَان النَّقي الذي لا يَعرف الحِقد بـ«الأبيض»، أمَّا الأخضَر فيُطلقونه عَلى أسمَر البَشرة، وهَذا مُشابه لوَصف «خُضيري» لَدينا هُنَا، أمَّا الأصفَر فهو وَصف لمَريض، أو مَن لَديه عرق أوروبي..!
وقَديماً وَضعت العَرَب دَرجَات للألوَان، فهُم يُسمّون شدّة البيَاض «أبيَض يَقق»، كَمَا يُسمّون شدّة الاحمرَار «أحمَر قَانئ»، وإذَا بَلغ الاصفرَار أقصَى دَرجَاته سُمِّي «أصفَر فَاقِع»، والأمر نَفسه يَنطبق عَلى «الأسود الحَالِك»..!


وفي النهاية أقول:
إنَّ الألوَان عَالم وَسيع، ولله درّ المصريين عِندَما قَالوا: «الجنِّي الأزرَق»، ولا أعلَم هَل رَأوا الجنِّي فِعلاً بهَذا اللون؟! أم غُمّ عَليهم في خِضَمّ المُؤثِّرات التي يَستخدمها أهل العَالَم السُّفلي..؟!!!