صحف الصباح لا توزع الحلوى!!

مبارك الشعلان

الناس ينتظرون صحيفة الصباح كما ينتظرون قهوتهم الصباحية، فكل واحد يريد أن يقرأ بخته مع صحيفة الصباح، ولكن صحف الصباح لا توزع الحلوى والأخبار السعيدة، إنها سلة من الأوجاع التي يتألم بها الناس كل يوم، ولكنهم مع ذلك كله يركضون في صباح الغد ليتلقفوا صحيفة الصباح، أو يتلقفوا أوجاعها، وكأنهم يمارسون جلد الذات، ويتلذذون بهذه السادية فيقرؤون، ويرمون الصحيفة جانباً مثل كل صباح، وهم يرددون عبارتهم المأثورة: لا يوجد شيء جديد في الجريدة في هذا الصباح، ولكن لعل صحف الغد تحمل سلة أخبار جميلة وتوزع الحلوى. والأخبار السعيدة. الناس يريدون صحيفة تكتب على صدر صفحتها الأولى أن الأمم المتحدة مازالت في مهمة بحث شاقة عن فقراء لإطعامهم؛ لأن كل فقراء العالم أصبحوا أكثر غنى، بدلاً من أن يكونوا أكثر فقراً! ولأن كل الخائفين أصبحوا أكثر أمناً وأماناً، وأن أخبار المحبين والعشاق تتصدر الصفحات بدلاً من أخبار القتل والقتلى والذبح اليومي بجميع أشكاله، هذه الصحيفة لم تصدر بعد، وهذه السلة من الأخبار لن تحملها صحيفة اليوم؛ لأنه لا توجد صحيفة حتى الآن توزع الأخبار السعيدة والمن والسلوى، ولأنه لا توجد وكالة أنباء تعمل إذا كانت الأخبار سعيدة، ولا يوجد صحافيون يتابعون حسنات الناس بدلاً من البحث عن سوءاتهم وعوراتهم، ولا يوجد كتَّاب مهمتهم إسعاد القارئ بدلاً من «تقليب المواجع» وتحريض الناس على الكآبة؛ لأنهم إذا لم يفعلوا ذلك فسيفقدون عملهم، فمهمتهم غير النبيلة في الحياة هي تعكير صفو الناس، وتوزيع الألم والكآبة في كل صباح مع قهوة الصباح وصحيفة الصباح.

الكل يريد أن يتفاءل ويبدأ صباحه بكوب قهوة مخلوطاً بـ «موكا» التفاؤل، ولكن التجربة تقول: إن المتفائل لا يقرأ الصحيفة.. أما المتشائم فهو يبدأ بقراءة الصحيفة في خانة الوفيات. واتضح من نتائج دراسات أجرتها وسائل إعلام أن الناس صاروا أكثر سأماً من الأخبار السلبية التي تتلهف إلى نشرها بعض وسائل الإعلام الغربية منذ مدة طويلة. وكان موقع «بي بي سي» على الإنترنت قد أجرى دراسة أونلاين لشعور البريطانيين، أظهرت نتائجها أن الكثير من البريطانيين يعتقدون أن وسائل الإعلام قد نشرت أخباراً سلبية عديدة للغاية، وقدمت بذلك «وجبة متكونة من الخوف والقلق والشك». وأن المغالاة في نشر الأخبار عن الجرائم في الأحياء السكنية وتقصير الحكومة في تأدية الواجبات، والسخرية من الشخصيات السياسية واستحقارها، وكذلك المبالغة في وصف الاحترار العالمي وغيره من مواضيع الأزمة، «أشعرت البريطانيين بأن كل شيء سيئ».

وأن صحف الغد لا تحمل الحلوى ولا الأخبار السعيدة!!

شعلانيات:

* السعداء لا يملكون كل شيء، بل مقتنعون بكل شيء!
*لا تفرح بكثرة الأصدقاء فبعضهم مثل (برواز الصورة) مع أول سقوط ينكسر!
*لم يعد في العُمر متسع لمزيد من الأشخاص الخطأ!
*هُناك سببان وراء عدم ثقتنا بالنّاس الأول أننا لا نعرفهم، الثاني أننا نعرفهم جيداً!