هاني شاكر: أعيش في حالة قلق دائم على مستقبل الأغنية المصرية

لا يختلف اثنان على الشعبية الكبيرة التي يحققها المطرب المصري هاني شاكر "أمير الغناء العربي" - كما يطلق عليه جمهوره - على الصعيدين الفني والشخصي.
يخوض هاني شاكر، نقيب المهن الموسيقية المصرية، حروباً شرسة مع الموجات الغنائية الهابطة، للارتقاء بالفن المصري الذي عرفناه قديماً. ويطبق شاكر السياسة والمنهج الذي يتبعه كنقيب للموسيقيين، على هاني الفنان أيضاً، فهو مؤمن أن الفن وسيلة هامة في تكوين وعي الإنسان بالقضايا المتعلقة بالإنسانية والوطن والحب والوفاء والصدق والغدر والخيانة. فأغانيه تخاطب الوجدان بالكلمة واللحن.
أشار شاكر إلى أن رسالته كنقيب للموسيقيين تتفق مع رسالة وزارة الثقافة المصرية، في محاربة الإسفاف والأفكار المتطرفة. مؤكداً أن الفن الهابط أشد خطورة على أولادنا من المخدرات.التقينا نقيب الموسيقيين هاني شاكر ودار بيننا الحوار التالي:

لنبدأ معك من مهرجان الموسيقى العربية، رغم الأجواء غير الصحية التي فرضها كورونا لكن حرصت على المشاركة في دورته التاسعة والعشرين. فما أهمية المهرجانات الغنائية بشكل عام؟

المهرجانات الغنائية بشكل عام سواء الموسيقى العربية بمصر، أو جرش بالأردن، أو موازين بالمغرب، وغيرها من المهرجانات الغنائية الأخرى، هي سلاحنا لردع التيارات الغنائية الهابطة السائدة على الساحة، وإذا تحدثت عن مهرجان الموسيقى العربية، الذي يعقد بدار الأوبرا المصرية، فهو رسالة تهدف إلى تعريف العالم وتذكير الجمهور العربي برموزنا الفنية الكبيرة الذين أثروا الفن بإبداعاتهم وإسهاماتهم، بعيداً عن الإسفاف الذي يعرض على الساحة، إلى جانب أنه يملك تاريخاً طويلاً وصيتاً جيداً عربياً وعالمياً، ويحظى باحترام كبير وغالباً ما يستقبل شخصيات مرموقة وشهيرة من مختلف أنحاء العالم والتي تحضر لمتابعة فعالياته التي تستمر لـ10 أيام وأكثر، يتم خلالها دعوة عدد كبير من الفنانين والموسيقيين من مختلف الجنسيات، والذين يحضرون لتقديم تراث بلدهم الفني وموسيقاهم التقليدية، لذا كنت حريصاً على المشاركة فيه هذا العام رغم الظروف غير الصحية التي فرضها فيروس كورونا.


هل ترى أن الجمهور العربي في أمسّ الحاجة للمهرجانات الغنائية التي تبث روح الأمل خاصة في هذه الظروف الاستثنائية التي يعيشها العالم بسبب كورونا؟

بالتأكيد، الموسيقى لها سحر خاص على المتلقي، وعلينا كفنانين أيضاً، فهي قادرة على إحياء الأمل من جديد، لهذا حرصت وزارة الثقافة المصرية بقيادة الدكتورة إيناس عبد الدايم، على إطلاق المهرجان في موعده وعدم إرجائه مثلما فعلت أغلب دول العالم، في محاولة لمساعدة الجمهور على استرداد حياته الطبيعية تدريجياً بعد أن غيرت كورونا معالم ونمط حياتنا.

كيف أخذت احتياطاتك الوقائية لتجنب الإصابة بفيروس كورونا؟

في الحقيقة المسؤولون في وزارة الثقافة ودار الأوبرا المصرية اتخذوا كل الإجراءات الوقائية التي تكفل الحماية للفنانين والجمهور الحاضر، فقد تم تشييد مسرح مكشوف جديد "النافورة" بديكورات مذهلة ومبهرة، إلى جانب بوابات التعقيم الذاتية، مع جهاز لكشف درجة حرارة الحاضرين قبل دخولهم ساحة المسرح، مع التشديد على ارتداء الكمامات الطبية.

تابعي المزيد:هاني شاكر يغني "بنت الجيران" بطريقة ساخرة


الاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا


هاني شاكر يخوض حروباً شرسة مع أصحاب التيارات الغنائية الهابطة. إلى أين وصلت؟

أنا لست ضد التطوير الموسيقي مثلما يزعم البعض، فالموسيقى الرائعة قادرة على أن تنقلك من غرفتك إلى زمن آخر، إلى حالة أخرى، إلى عصر آخر. وبمرور الوقت تحولت الموسيقى من مجرد نغمات منتظمة إلى عالم كامل، إلى ألوان وأنواع عديدة ومتنوعة، وتطورت الموسيقى الشرقية كثيراً بالتزامن مع ظهور ألوان عديدة من الموسيقى الغربية مثل الميتال والترانس بجانب ألوان من الموسيقى أخذها العرب عن الغرب مثل موسيقى البوب والراب. والفنان المتميز هو القادر على مواكبة التغيير والتطوير. وأنا فعلت ذلك أيضاً لكي أحافظ على نجوميتي، مع الحفاظ على جمال الكلمة واللحن. لكن ما يتبعه أنصاف الموهوبين لا علاقة له بالتجديد ولا التطوير، فهم فئة خرجت للنور بمساعدة اليوتيوب بألفاظ بذيئة وخارجة ومحسوبون على الفن المصري، لذا كان عليّ كنقيب أن أوقف هذه المهازل التي تعترض طريق الفن الحقيقي.

ولكن هذه النوعية من الأغاني الهابطة تصدرت الترند. ما تعليقك؟


الأغنية الناجحة لا تحددها الأرقام، بل يرددها الناس والشارع تلقائياً.

ومن الذي يساعد هاني شاكر في هذه الحرب؟


وزارة الثقافة المصرية التي تخوض معركة وعي بالثقافة والفنون، ودار الأوبرا المصرية، التي تحرض على إقامة حفلات ومواسم غنائية تقدم محتوى فنياً راقياً، وكل فنان مؤمن برسالة الفن.

هل ترى أن الإنترنت ساعد على انتشار الأغاني الرديئة؟

الاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا ساهم في ظهور هذه النوعية من الموجات، وفي ضياع هوية الأغنية العربية بشكل عام، بعدما تم الاستعاضة بالعازفين بالنقرات الموسيقية الإلكترونية.

رفضك للموجات الغنائية السائدة كفنان هل تضاعف بعد تنصيبك نقيباً للموسيقيين؟

بالتأكيد، أعيش في حالة قلق دائم على مستقبل الأغنية المصرية، منصبي كنقيب للموسيقيين شغلني عن الفنان بداخلي.

وكيف حافظ الفنان هاني شاكر على شعبيته الكبيرة في الوطن العربي؟


أجتهد في البحث عن موضوعات جديدة ومختلفة عن النمط الموجود بالسوق؛ لأن مرحلة الأرقام والتباهي بالنجاح اجتزتها من زمان.


وما الخطوات التي تتخذها كنقيب للموسيقيين للحفاظ على صحة الغناء؟


تم تشكيل لجنة منذ أكثر من 10 أيام، مؤلفة من كبار الملحنين والموسيقيين مثل الدكتور أمجد العطافي، والدكتورة جيهان مرسي، والملحن صلاح الشرنوبي، وغيرهم من الموسيقيين الكبار لاعتماد نتيجة الامتحان الذي تقدم إليه عدد من الوجوه الجديدة مثل عمرو كمال وحسن شاكوش، بحيادية شديدة، وعلى من يجتاز الاختبار بنجاح يحصل على عضوية أو تصريح بالغناء مختومًا بختم النقابة؛ لأن الفن رسالة وليس مهنة عادية لكسب المال، لذا أرفض أن يمارس أي شخص هذه المهنة تحت جناح النقابة.



تجربتي في The Voice Senior

ساهمت في تحقيق حلم النجومية لمواهب تخطّت الستّين في برنامجThe Voice Senior الذي انطلق عبر شاشة MBC، صف لنا التجربة وهل كان الحمل ثقيلاً في لحظات الاختيار؟

من التجارب الممتعة التي استمتعت بها، لأنها أتاحت لنا فرصة اللقاء بنجوم ومواهب كبيرة في السن، لم تحظَ بشهرة تستحقها في الماضي ولطالما تمنّتها، بعضهم لم يسبق له وأن خاض غمار التحدي، والبعض الآخر أنهكه التحدي فقرّر اختصار الطريق والبقاء في البيت، إلى أن جاء هذا البرنامج اليوم ليعيد إحياء الحلم القديم. تفاجأت بكم الأصوات المشاركة وهو ما جعل الحمل ثقيلاً في لحظات الاختيار.

المشاركون في البرنامج جيل يتمتع بثقافة موسيقية وفنية عالية. هل سبّب لك هذا الأمر بعض الإرباك وزاد من المسؤولية؟

المسؤولية بالفعل كانت كبيرة؛ لأننا أمام جيل مخضرم فنياً، يدركون قيمة الموسيقى، ويتمتعون بثقافة فنية عالية، بعضهم يعمل في المجال، لذا لم أتعامل مع المواهب كـ"حَكم"، وإنما مرشد أو موجه لهم، كنت أمنحهم الثقة بالنفس قبل كل شيء، ومن ثم أشاركهم في اختيار أغانٍ تناسب حجم وطبقة أصواتهم.

هل نجحت في استمالة جميع الأصوات التي لفتت انتباهك؟

إلى حدٍّ ما. فقدتُ أكثر من صوت وفِّق بهم زملائي الآخرون نجوى كرم وسميرة سعيد وملحم زين.

وكيف كانت الكواليس بينكم كمدربين؟

ممتعة جداً ومريحة إلى حدٍّ بعيد، فتربطني صداقة قوية بكل من سميرة سعيد، وملحم زين، ونجوى كرم، تعاملنا بروح الفريق الواحد، وهو ما انعكس إيجاباً على جو البرنامج، ورغم أن المنافسة كانت شرسة لكنها شريفة وكان هدفنا جميعاً أن نقدم للجمهور شيئاً ممتعاً ومواهب لم يحالفها الحظ في الظهور والانتشار رغم موهبتهم الكبيرة.

تعرّض البرنامج لانتقادات في البداية كونه يخاطب جيلاً من الموهوبين لم يتمكنوا من تحقيق حلمهم في الصغر بسبب ضعف إمكانياتهم وآخرين فقدوا صوتهم مع السن. ما رأيك؟

أعتقد أنه بعد عرض البرنامج، الجمهور تأكد أن هذه المواهب لم تفقد أصواتها وإمكانياتها الفنية، السن لا علاقة له بالموهبة، هناك فنانون كبار مازالوا قادرين على العطاء الفني لآخر لحظة في عمرهم، وهناك أمثلة عديدة مثل الفنان الكبير وديع الصافي، والشحرورة صباح، ووردة، الفنان في الكبر يزداد خبرة سواء في اختيار الأغاني التي تليق عليه، أو في الأداء. ولقد فوجئنا بالأصوات المشاركة على المسرح وطاقاتها الإيجابية ومقدرتها الفنية الكبيرة.

برأيك، هل ستكون النسخة المخصصة للكبار، الأبرز بين نسخات The Voice ؟

من وجهة نظري أراها نسخة استثنائية، لأنها تسلط الضوء على مواهب ثقيلة فنية لم يحالفها الحظ في الظهور والانتشار في السابق، البرنامج يحيي حلماً قديماً لموهوبين حقيقيين.

أعلنت مرة عن خوض تجربة التمثيل. إلى أين وصلت التحضيرات الخاصة بالمشروع الفني الجديد؟

المشروع قائم، ولكن كورونا عطلتنا كثيراً، لذا تم إرجاء المشروع بسبب الظروف التي صنعها فيروس كوفيد 19، ولكن سوف نستأنف العمل مرة أخرى بعد عودة الحياة لطبيعتها.

ماذا تطمح من خلال منصبك كنقيب للموسيقيين؟

عودة حصص الموسيقى للمدارس لتأهيل الطلاب موسيقياً والارتقاء بذائقتهم الفنية، أن يكون هناك دور رقابي أكثر من ذلك على نوعية الأغاني التي تقدم للجمهور حرصاً منا على حماية الجمهور من الكلمات الرديئة والمبتذلة.


نمط حياتي كلّه تغيَّر


كيف أثّرت جائحة "كورونا" عليك وكيف تمضي أيامك في ظل الحجر الصحي؟

كورونا أصابت المجتمعات بشلل، فبعد أن كنت رهين أجندة يومية خاصة، يمرّ يومي الآن دون جدوى، ولا أخرج من المنزل سوى لزيارة الأهل، كما أن نشاطاتي الفنية معلّقة، مؤخراً بدأت في استرداد حياتي الطبيعية بشكل تدريجي.

هل سبّب لك الفيروس وسواساً؟

في البداية كنت أشعر بقلق حياله، ولكني لا أخشى الإصابة به، إنما أخاف على صحة عائلتي وأحفادي منه.

ما أكثر ما أثّر فيك في هذه المحنة؟

نمط حياتي كلّه تغيَّر، فأنا معتاد على أن أسافر بكثرة، وكنت أمضي أوقاتي بين الحفلات والتسجيلات والتصوير. الأمور تبدّلت بالكامل، كما أن ضحايا "كورونا" يؤثرون بي، الأمور ذهبت في مَنْحَى لم يكن في الحسبان.


شاركت بـ"ديو" غنائي جديد مع الفنان أحمد سعد. كيف تقيّم التجربة؟

تجربة جديدة ومختلفة ومميزة أيضاً، ويعدّ "الديو" هو أول تعاون بيننا، وتم العمل عليه منذ فترة.


وما الجديد لديك؟


تعاونت للمرة الأولى مع صديقي وحبيبي الفنان اللبناني وليد توفيق في أغنية جديدة بعنوان "كيف بتنسي"، فهي من ألحانه وكلمات الشاعرة اللبنانية نادين الأسعد، والأغنية أغنيها باللهجة اللبنانية للمرة الأولى.