5 صور

كشفت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة عن تفاصيل أعمال الترميم والصيانة الجارية في قصر الحصن، المبنى التاريخي الأكثر أهمية في أبوظبي. وتهدف الهيئة من خلال هذا المشروع إلى استعادة التصاميم المعمارية للقصر، وشكله الأثري؛ لإبراز أصالة تاريخ أبوظبي، والتأكيد على مكانتها في الماضي؛ وصولاً إلى ما هي عليه من تقدم ونهضة وعمران في وقتنا الحاضر.

ويعد قصر الحصن، الذي بُني في منتصف القرن الثامن عشر، ويخضع في الوقت الحالي لمشروع متكامل للتطوير والترميم والصيانة، رمزاً لنشأة أبوظبي، ومثالاً للشموخ والإباء، وأيقونة تاريخية تمثل الثقافة الإماراتية وتقاليدها العريقة.

وقد اجتمع فريق يتضمن عدداً من أبرز المؤرخين والمهندسين المعماريين، وخبراء الترميم للعمل في هذا المشروع، وذلك لإزالة الطبقة البيضاء السميكة المكونة من الجبس والإسمنت، والتي أضيفت إلى جدران القصر في ثمانينيات القرن الماضي؛ لإبراز الأحجار المرجانية والبحرية والتي كانت من أهم مواد البناء التي كان يستخدمها الإماراتيون في الماضي.

وتتجلى أهمية أعمال الترميم في منع الرطوبة من الوصول إلى سطح الحجر المرجاني الذي يقع تحت الطبقة البيضاء التي أضيفت قبل سنوات، خاصة وأن احتباس الرطوبة على سطح هذه الأحجار سيؤدي إلى تآكلها، ويتسبب بآثار ضارة ومؤذية على بنية المبنى التاريخي.

وسيحظى أبناء الإمارات والمقيمون على أرضها وزوارها أيضاً قريباً بفرصة للاطلاع عن كثب على أعمال الترميم الجارية في القصر، باعتبار أن بعض أقسامه بما في ذلك ردهة القصر ومبنى القلعة القديمة، ستكون مفتوحة للزوار من خلال جولات تعريفية وتثقيفية بمرافقة مرشدين أثناء انعقاد فعاليات مهرجان قصر الحصن السنوي الذي يقام تحت رعاية الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وذلك من 20 فبراير إلى 1 مارس 2014. وسيتمكن زائرو المهرجان السنوي، الذي تتولى تنظيمه هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، من الاطلاع على أعمال الترميم التي يخضع لها المبنى.

وكانت قبائل بني ياس في أبوظبي قد أنشأت قصر الحصن في منتصف القرن الثامن عشر؛ ليكون برج مراقبة مبنياً من الحجارة البحرية والمرجانية، وليساهم في تأمين خطوط التجارة الساحلية، ولحماية المنطقة التي استقطبت الكثير من السكان الذين استقروا فيها حول مصادر المياه التي اكتشفتها القبائل في الجزيرة.

أضحى قصر الحصن بعد ذلك مقراً لإقامة أجيال متعاقبة من أسرة آل نهيان الحاكمة. وأدرك الشيوخ الكرام الذين تولوا الحكم مدى الأهمية الاستراتيجية والرمزية التي تتمتع بها القلعة، حيث قاموا ببناء تحصينات منيعة وجدران خارجية ومبان إدارية، ومساكن لإقامة الأسرة الحاكمة؛ لتتميز القلعة في نهاية الأمر بمظهرها الجميل الذي تبدو عليه الآن.

وفي كل مرحلة من مراحل أعمال التوسعة التي نفذت خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، استخدم عمال البناء الأحجار المرجانية والبحرية والتي جمعوها من قاع الخليج والشعاب المرجانية. وقد ثبتت الأحجار مع بعضها بواسطة خليط مصنوع من المرجان المطحون والأصداف المكسرة. وسيساهم مشروع الترميم في إعادة إظهار الشكل الأصلي للمبنى بعد إزالة الطبقات التي تغطيه.

ومن أبرز المظاهر البارعة التي يتميز بها البناء هو البارجيل، وهو نظام التكييف والتهوية التقليدي والفعال، والذي يعد من أقدم الأساليب المتبعة لهذا الغرض. ويتكون النظام من أقواس متراجعة في الجدران الخارجية توجه النسائم البحرية من الخارج إلى داخل الغرف عن طريق ممرات ضيقة خاصة. ومن أبرز الأقسام التي ستتضمنها أعمال الترميم هو استعراض شبكة التهوية والتكييف هذه أمام الزائرين وتعريفهم على الأساليب الذكية والمميزة التي استخدمها سكان المنطقة في أعمال البناء في السابق.

وبسبب تاريخ قصر الحصن وأهميته الكبيرة بالنسبة لأبوظبي، فقد توجب أن تتم أعمال الترميم بعناية وتأنٍّ إلى أقصى الحدود؛ لتجنب أي ضرر قد تتعرض له بنية القصر الأصلية، وخاصة برج المراقبة الأقدم والذي يصفه بيتر شيهان بأنه «أكبر تحدٍّ بالنسبة للمهندسين المعماريين وخبراء الترميم»؛ من أجل الحفاظ على البناء الأصلي وأسلوب العمارة المميز.

وسيتمكن مواطنو دولة الإمارات، والمقيمون فيها، والزائرون من الاطلاع على أعمال الترميم خلال فعاليات مهرجان قصر الحصن الذي يقام تأكيداً على الأهمية التاريخية للمبنى، واحتفاءً بالتراث والثقافة الإماراتية على مدى قرون من الزمن. يستمر المهرجان لمدة عشرة أيام من 20 فبراير، وحتى 1 مارس.