زراعة الزيتون في السعودية إنجاز وطني وتشجيع سياحي

3 صور

تعدُّ أشجار الزيتون من الأشجار المعمِّرة، وتُعرفُ بمقاومتها للأمراض التي تصيب المحاصيل والطقس البارد، وتنتشر زراعتها كثيراً في حوض البحر الأبيض المتوسط، ومؤخراً دخلت زراعتها السعودية بغرض تحويل الزراعة التقليدية إلى زراعة مستدامة عبر زراعة أشجار الزيتون المكثفة عام 2007 في منطقة الجوف لسد استهلاكها المحلي.

واليوم، تمتلك السعودية أكثر من 20 مليون شجرة زيتون، وتضمُّ أكبر مزرعة زيتون عضوي في العالم، كما تعدُّ موطناً لثلاثة من أكبر بساتين الزيتون الحديثة في العالم من حيث الكثافة والأبعاد وتقنيات الزراعة الميكانيكية بالكامل، ويوجَّه ما يقرب من 80% من زراعة الزيتون في البلاد نحو إنتاج زيت الزيتون، و20% لزيتون المائدة.

وتُعرف منطقة الجوف، الواقعة شمالاً على الحدود مع الأردن، بأنها موطن الزيتون في السعودية، وإحدى أفضل الوجهات السياحية في البلاد. وتعود بداية زراعة أشجار الزيتون في الجوف إلى عام 1980 عندما بدأت الشركات الزراعية في العمل على زراعة هذه الشجرة لتكون مصدَّات رياحٍ لحماية أشجار الفاكهة، لكنَّ ذلك تغيَّر مع الوقت، حيث تبيَّن لها مدى غزارة وقوة إنتاج الزيتون في المنطقة، لتصبح الشجرة من الأشجار المثمرة لكن بأعداد بسيطة.

وتعود البداية الحقيقية لزراعة الزيتون في المنطقة إلى عام 2009، حيث توسعت بشكلٍ لافت، لتصل اليوم إلى أكثر من 18 مليون شجرة زيتون، مع أكبر مزرعة زيتون في العالم، تنتج سنوياً عشرة آلاف طن من أجود أنواع زيت الزيتون.

ونالت منطقة الجوف حضوراً عالمياً بدخولها موسوعة جينيس للأرقام القياسية بأكبر عددٍ لأشجار الزيتون في العالم في بستان واحد، بعد منافسة مع تشيلي وأمريكا وتونس. وحققت "الجوف الزراعية" بمشروعها المتصل الرقم القياسي العالمي في أكبر حيازة زراعية تحوي أشجار الزيتون بخمسة ملايين شجرة، تمت زراعتها على مساحة 7350 هكتاراً.

وكشفت موسوعة جينيس عن أنها ذهلت من حجم زراعة الزيتون في منطقة الجوف، مبينةً أنها شكَّلت فريقاً للإشراف على مزارع المنطقة، التي تزرع فيها أشجار الزيتون باستخدام الطريقة المكثفة، وتساعد في رفع معدل الاستثمار.

وقد سجلت السعودية الرقم القياسي في مجال زراعة أشجار الزيتون، بما يتوافق مع حملات ترشيد المياه، إذ إن جميع عمليات الري تتم وفق آليات الترشيد، وبزراعة التنقيط المعتمدة في أغلب مزارع الزيتون الحديثة، خاصةً أن شجرة الزيتون لا تستهلك كميةً كبيرة من المياه، فالهكتار الواحد منها يحتاج إلى ستة آلاف متر مكعب من الماء، وهي من أكثر الغرسات التي تتحمل الجفاف ونسبة الملوحة، وتسقى عن طريق الري بالتنقيط

ويتم استخدام الطريقة المكثفة لزراعة الزيتون في الجوف، ومن مميزاتها استغلال وحدة المساحة، والحصاد الآلي، ويضم الهكتار الواحد 1600 شجرة، تسقى عن طريق الري بالتنقيط، وتستخدم فيها أحدث التقنيات في العالم في الحصاد والمناولة والمعالجة.

ويشير الخبراء إلى أن طريقة الزراعة المكثفة تقلل من تكلفة الري، فزيادة عدد الأشجار في الهكتار تؤدي إلى انخفاض تكلفة شبكة الري بالهكتار، وفي الوقت الذي تحتاج فيه شجرة الزيتون بالطريقة التقليدية إلى أكثر من 80 لتراً من المياه وقت الذروة، تحتاج شجرة الزيتون بالطريقة المكثفة إلى 30 لتراً خلال فترة الصيف.

ويقام في الجوف منذ مطلع عام 2008 مهرجان الزيتون السنوي، الذي صنع هويةً للمنطقة في هذا المنتج، ويعرض إنتاج الأفراد والشركات في الجوف من الزيتون بكافة أشكاله، ويضم مجموعةً متنوعة من الفعاليات الثقافية والاجتماعية والترفيهية والتعليمية، بما في ذلك المسابقات الفنية والندوات حول زراعة الزيتون.

وتعوِّل المنطقة على أن تثري صناعة الزيتون في السعودية، وتسهم في تحريك المجالات الاقتصادية والتجارية للسكان المحليين، وخلق فرصٍ تجارية، وفرص عملٍ لأبناء الجوف بعد التوسع في زراعة الزيتون بشكل لافت.

وقد اتخذت أمانة الجوف غصن الزيتون المثمر شعاراً في أحد الميادين العامة في المنطقة كرمز من رموزها التي بدأت تنعشها تجارة الزيتون وزراعته.

وفي الفترة الأخيرة، امتدت زراعة الزيتون في السعودية بشكل محدود إلى منطقة عسير، حيث ساعدت طبيعتها الجغرافية، وغزارة أمطارها، وتربتها البركانية في نجاح هذه الزراعة.

وشهدت المنطقة قبل 30 عاماً عصر أول طن من الزيتون، أنتج فيها، ولقيت زراعة الشجرة إقبالاً جيداً من أبنائها لما لها من مردود اقتصادي كبير، حيث تنتج الشجرة الواحدة في منطقة عسير ما بين 50 إلى 150 كيلوجراماً سنوياً، ويزرع الزيتون أيضاً في السراة وتهامة والنماص، وتشير الدراسات إلى أن شجرة الزيتون موجودة في المنطقة منذ القدم، وكانت تسمَّى شجرة العتم "الزيتون البري"، وزُرعت أيضاً بشكل محدود جداً في منطقة الباحة.

وحالياً، تعدُّ زراعة أشجار الزيتون خياراً إستراتيجياً، يتماشى مع مستهدفات "الرؤية السعودية 2030" نحو تحقيق الاكتفاء الغذائي، ولتصبح رافداً اقتصادياً وطنياً محفزاً على الاستثمار، فضلاً على أثرها البيئي في زيادة الغطاء النباتي، وتحسين المناخ ومقاومة التصحر.