الأسر العربية في رمضان 2022 لا للهدر والإسراف .. ونعم للسعادة الاجتماعية

الأسر العربية في رمضان 2022 لا للهدر والإسراف .. ونعم للسعادة الاجتماعية
الأسر العربية في رمضان 2022 لا للهدر والإسراف .. ونعم للسعادة الاجتماعية

تستعد الأسر العربية لاستقبال شهر رمضان المبارك، بعد عامين تفشَّت فيهما جائحة كورونا في كل دول العالم، وأخفت مظاهر الاحتفاء بالشهر الكريم، نتيجة التزام الجميع بتطبيق إجراءات التباعد، والتقليل من الزيارات +، والابتعاد عن الأسواق. وعلى الرغم من تراجع حدة الجائحة، إلا أن كثيرين يشكُّون في عودة المظاهر القديمة كما كانت في رمضان المقبل، ويتساءل بعضهم حول حماس الأسر لعقد الجمعات العائلية، خاصةً مع تراجع الوضع المالي بعد كورونا. «سيدتي» التقت عدداً من الأسر العربية، وسألت أفرادها عن تحضيراتهم لشهر رمضان، ومدى تأثير الجائحة في عاداتهم خلال الشهر الكريم.




أعدت الملف من دبي | لينا الحوراني Lina Alhorani
الرياض | يارا طاهر Yata Taher
جدة | ثناء المحمد Thana Al Mohammed
البحرين | عواطف الثنيان Awatif Althinayan
بيروت | عفت شهاب الدين Ifate Shehabdine
المغرب | سميرة مغداد Samira Maghdad
تونس | مُنية كوّاش Monia Kaouach
القاهرة | أيمن خطاب Ayman khatab


 

 


من الرياض

المعتصم طرابزوني:التجمعات مختصرة على المقربين

 

 

 


يتذكر المعتصم، مؤثر ومقدم برامج ويوتيوبر سعودي، خلو الشوارع والأماكن العامة في رمضان 2020 و2021، من روادها، هذا الأمر الذي لم يكن اعتيادياً. بعد تراجع حدة الجائحة هذا العام، قرر المعتصم، وزوجته رزان، أن يستقبلا رمضان هذا العام كما قبل تفشي كورونا، بدءاً من تزيين المنزل، والعزائم، وتجهيز اللباس الخاص بالشهر الكريم، يتابع: «تسيطر مشاعر الاشتياق لأجواء الشهر في المنازل، وتنهمك الأسر في التحضير لاستقبال الشهر الفضيل». وتطرق كذلك إلى العزائم والتجمعات العائلية المقبلة في رمضان 2022 بالقول: «العزائم جزءٌ أصيل من عاداتنا، نشأنا عليها منذ الصغر؛ لذا ستستمر في رمضان المقبل، ومن جهتي، قررت وعائلتي اتباع نظامٍ جديدٍ بتخفيف الاجتماعات الكبيرة، والاكتفاء بالاجتماع مع المقرّبين».

الوضع اختلف!
في السابق، كانت الوليمة في بيوت خالات المعتصم وأقاربه بالتناوب، الجميع يحتفل باللمة في منزله، يستدرك: «الوضع اختلف حالياً، حيث يتم إقامة وليمة كبيرة لجميع أفراد العائلة في رمضان، بينما تكون بقية الولائم صغيرة، ولا تتعدى المحيط العائلي، أصدقكم القول إن التوفير سببٌ وراء التوجه الجديد، خاصةً أن الوضع المالي تأثر كثيراً خلال الأزمة، والشاطر هو الذي يضع خطةً لإدارة المخاطر في مشروعه، أو عمله، أو أي مناسبة في حياته، كيلا تتأثر بشكل سلبي».

 

 

من جدّة

مازن إكرامي وزوجته دارين إسكندر: حياتنا مستقرة بسبب الوعي المالي

 

 

 

 

من وجهة نظر المهندسة دارين إسكندر، أن المجتمع الشرقي بشكل عام، والمجتمع السعودي بشكل خاص، مبني على التواصل الأسري، على العكس من المجتمع الغربي الذي يتميز بثقافته الفردية. تأمل دارين أن تعود التجمعات والزيارات في رمضان، فهذا ما يميز الشهر الكريم عن باقي الأشهر، تستدرك: «العودة ستكون بحذر ووعي صحي ووقائي، كالحرص على النظافة وترك المسافات بين الأشخاص». تحدثت دارين عن أن المصروفات المادية المرتبطة بالتجهيزات لشهر رمضان، من تحف وفوانيس وأثاث ومواد غذائية، المبالغ بشرائها، ستقل، تعلّق: لكن سنظل نحتفظ بزينة رمضان والفوانيس، وكل تلك الطقوس المرتبطة به.

امتلكوا الوعي الاستهلاكي
أما زوجها الإعلامي مازن إكرامي، فيكشف أنه مر بأزمة مالية كبيرة بسبب الجائحة، يستدرك: «زوجتي كانت حكيمة، وهي ليست متطلبة، فعندها وعي استهلاكي، ما جعل حياتنا الزوجية مريحة ومستقرة، وهذا حال الكثير من البيوت، حيث قلّت نسب الطلاق، جائحة كورونا كانت درساً للجميع». ينصح مازن كل الشباب والشابات، بامتلاك وعي استهلاكي، والاستغناء عن المتطلبات الزائدة عن حاجتهم، ليصبحوا أكثر راحة في قناعتهم..

 

 

من دبي

د. عيسى البستكي:الإنسان مجموعة حواس لا تعمل عن بعد

 

 

 


 

تطرق الدكتور عيسى البستكي، رئيس جامعة دبي، إلى الأثر السلبي الكبير الذي تركته جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي، لكن برأيه، أن الإيجابيات كانت كبيرة، وأهمها التطور التكنولوجي الذي اقتحم الجائحة وكأنها لم تكن. بدا الدكتور عيسى متفائلاً، فالأثر الإيجابي، كما يرى، سيكون كبيراً جداً بعد انتهاء الجائحة. يتابع: «الناس لم يصدقوا عندما فتحت أمامهم أبواب التواصل الحسي، فبدأت الاجتماعات بين العائلات والأقران والأصدقاء في الإمارات، الإماراتيون يحبون التجمعات الحضورية، في الفترة الماضية كنّا كعائلة كبيرة نجتمع على الزوم، لكننا عدنا للاجتماعات التي تشعرنا بحرارة الآخر، فالإنسان كله حواس، الشم والسمع والنظر واللمس والتذوق، وهذه لا يمكن تطبيقها عن بعد، لقد كان الأمر صعباً علينا في السنتين الماضيتين». يتوقع الدكتور عيسى في الشهر القادم حدوث انفتاح كبير، ويبرر ذلك قائلاً: «كلنا مُطعّمون، في مجتمع الإمارات، تجاوز عدد الذين تطعموا 3 مرات الـ90 % وهذا يسهل أن يكون التواصل كاملاً، لهذا السبب أنا متفائل بتجمع الأسر في رمضان القادم».

السعادة الاجتماعية
تحدث الدكتور عيسى عن فضائل هذا الشهر في العبادات وصلة الرحم، واستدرك: «الإنسان اشتاق إلى أن يكون قريباً ممن يحب، يذهب إلى المسجد، ويزور أخاه، وصديقه، هذا التواصل يحقق سعادة طبيعية، تزيد من إنتاجية الفرد.. تحقيق السعادة لا يأتي من النجاحات المجردة، بل الاجتماعية والحسية، فالشهر القادم، سيكون انفتاحاً مباركاً إن شاء الله».
اقتصادياً تطرق الدكتور عيسى إلى خسارة الأسواق والفنادق والطيران حول العالم أيام كورونا، يتابع: «حتى الوظائف خسرها أصحابها، في السنة الأولى، لكن الظروف تحسنت في السنة الثانية، وأنا أتوقع تحسناً كبيراً في الاقتصاد في الفترة القادمة، وعودة الناس إلى وظائفهم، الذين سيضخون عملة في الأسواق، وكل القطاعات ستستفيد بدءاً من رمضان القادم».

 

 

من البحرين

فاطمة محمد:فخ الإسراف في رمضان

 

 




العادات الرمضانية سوف تعود، والمساجد سوف تفتح أبوابها للمصلين، وستمد الموائد لجموع الصائمين للإفطار بالتمر واللبن.
تبادل الأطباق الرمضانية الشعبية سوف يعود، برأي فاطمة، ربة منزل، وبعض الناس لن يتوخوا الحذر، وقد تصبح هناك فوضى في التجمعات العائلية نهاية الأسبوع، أو عند التسوق في الأسواق، وفي المطاعم، تستدرك فاطمة: «أخشى أن نعود للحجر مجدداً، لذلك تعهدت على نفسي بعدم تبادل الأطباق في رمضان مع الجيران، لأحمي أسرتي من أي أمراض». تؤكد فاطمة أن الأوضاع الاقتصادية سوف تؤثر على شهر رمضان المبارك، خاصة وأن بعض الأعمال أفلست، وبعض الموظفين أو الموظفات أصبحوا عاطلين عن العمل ومن دون أجر، والبعض الآخر في وظائف بأجور زهيدة، تضيف: «على الأسر تقنين ميزانياتها، كل حسب ظروفه، فالغالبية يقعون في فخ التبذير والإسراف ورمي الطعام الفائض في القمامة، بالرغم من وجود جمعيات تقوم بتدوير الطعام لصالح الفقراء». يوافقها الرأي زوجها، علي الفردان، عن الصحوة المالية التي غيرت ثقافة المجتمع البحريني بعد أزمة كورونا، يستدرك: «الغالبية يفضلون التسوق الإلكتروني بضغطة زر؛ تجنباً للتزاحم في الأسواق». ختم علي حديثه بشكر ربه، الذي وهبه زوجة غير متطلبة، وتراعي ظروفه المادية، وتكتفي بالضروريات.

 

من بيروت


الشيف عبد الله خضر:تفرّغت للبيت، وتسلمت ملف الحلويات مع ولديّ

 

 

 



كورونا حجّة منطقية، قلّصت العادات الرمضانية، كما يجد الشيف عبد الله خضر (زوج ووالد لولدين: وليد ولانا)، ومع قدوم رمضان، فإن الكثير من البيوت فقد رجالها أو نساؤها أعمالهم بسبب الأزمة الاقتصادية. ما حصل جعل الجميع في صحوة مالية، يتابع الشيف عبد الله: «كانت التحضيرات والمشتريات تبدأ قبل شهرين، أما الآن فأصبح التحضير كالآتي: وضع اختيارات للطبق الرئيسي على مدار الشهر الكريم، مع إعادة بعض الأطباق أكثر من ثلاث مرات. أما الشوربة فأصبحت ترتكز على المغلّفات السريعة التحضير، وذلك لغلاء الخضار والبروتين. فيما تركزت المشتريات عند الأسر اللبنانية على الأساسيات؛ حيث نسيت الكماليات كالمكسّرات واللحوم اليومية والتفنّن بالمعجنات».

خسارة العمل
أصبحت مكعبات المرق هي البديل لإضافة الدسم على الطعام، والفول السوداني النيئ بديلاً للمكسّرات. وبالنسبة للدواجن فالفروج الذي كان يستخدم لطبخة واحدة أصبح يستخدم على طبختين، يتابع الشيف عبدالله: «مع خسارتي لعملي، ومساعدة زوجتي لي عبر بيع المستلزمات أونلاين، اضطررت للتفرّغ أكثر للبيت، مثلاً تسلمت ملف الحلويات والتنظيف بمساعدة الأولاد، وهذا الوضع أصبح شبه عام في الأسر اللبنانية، بسبب خسارة أحد الزوجين عمله». يجد الشيف عبد الله أن المطبخ هو قلب البيت، والكثير من الرجال باتوا يديرونه، حتى أصبحت الزوجة لا تعرف أين الأغراض، أو المواد الغذائية، يعلق: «إذا أرادت أن تستخدم شيئاً لا بد أن تسألني عن مكانه».

 

 

من المغرب

خديجة الشوييخ:رمضان بعد كورونا سيقوي التكافل الاجتماعي

 

 



الاستعداد لرمضان كان يمر بمراحل كثيرة، حيث كانت الأسر تستعد بإعادة صباغة البيت وتنظيف زواياه، ناهيك عن شراء حلويات رمضانية خاصة، أو إعدادها على أيدي الأمهات، طعم رمضان اختلف في السنوات الأخيرة، خصوصاً في زمن كورونا، التي لازلنا نعيش على إيقاع مخلفاتها نفسياً واجتماعياً واقتصادياً، كما تقول خديجة الشوييخ، ربة بيت، خريجة كلية العلوم القانونية بالرباط، وتتابع: «تداعيات غيرت سلوكنا الاستهلاكي اليومي، فالكثير من العائلات تضررت من الأزمة الاقتصادية التي سببتها كورونا. وخلال العامين الأخيرين في رمضان لم نستمتع بالزيارات العائلية والصلاة في المساجد وصلة الرحم».

المغربية حسنة التدبير
تحاول خديجة إيجاد طريقة للموازنة في تدبير مصروف البيت، تتابع: «مع كورونا كان التدبير أكثر، وقد حرصت كربة بيت أن أوفر لأبنائي غذاءً يقوي مناعتهم في الأزمة الماضية، أعتقد أن رمضان هذا العام سيكون أكثر بهجة، خاصة مع إعادة فتح المساجد وصلاة التراويح التي يقبل عليها النساء والرجال، لن تغير في اعتقادي كورونا في عادات المائدة الرمضانية وفقاً لإمكانيات كل عائلة. فالمرأة المغربية معروفة بحسن التدبير، ولن تدخر جهداً لتجعل من رمضان فرصة للمة جميلة، لتعيد لرمضان وهجه الذي افتقدناه». في الوقت نفسه تعتبر خديجة أن كورونا ناقوس خطر لكل العائلات ليلتزموا الحيطة، وتدعو إلى الادخار وتقليل المصاريف، تعلّق: «رمضان بعد كورونا سيقوي التكافل الاجتماعي وقيم التضامن؛ لأن الفيروس كان ديمقراطياً، جعل الجميع يشعر بالألم الواحد».

 

 

من تونس

سلمى مبارك:أتوق للعودة إلى اللمّة العائليّة

 

 

 



على الرغم من أن زوْج سلمى، مبارك، هو ربّان طائرة، وله دخل ماليّ مُحترم، إلا أنّ مُخلّفات جائحة ««كوفيد 19» نبّهتها لمساوئ التّبذير، وعلمتها الترشيد في طلباتها، تأهّباً لما قد يخبّئه المسْتقبل. تعيش سلمى بمنزل فسيح مع عائلة زوجها بالضّواحي الجنوبيّة لتونس العاصمة، وتأسف من الظروف التي غيّبت أجواء رمضان، في العامين الماضيين، بسبب «كورونا» تتابع: «خصوصاً التقاليد التي تقام في تونس العتيقة؛ حيث الأكلات الرّمضانيّة الأصيلة، حرمتني الجائحة من لقاء أحباّئي وأهلي، لكنني سأعود لدعوة الأقارب والأهل إلى مآدب الإفطار، وأعوّض ما فاتني في العامين الماضيين».

ربّ ضارّة نافعة
استغلّت سلمى ظروف «كورونا» التي أرغمتها على المكوث في البيت، وتعلمت فُنون الطّبخ، من خلال دورات عبر الإنترنت، وعن التحضيرات هذا العام تقول: «سأعيد دهن جدران غرف المنزل، ونغيّر المفروشات، ولا بد للعائلة التونسية أن تقتني المناديل المطرّزة (المنشية) والمكوية، وهي قطع أساسيّة لتزيين طاولة رمضان، كل هذا يدلّ على عراقة المرأة التّونسيّة، وذوقها الرفيع في ترتيب منزلها». تحرص عائلة سلمى، كما تقول، قبل حلول شهر رمضان أيضاً على التنقّل لسوق النّحاس بالمدينة العتيقة بتونس العاصمة لـ «قزدرة» أي (تلميع) الأواني النّحاسية، والفضّية التي ستزين المائدة، وينبعث البخور من بعضها، وفي البعض الآخر ماء الزّهر المعدّ للقهوة التركيّة، لسهرات رّمضانيّة ممتعة.
 

 

 

من مصر

مصطفى عبدالقادر:كنت مرتاحاً من المصاريف

 

 

 



خلال رمضان في العامين الماضيين، حدث بعض التغيير في عاداتنا أثناء الشهر الكريم، بسبب حالة الركود في العمل الذي توقف في المطاعم الخاصة، كما يقول مصطفى عبدالقادر، صاحب مطاعم ستريو. مع تلك الأجواء، التي فرضت التباعد الاجتماعي، وجد مصطفى نفسه، رفيق المطبخ، يدخله، ليعدّ أطباقه المتفرّدة بنفسه، يتابع: «الضائقة المالية، مرت على الجميع، حتى زوجتي اختلفت تماماً، وأصبحت فجأة غير مسرفة، كما أن الاجتماعات العائلية كانت شبه نادرة، بسبب حالة الخوف من الاختلاط والتجمعات، وهو ما ساعدنا ربما، على العيش برخاء داخل بيوتنا».

عودة حركة العمل
بعد مرور عامين وانتهاء الإجراءات الاحترازية، وبدء حركة العمل في جديد، يعبّر مصطفى عن سعادته بعودة العادات والتقاليد المصرية إلى طبيعتها، يتابع: «زوجتي أعدت قائمة عزائم الإفطار العائلية في المطعم، ورغم عودة الأعباء المالية، إلاّ أننا سنعيش روحانية الشهر من جديد، فالجائحة والإجراءات الاحترازية لم تمنع التواصل بين عائلتي الصغيرة والكبيرة، لكنها بصراحة أنقذتني من بعض الإنفاق المالي خلال كورونا، لكنه عاد مرة أخرى باندفاع كبير، وبشوق للمة العائلية».