بينالي للفنون الإسلامية يستكشف المعاني الروحية التي شكّلت الهوية الإسلامية

بينالي الفنون الإسلامية
بينالي الفنون الإسلامية - الصورة من الصفحة الرسمية للبينالي عبر تويتر
تظل العلاقة الأثيرة بين الفن والإيمان معين إبداعي لا ينضب، وبئر زاد فني لا ينفذ، يلجه القاصي والداني موغلًا في فضاءاته، ومستكشفًا خفاياه وأسراره، فعلى مدى قرون من تاريخنا الإسلامي المجيد أظهرت الفنون الإسلامية بكافة أشكالها وألوانها ومجالاتها زخمًا إبداعيًا تعبيريًا مدهشًا لم يرهقه عصف الزمان والمكان ولا تغيرات الأيام، ولم تؤثر فيه تقلبات الأحداث والأنواء

• "أول بيت" منصة تعكس تنوّع وزخم التجربة الإسلامية الفنية

لطالما ساهم الفن الإسلامي بدفقات رموزه التجريدية، وعناصر أيقوناته الروحية في تحرير الذائقة الإبداعية الفردية للفنان المسلم ليجد فضاءات إبداعية جديدة خصبة يستثمر فيها قدراته ويعبر من خلالها عن أفكاره وتطلعاته، وأسراره ومكنوناته، وفي نسخته الافتتاحية، عمل بينالي الفنون الإسلامية، والذي انطلق مؤخرًا تحت شعار "أول بيت"، لإبراز العديد من التجارب الفنية المدهشة لفنانين اتخذوا من الفن الإسلامي غاية وهدفًا يعبرون من خلاله عن مختلف حالاتهم الشعورية وتجاربهم الفنية عبر منصة تعكس تجربة الحجّاج القادمين من حول العالم من خلال التأمّل في تنوّع التجربة الإسلامية، حيث سعى المشاركون لإبراز تلك العلاقة الوثيقة بين الفن والإيمان بمختلف صورها الفنية والتشكيلية بما يتوافق مع مقتضيات العصر، حيث يجد الفنان الموتور بعشق الفن الإسلامي، تراكمًا ثقافيًا هائلاً متعدد المصادر، نتيجة ما يشهده زمننا الراهن من أشكال جديدة في التمظهر، وبسبب تطور الثقافة التكنولوجية، يسعى الفنان لإظهاره والإضاءة عليه حيث يمزج فنه الإسلامي التقليدي بتكنولوجيات العصر الفائقة الفنية والتشكيلية والحداثية، و من ثمّ يعمل البينالي على المقارنة بين إبداعات الفن المعاصر والآثار والمقتنيات المجموعة من العصور الإسلامية السابقة كتعبير عن هذا الشعور بالانتماء، سواءً على المستوى الشخصي والإنساني، أو على مستوى الكون اللامتناهي.

وللمزيد حول "أول بيت"تعرفي على أول بيت بجدة يجمع فيه مجموعة من الفنانين المسلمين

• استكشاف الهوية الإسلامية

وفقاً لوكالة الأنباء السعوديةـ "واس"، انطلق البينالي في دورته الأولى في صالة الحجاج مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة، (والتي تتميّز بتصميمها العريق الذي قامت به شركة سكيدمور، أووينغز وميريل عام 1981، وفاز بجائزة آغا خان للعمارة عام 1983. وترحّب هذه التحفة المعمارية سنوياً بملايين الحجاج المتوافدين لزيارة بيت الله الحرام من كل أقطار الأرض).
يقوم البينالي كحدث فني وثقافي وإبداعي عالمي بإحياء مختلف أشكال الحياة الثقافية والفكرية والفنية التي لازالت تستمد إلهامها وجذورها من أول بيت وُضع للناس، حيث يعمل هذا الحدث الفني على استكشاف المعاني التعبّدية التي شكّلت الهوية الإسلامية وصقلتْها منذ نشأتها وحتى هذا اليوم. وتتلخّص هذه المعاني في رمزيات الحركة والصوت والوجهات غير المرئية.
وباعتبارها مهد الإسلام، تتمتّع المملكة العربية السعودية بمكانة فريدة بوصفها الراعية للحرمين الشريفين والمواقع الدينية والتاريخية المحيطة بهما، كما أنها بيت المسلمين الجامع لهم مهما تعدّدت بلدانهم ومشاربهم. وتشير عبارة "أول بيت" إلى الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، والتي نتوجّه إليها في صلواتنا كل يوم وليلة، باعتبارها أطهر بقاع الأرض وإليك المزيد حول أنواع الفن الإسلامي

• بين الالهام والإبداع

حسب الموقع الرسمي للبينالي biennale.org.sa، يتمحور البينالي حول موضوعين رئيسيّين هما: القِبلة والهجرة. وهما معًا كمصدر إلهام إبداعي يقدمان حواراً متناغماً بين المواقع المقدسة وشعائر العبادات التي تلهم الفنانين المشاركين من كل أنحاء العالم لتصويرها وترجمتها، وتوثيق انعكاساتها على وجدان الفرد والجماعة

- القِبلة

يعمل الجزء الأول من البينالي نحو الاستقطاب الروحي الذي تجمعنا فيه عباداتنا اليومية كالصلاة، والسنوية كالحج. وفي مجموعة من صالات العرض المتتالية، يمكننا التأمّل في معاني عباداتنا عبر عدسة هذه المقتنيات الأثرية والأعمال الفنية المعاصرة. كما يبحث المعرض في اللحظات الأخيرة من حياة الإنسان، ويختتم بعرض قطعتين أثريّتين نفيستين تم جلبهما من جوف الكعبة.

- الهجرة

حسب الموقع السابق فالهجرة ترتبط نوع ما بالانتقال وما يثيره النزوح في عالمنا من معانٍ ترتبط بالضياع وفقدان المأوى، إلّا أنه يمكننا النظر إليها كفرصة للتأكيد على انتمائنا للبشرية جمعاء، وكونها جسرًا يربط بين الوطن الأم وجميع أوطان العالم.
يقام هذا الجزء من البينالي في رحاب صالة الحجاج في مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، ويقدِّم أعمالاً فنية صُنعت بتكليف خاص من مؤسسة بينالي الدرعية لتعكس موضوع الهجرة من عدة نواحٍ، بدءاً من التبادل الثقافي، ووصولاً إلى التمازج الثقافي الذي أسهمت مواسم الحج في جلبه للعالم الإسلامي.
يضم هذا الجزء جناحين يعرضان قطعاً أثرية نادرة من مكة المكرمة والمدينة المنورة، مع إبراز دور المملكة العربية السعودية كراعية لأكثر المواقع الإسلامية قدسيةً على الإطلاق. ويختتم البينالي في 23 أبريل 2023 القادم.

يذكر أن مؤسسة بينالي الدرعية كانت قد نظمت خلال الفترة من ديسمبر وحتى مارس الماضيين، الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر في حي جاكس بالدرعية، والذي كان أحد أكبر وأبرز الأحداث في مجال الفن المعاصر، ومنطلقاً للحوار والتبادل الثقافي والفني على مستوى العالم، إذ استضاف أكثر من 60 فناناً بارزاً من المملكة ومختلف أنحاء العالم، وزاره أكثر من 100 ألف شخص، وللتعرف على احتفالية أخرى بالفن الإسلامي فـ "اليُونسكُو" تحتفلُ باليوم العالمي للفنّ الإسلاميّ