ما رأي المعنفات بقرار تغريم الرجال؟

تعرضنا لنظام الحماية من الإيذاء، والذي أعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية عن تطبيقه مؤخراً بعد أن اعتمدت لائحته التنفيذية، وكان من المثير للجدل الإعلامي والقانوني أن نصت مواد هذا النظام على معاقبة الرجل إذا قام بضرب زوجته بدفع تعويض لا يتجاوز 50 ألف ريـال ولا يقل عن 5 آلاف ريـال، كما لم تقتصر العقوبة على التعويض فقط، وإنما تشمل السجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على عام، وتتضاعف العقوبة مع تكرار الضرب، فيما يُلغى هذا التعويض في حال إصابة الزوجة بعاهة أو توفيت بسبب الضرب لتصبح العقوبة كما هي مقررة شرعاً.

وقد أفاد عدد من الحقوقيين الشرعيين وفقاً لبعض الصحف السعودية أن وزارة الشؤون الاجتماعية جهة تنفيذية لا يحق لها سن الأنظمة والعقوبات، وأن العقوبات في هذا النوع من القضايا تخضع لتقدير القضاة الشرعيين في محكمة الأحوال الشخصية التي نص نظامها على الاختصاص في الدعاوى الناشئة من مسائل الأحوال الشخصية، إلا أننا سنسلط الضوء في هذا التحقيق على آراء وردود أفعال النساء اللواتي يتعرضن للعنف في المجتمع السعودي، وهل يعتبر القانون بارقة أمل وقشة يتعلقن بها أم أنه لن يقدم لهن أي جديد؟

تعنيف لفظي
بالنسبة لسما عبد الله التي استمرت  في عطائها المستمر لمدة 20 عاماً، حيث كانت تنفق على زوجها الفقير من دون مقابل، وقامت بدفع قيمة تعليمه وأسفاره، حتى بعد توظيفه كانت هي من تنفق على البيت، وعندما وجدت نتيجة ذلك زواجه من أخرى انهارت وقررت رفع قضية لاسترداد قيمة ما أنفقته عليه من دون جدوى، فكان نصيبها من زوجها أن مارس التعنيف اللفظي والنفسي عليها، وقام بالإساءة لها، وتسليط زوجته الجديدة عليها لكيدها وتعنيفها الدائم، مما جعلها تنهار وتتعرض لأزمة نفسية شديدة لم تخف وطأتها إلا حينما حصلت على طلاقها، هذه المرأة التي قامت بالتضحية قد تجد بعض الراحة إن استطاعت إثبات ما تعرضت له من أذى وعنف من خلال رسائل الجوال والرسائل الإلكترونية، وتمت الاستجابة لها ومعاقبة طليقها على إهانتها وتعنيفها لفظياً بدفع المبلغ المقرر. 

انعدام الرجولة 
أما ريم الشمسي فتتعرض لأقصى أنواع العنف من زوجها، لكنها لن تتمكن من الاستفادة من القرار من وجهة نظرها؛ لأن الزوج الذي انعدمت رجولته وتحجر قلبه لدرجة أنه أصبح يعتدي على زوجته لن تردعه غرامة مالية، ولن يتقبل الأمر، وستدفعه كرامته الغشيمة لمزيد من البطش والانتقام، وتضيف: "كما أن أهلي لن يقفوا بجانبي أبداً، فشكوى الزوج أو طلب الطلاق بمثابة الردة لديهم، فأين سأذهب بعد تقديمي للشكوى؟ وهل من المتوقع أن يدفع زوجي الغرامة ثم نعود للمنزل لنقضي ليلة سعيدة بعيداً عن العنف؟!
 
أمل قوي للمعنفات
وترى مراحب الهالي أن القانون يشكل أملاً قوياً للعديدات اللواتي يتعرضن لعنف شديد وضرب مبرح بسبب وبدون سبب، وأن القرار بحاجة لدعم مجتمعي كبير قائلة: "أتعجب حينما يأتي الاعتراض على هذا القرار من بعض النساء مهما كانت مبرراتهن، وأتمنى أن تضم جميع النساء أصواتهن إلينا، ففي هذا إنصاف لنا جميعاً، لكن أقول من خلال ردود الفعل التي أراها "من وُضعت يده بالماء البارد ليس كمن وُضعت يده في الماء الحار".
وتقول بوح القافي: "القرار جائر في حق المرأة المعنفة بالضرب؛ لأن هذا المبلغ تقرر أن يودع في حساب الحكومة، وهذا يعني امتلاء البنوك بالغرامات على حساب ضرب المرأة، والحسنة الوحيدة هي كف يد الرجل القاسي عن المرأة خوف خسارة ماله، ولكن هناك كلمات أقسى من السياط وأعنف، فأين الغرامة عليها؟! والحل ليس في الغرامة، بل بإنشاء جيل مهذب من الرجال".

الكرامة لا تعيدها الريالات
وتمثل رأي أم ريم بقولها: "قرار من الصعب جداً تطبيقه، والرجل يستطيع أن ينفذ من العقوبة بسهولة لسبب واحد، وهو أن المرأة هي الحلقة الأضعف في الموضوع"، متسائلة: هل ستعود العلاقة الزوجية إلى علاقة جيدة شعارها الحب وسياجها الاحترام أم ستكون مليئة بالتهديد من كلا الطرفين؟
وتوافقها نهى الجديبي الرأي فتقول: " هذه القرارات بالنسبة لي أمور تعصف بالأسرة وتزيد من الطلاق العاطفي، فأي كرامة تبقى وأي مودة وأي محبة بعدما أشكو زوجي ليدفع غرامة على ما فعل؟! وهل كرامتي كأنثى تعود بالرياﻻت؟!، مضيفة: "هذا سيعزز لدى الرجل العنيف أن من حقه الضرب وممارسة العنف ودفع غرامة وضريبة، وكأن المال يصلح جرح القلوب ويعيد الكرامة، فهل بتنا في سوق نخاسين وجواري؟!".