في عالم تتقاطع فيه الفنون مع الهوية، والتصميم مع السرد البصري، تبرز علامة Toktam Jewellery كتجربة فريدة تتجاوز حدود المجوهرات التقليدية لتصبح وسيلة تعبير شخصي وثقافي. خلف هذه العلامة المصقولة تقف المصممة توكتام شيكاريز، التي نسجت مسيرتها بين ثلاث مدن شكلت روحها: طهران، مونتريال، ودبي.
من شغفها المبكر بالتصميم إلى تخصصها في علم وصياغة الأحجار الكريمة، رسمت توكتام لنفسها طريقًا خاصًا يمزج بين الإرث الفارسي، الحداثة الغربية، والطابع المعماري الجريء للمنطقة العربية.
في هذا اللقاء، نغوص معها في تفاصيل رحلتها الإبداعية، نكتشف الفلسفة وراء تصاميمها، ونستعرض أحدث مجموعاتها التي تضيء المشهد الفني بحسّ فريد من النور والمعنى.
البداية والخلفية
هل يمكن أن تخبرينا عن قصة تأسيس علامة Toktam Jewellery؟
نشأت علامة Toktam من رحلة حياة غنية بالتجارب الثقافية والنمو الشخصي، امتدت بين طهران، مونتريال، ودبي. بعد انتقالي إلى دبي في عام 1999، بدأت في التعبير عن إبداعي من خلال تصميم الأزياء. ثم سافرت إلى مونتريال في كندا لدراسة علم الأحجار الكريمة في "مدرسة مونتريال للأحجار الكريمة"، وحصلت لاحقًا على دبلوم دولي من "الرابطة البريطانية لعلم الأحجار الكريمة Gem-A" وقد شكّل ذلك نقطة تحول مهمة، إذ أصبحت الأحجار الكريمة شغفي الحقيقي ولغتي في التعبير عن الجمال والمعنى.
تعزز هذا الشغف بدراسة فن صياغة الذهب في EJM، وبعد أكثر من عقد من العمل والدراسة، أطلقت في عام 2019 علامتي الخاصة في دبي. تمثل Toktam Jewellery مزيجًا فنيًا بين الإرث الفارسي، التأثيرات العربية، والجمالية المعاصرة، ضمن هوية تصميمية مفاهيمية راقية.
تابعي أيضاً: إيلينا منصور..رحلة ملهمة من التراث اللبناني إلى ابتكار المجوهرات العصرية
يجمع عملك بين الإرث الثقافي والجماليات المعاصرة. كيف أثّرت خلفيتك الشخصية على فلسفتك في التصميم؟
لقد أثّرت عليّ الثقافات المتعددة التي عشت ضمنها في طهران، مونتريال، ودبي، حيث أعيش تباينها وتكاملها في آنٍ واحد. الإرث الفارسي منحني مخزونًا غنيًا من الرموز والفنون، بينما علّمتني تجربتي في كندا تقدير البساطة والنهج المفاهيمي في التصميم. أما الإمارات فقد ألهمتني بالأشكال الجريئة والحس العالي بالحرفة ورواية القصة. هذا التنوّع الثقافي كوَّن رؤيتي، وأصبحت أبتكر مجوهرات تستند إلى الجذور الثقافية، لكنها تنطق بلغة بصرية معاصرة ومتحرّكة.
مجموعة "نور"
أطلقت مؤخراً مجموعة "نور" ماذا يعني لكِ مفهوم "الضوء"، وكيف تمّ ترجمته في هذه المجموعة؟
"نور" كلمة مشتركة بين العربية والفارسية، وتحمل معاني روحانية وشاعرية بالنسبة لي. الضوء يرمز للهداية، الأمل، والصفاء الروحي، وهو طاقة تكشف وتحوّل.
في مجموعة "نور"، ترجمت هذا المفهوم من خلال استلهام العمارة الإماراتية، التي تتفاعل مع الضوء وتعكسه. استخدمت الذهب عيار 18 قيراطاً المصقول والألماس لتعزيز هذا التأثير المضيء. صمّمت القطع لتكون في حوار دائم مع محيطها، تلتقط الضوء وتعكسه، وتحمل في شكلها وإحساسها جوهر الإشراق.
لقد استلهمتِ من أبراج الإمارات. ما الذي جذبك إلى هذا المعلم المعماري تحديدًا، وكيف أثّر على التصاميم والمواد؟
أبراج الإمارات تمثل رمزًا خالدًا في أفق دبي، تعكس الطموح، الأناقة، والتناغم الهيكلي. جذبتني أشكالها المثلثة وخطوطها النظيفة وأسطحها العاكسة. هذه العناصر أصبحت الأساس في مجموعة "نور".
قمت بترجمة هذه الهندسة إلى تصميمات قابلة للارتداء، باستخدام أسطح الذهب والألماس لتقليد الواجهات العاكسة للأبراج، واستلهمت الزوايا الحادة لابتكار قطع تحمل حضورًا معماريًا معاصرًا.
كيف تندرج "نور" ضمن مجموعة "أشكال Ashkal" الأوسع؟ وما الإضافة التي تقدمها لها؟
مجموعة "أشكال" ترتكز على التجريد الهندسي والقوة العاطفية للشكل. وتُعد "نور" تطورًا طبيعيًا لها، لكنها تضيف بُعدًا جديدًا يستند إلى الضوء والإشراق.
في حين أن "أشكال" تستكشف الرموز والأشكال، تتناول "نور" مفهوم الإضاءة، بمعناها الحرفي والرمزي. إنها تضيف حركة، وضوحًا، ورفعة إلى سردية المجموعة ككل.
السرد الثقافي والرؤية الفنية
كثيرًا ما تحمل مجوهراتك رسائل عن الهوية، التراث، والمكان. كيف تختارين القصص الثقافية التي تعيدين تخيلها من خلال تصاميمك؟
أنا أنجذب غالبًا إلى القصص التي تمسّ رحلتي الشخصية، قضايا الازدواجية، الهجرة، والذكريات. أستوحي أحيانًا من العمارة أو الشعر أو التاريخ. أبدأ كل مجموعة ببحث عميق وإحساس بالاحترام، متسائلة: أي جانب من الثقافة أو التجربة يستحق أن يُعاد تخيّله ويُحتفى به بطريقة حسية وملموسة، المجوهرات التي أبتكرها هي وسيلة لترجمة هذه الحكايات المعقدة إلى قطع حسية باقية.
كيف توازنين بين السرد القصصي وقابلية ارتداء المجوهرات وجاذبيتها التجارية؟
هذا التوازن أساسي في عملي. أبدأ دائمًا من الفكرة، وأحرص على أن تكون قوية وذات صدى عاطفي. ومع تطور التصميم، أركز على الحجم، الوزن، وملاءمته للجسم. بالنسبة لي، المجوهرات يجب أن تتحرك مع من ترتديها، أن تمنحها القوة لا أن تطغى عليها. كل خط ومنحنى مدروس، بهدف أن يروي قصة ويُنسج في حياة الإنسان اليومية.
التحديات والإبداع
ما هي أبرز التحديات الإبداعية التي واجهتك أثناء تصميم "نور" أو أي مجموعة سابقة؟
في "نور"، كان التحدي يكمن في تسخير الضوء والهندسة بطريقة تمنح القطعة إشراقًا دون مبالغة. استخدام الألماس وصقل الذهب بدقة يتطلبان تركيزًا بالغًا، لأن كل زاوية وكل انعكاس يجب أن يكون متقنًا.
على الصعيد الإبداعي، أحرص في كل مجموعة على دفع نفسي نحو مستوى أعلى تقنيًا وعاطفيًا، مع المحافظة على جوهر المفهوم.
هل يمكنك مشاركتنا بلحظة شعرتِ فيها بتحول عميق خلال مسيرتك؟
من أكثر اللحظات تأثيرًا كانت عندما أنجزت أول قطعة مجوهرات بيدي بعد إنهاء دراستي لصياغة الذهب. رؤية الفكرة تنبض بالحياة من رسم إلى قطعة ملموسة كانت تجربة مفعمة بالمعنى. ذكّرتني أن المجوهرات ليست فقط عن الجمال، بل عن الصبر، والانضباط، والنية الصافية. تلك اللحظة رسّخت مساري.
الخطط المستقبلية
ما القادم لعلامة Toktam Jewellery؟ هل هناك مجموعات أو تعاونات قادمة؟
نستعد حاليًا للمشاركة في "Couture Show" في لاس فيغاس خلال شهر يونيو، إلى جانب عدد من المعارض الحصرية في دول الخليج. كما نعمل على تعاونات مميزة سنكشف عنها قريبًا، ونعد بأنها ستكون مفاجآت مبهرة ستضيف روحًا جديدة ومبتكرة لعالم Toktam Jewellery.
ما النصيحة التي تقدمينها للمصممين الصاعدين الذين يطمحون لإنشاء مجوهرات مفاهيمية ذات عمق ثقافي؟
أنصحهم بالتحلّي بالفضول والبقاء صادقين مع أنفسهم. التصميم المفاهيمي يتطلب تفكيرًا عميقًا، صبرًا، وصدقًا عاطفيًا. لا تخش استلهام قصصك الشخصية أو جذورك الثقافية، فهي مصدر قوتك. وفي الوقت ذاته، ابحث، وكن محترمًا للثقافات التي تستلهم منها، ودع الحِرفة تتحدث عنك.
قد يهمك أيضاً: في يوم المرأة العالمي..قصة ملهمة وراء علامة "94 جولري"
