قد يدخل الضيف إلى مكان العمل لدقائق فقط، لكنه سيخرج بصورة كاملة عن المكان وأهله؛ فهل كنت أنت صاحب الانطباع؟ في زحمة المهام، يغفل بعض الناس عن فن الاستقبال، ويعتبرونه دوراً ثانوياً، في حين هو في الحقيقة انعكاس لثقافة الشركة واحترافيتك الشخصية. كيف يمكنك أن تترك فرقاً حقيقياً في استقبال الضيوف من دون تكلف أو تصنُّع؟ وما الذي يجعل حضورك ملموساً حتى بعد مغادرتهم؟ تجيب الخبيرة في مجال التطوير والتنمية الذاتية، الأستاذة آيات المهيدات عن ذلك بعدة نقاط، أبرزها:
ابدأ بالعين والابتسامة
الفرق يصنعه أول تواصل بصري. حين يدخل الضيف، لا تنشغل بالأوراق أو الهاتف. انظر إليه مباشرة وابتسم بصدق، لا بابتسامة مصطنعة أو رسمية باردة. هذه التفاصيل البسيطة تُعطي رسالة فورية بأنك موجود ومستعد ومستقبلٌ للضيف بكامل حضورك؛ فالعين المبتسمة تقول للضيف: "أنت مُرحب بك هنا"، قبل أن تنطق بأي كلمة. كثير من الناس قد ينسون الأسماء أو التفاصيل، لكنهم لا ينسون أبداً الشعور الذي تركته نظرتك.
هل يهم فعلاً كيف أبدأ اللقاء؟
- لأن اللحظة الأولى ترسم بقية المشهد، وتحدد مزاج اللقاء كله.
- لأنها تمنح الضيف شعوراً فورياً بالترحاب والثقة في التعامل.
- ولأنك تعكس صورة شركتك من خلالك، ولو من دون أن تتحدث.
لا تستسلم: 8 خطوات ذكية عليك القيام بها بمجرد أن تفقد وظيفتك
قدِّم نفسك قبل أن تُسأل
الضيف لا يعرفك، وقد لا يعرف من هو المسؤول الذي سيقابله أو إلى من يجب أن يتوجه. حين تبادر أنت بتقديم نفسك؛ فإنك تحول لحظة ارتباكه إلى لحظة طمأنينة. قولك: "أهلاً، أنا فلان وسأقوم بمساعدتك اليوم" يعطي الضيف شعوراً أنه ليس غريباً، بل داخل إلى منظومة واضحة ومُنظمة. كما أن تقديم النفس يُظهر الاحترافية، ويختصر الحواجز الاجتماعية، ويمنح الضيف ثقة بمَن يتعامل معه.
لماذا من الأفضل أن أبدأ بالتعريف؟
- لأنك تزيل عنه الشعور بالتشتت أو الحرج، خاصة إن كان أول مرة يزور المكان.
- لأنك تبدو واثقاً، مستعداً، وتجيد تمثيل شركتك بشكل رسمي ومريح.
- لأن التقديم الذكي يُسهل الخطوات التالية ويجعل التواصل سلساً وسريعاً.
افهم سبب الزيارة وأضف إليه اهتماماً
لا تتعامل مع ضيوف العمل وكأنك تحقق معهم أو تستجوبهم. اسأل عن سبب الزيارة باهتمام حقيقي، وحاول أن تتفاعل مع المعلومة بطريقة تُظهر أنك أصغيت. فمثلاً، إن كان الضيف جاء لمقابلة، قل له: "كل التوفيق، الفريق بانتظارك". وإن كان جاء لمشكلة، أبدِ تعاطفاً وقل: "رح نحلها بأقرب وقت". المهم ألا تكتفي بجمع البيانات، بل تُضيف إليها لمستك الإنسانية. هذا هو ما يجعل الضيف يشعر أن استقباله كان تجربة وليس مجرد إجراء.
هل يُحدث ذلك فرقاً فعلاً؟
- نعم؛ لأن الضيف يشعر بأنه شخص له قيمة، لا مجرد موعد أو رقم.
- لأن تعاطفك يعكس طبيعة بيئة العمل ويعزز صورتها أمام الزائر.
- ولأنه يمنحك أنت تجربة تعامل راقية تشعر بالفخر فيها لاحقاً.
لا تتعامل مع الضيف كأنه عابر طريق
في كثير من الأماكن، يُترك الضيف في الممر أو ينتظر من دون أدنى عناية. وهذا سلوك قد يُفقد المؤسسة احترامها بنظر الزائر، ولو كانت قوية ومشهورة. حين تطلب من الضيف الجلوس في مكان مريح، تقدم له الماء أو القهوة، أو حتى تجلب له مجلة إن كان الانتظار طويلاً؛ فأنت تقول له دون كلمات: "وقتك عندنا مهم، وراحتك تعنينا". هذا المستوى من التعامل لا يُنسى بسهولة، بل يبقى كقصة إيجابية تُحكى لاحقاً.
لماذا من المهم الاهتمام بالضيوف حتى في الانتظار؟
- لأن أدق اللحظات هي التي تصنع أجمل الانطباعات.
- لأن البيئة المهنية الجيدة تظهر حتى في أكثر التفاصيل بساطة.
- لأن الضيافة ليست رفاهية، بل جزء من هوية الشركة وثقافتها.
ودع كما لو أنك تستقبل
عند مغادرة الضيف، لا تُظهر له أنك متلهف لإنهاء اللقاء. قل له بصدق: "سعدنا بزيارتك، ونتمنى رؤيتك مجدداً"، وإن أمكن؛ قم بمرافقته إلى الباب أو دله عليه بوضوح. الوداع هو الخاتمة العاطفية للزيارة، وأنت وحدك من يملك مفتاح جعله نهاية دافئة بدلاً من أن يكون ختاماً باهتاً. الضيف الذي يُودَّع بطريقة لبقة سيشعر وكأن المكان لا يزال مفتوحاً له، وكأنه مرحب به دائماً، لا فقط في تلك اللحظة.
هل للوداع تأثير يساوي الاستقبال؟
- بل ربما يكون هو ما يُثبت الانطباع الأول ويجعله دائماً.
- لأنه اللحظة الأخيرة واللحظات الأخيرة هي الأكثر تذكراً.
- لأنه يظهر أن حسن الاستقبال لم يكن تمثيلاً مؤقتاً، بل سلوكاً حقيقياً.
شاركنا رأيك: كيف ترد بفاعلية على سؤال: "لماذا تريد العمل في هذه الشركة؟"؟