في ريادة الأعمال باتت المسؤولية الاجتماعية ركناً أساسياً في استراتيجيات الشركات؛ سواء الناشئة أو الكبرى التي تحظى بصيت في السوق، والمسؤولية الاجتماعية لا تقتصر على التبرعات أو الحملات الخيرية، بل تمثل إطاراً متكاملاً يربط بين أهداف الشركة الاقتصادية وبين إسهامها الإيجابي في المجتمع والبيئة. وقد يكون جانب المسؤولية المجتمعية غير واضح لرواد الأعمال؛ لذلك نتناول كيف يمكن لأي شركة تصميم وتنفيذ برنامج مسؤولية اجتماعية فعال من خلال منهجية واضحة وخطة مرحلية.
كيفية وضع برنامج المسؤولية الاجتماعية للشركات

فيما يلي عرض شامل لمنهجية برنامج المسؤولية الاجتماعية بخطوات واضحة ودقيقة، تنعكس على نجاح الشركة بشكل عام.
تحديد أهداف الشركة وقيمها الأساسية
وفقاً لدليل وضعه خبراء groundswell فإن الخطوة الأولى في كيفية تنفيذ برنامج المسؤولية الاجتماعية للشركات تبدأ من الداخل. قبل التفكير في أي مبادرة خارجية، ويجب على الإدارة العليا مراجعة رؤية الشركة وقيمها الأساسية. ويتم ذلك من خلال تحديد مجالات الاهتمام لدى الشركة، وهل هي تتبع نماذج الاستدامة البيئية مثلاً، أو تُعلي قيماً مثل تمكين الشباب، دعم التعليم، أو المساهمة في صحة المجتمع.
ويشير الخبراء إلى أنه يجب مواءمة برامج المسؤولية الاجتماعية مع هوية الشركة، فهذا يجعل البرامج أكثر استدامة ومصداقية، كما أنه يسير في اتجاه تحقيق الأهداف. فعلى سبيل المثال، إذا كانت الشركة تعمل في قطاع الطاقة، قد يكون الاستثمار في الطاقة المتجددة والمبادرات البيئية خياراً منطقياً، يعكس قيمها ويخدم المجتمع في الوقت نفسه.
إجراء تدقيق وتحليل للوضع الحالي
قبل الانطلاق نحو برنامج مجتمعي، يوصى بإجراء ما يسمى بـ CSR Audit أو مراجعة شاملة للأنشطة القائمة. يشمل ذلك:
- تقييم الجهود الحالية، سواء كانت تبرعات، رعاية فعاليات، أو أنشطة تطوعية للموظفين.
- مراجعة الموارد المتاحة سواء فرق العمل، الميزانية، الوقت، وشبكة العلاقات مع المجتمع المحلي.
- دراسة توقعات أصحاب المصلحة بمن فيهم العملاء والموظفون والموردون والمجتمع المحيط.
هذا التدقيق يساعد على تحديد فجوات الأداء، ويكشف فرص التحسين، وهو خطوة محورية لضمان أن يكون البرنامج الجديد مبنياً على أسس واقعية.
إشراك الموظفين وأصحاب المصلحة

يتصور البعض أن انخراط الشركة في برنامج اجتماعي ما هو إلا غطاء هدفه تحسين الصورة العامة للشركة، لكن الأمر أبعد من ذلك، فهو استراتيجية يشارك فيها جميع العاملين. فحسب الخطوات التي وضعها points of light فإن برنامج المسؤولية الاجتماعية الناجح لا يمكن أن يُبنى بمعزل عن الأشخاص الذين يمثلون الشركة. ويوصي الخبراء بتشكيل فرق داخلية أو لجان تطوعية تمثل مختلف الإدارات، بحيث يشارك الموظفون في اقتراح وتنفيذ المبادرات. كما يمكن تنظيم استبيانات أو اجتماعات مع العملاء والمجتمع المحلي لمعرفة القضايا التي يرونها أولوية. إشراك هؤلاء في التخطيط المبكر يعزز الولاء، ويخلق شعوراً بالانتماء، كما يزيد فرص نجاح أي مبادرة مستقبلية.
وضع خطة عمل واضحة وأهداف قابلة للقياس
بعد تحديد الاتجاه وإشراك الأطراف المعنية، تأتي مرحلة صياغة خطة تنفيذية. هذه الخطة يجب أن تشمل:
- أهدافاً محددة وقابلة للقياس (SMART Goals)
- محددة وواضحة (Specific)
- قابلة للقياس (Measurable)
- قابلة للتحقيق (Achievable)
- ذات صلة بأهداف الشركة (Relevant)
- مرتبطة بجدول زمني واضح (Time‑bound)
التنفيذ التدريجي والتجريب والمرونة
خطة الشركة على المستوى المجتمعي، يجب أن يتم تنفيذها بشكل تدريجي وموازِ للخطة الاقتصادية تماماً، ويقترح خبراء البدء بمبادرات صغيرة قابلة للقياس، ثم التوسع تدريجياً بعد تقييم النتائج. على سبيل المثال:
- إطلاق يوم تطوعي شهري للموظفين.
- تنفيذ حملة توعية قصيرة الأمد على مستوى المجتمع المحلي.
- دعم مشروع بيئي صغير كزراعة أشجار أو إعادة تدوير مخلفات المكتب.
هذه الخطوات الصغيرة تساعد الشركة على اختبار مستوى التفاعل، واستخلاص الدروس قبل استثمار ميزانية أكبر.
قياس النتائج
كما سبق وذكرنا فإن البرنامج الاجتماعي هو جزء من الاستراتيجية الكلية للشركة ويجب أن تحقق أهدافاً متداخلة؛ لذلك يجب قياس النتائج وتقييم الهدف، فلا قيمة لأي برنامج مسؤولية اجتماعية؛ إذا لم يتم قياس أثره على المجتمع وعلى الشركة نفسها. يشمل التقييم:
- أثر المبادرة على المجتمع: عدد المستفيدين المباشرين، تحسين الخدمات، أو الفوائد البيئية المحققة.
- الأثر الداخلي على الشركة: تعزيز الروح المعنوية لدى الموظفين، تحسين صورة العلامة التجارية، وزيادة رضا العملاء.
- يمكن إعداد تقارير دورية ونشرها في التقرير السنوي للشركة أو على موقعها الإلكتروني، وهو ما يعزز الشفافية والمصداقية.
اقرأوا أيضاً من المحيط الأحمر إلى المحيط الأزرق.. مفاهيم غيَّرت ريادة الأعمال