على الرغم من كونها حديثة العهد مقارنة بدور عريقة تجاوز تاريخها المائة العام، فإن دولتشي آند غابانا Dolce & Gabbana استطاعت أن تحجز لنفسها مكاناً وسط أسماء الكبار؛ بفضل إبداع مصمميها، والإرث الثقافي الذي ترتكز عليه علامتهم، فلا يمكن إنكار إسهاماتها في تغذية صناعة الموضة منذ إطلاقها في العام 1980؛ بفضل البراعة الفنية التي تجسد الثقافة الإيطالية المحببة لمختلف النساء حول العالم، ولأننا نحتفل اليوم بميلاد أحد مؤسسيها دومينيكو دولتشي Domenico Dolce، كان لا بد ألّا نفوت الفرصة لاستعراض أبرز المحطات والمجموعات التي حُفرت في ذاكرة عشاق الموضة على مدار السنين.
شهرة سريعة منذ اللحظة الأولى رغم تواضع الإمكانات المادية

ولد دومينيكو دولتشي في صقلية، في 13 سبتمبر 1958، وبفضل جذوره المنتمية إلى عائلة تمتلك شركة ملابس صغيرة؛ كان من السهل أن ينغمس المبدع الإيطالي منذ صغره في عالم الموضة، حيث عمل في متجر العائلة قبل أن يلتقي بشريكه ستيفانو غابانا Stefano Gabbana في أواخر السبعينيات، في دار أزياء عملا لديها؛ لتتوطد علاقتهما، وتتشكل لديهما رؤية مشتركة حول ما يمكن تقديمه في مجال الأزياء، ليطلقا علامتهما التجارية، ومن بعدها ينضمان إلى جدول عروض الأزياء الرسمية، ويقدمان أول مجموعة لهما في عام 1985، تحت اسم "نساء حقيقيات"، فالمصممان الشابان حينذاك لم يحصلا على الدعم المادي الكافي للاستعانة بعارضات محترفات، فاعتمدا على فتيات من المعارف والمقربين منهما، ومنذ ذلك الحين؛ أغنت ماركة دولتشي آند غابانا مشهد الموضة العالمية بتصاميم أيقونية.
مدينة صقلية كانت حاضرة بجماليتها في كل المجموعات

لم يدخر المصمم دومينيكو دولتشي، بالتعاون مع شريكه ستيفانو غابانا، جهداً في الاستعانة بالإرث الثقافي الثري الذي اكتسباه من جذورهما المنتمية إلى جزيرة صقلية الغنية بالألوان، فتميزت الفساتين الميدي في مجموعتهما بالطبعات الزاهية المرتكزة على الورود والفواكه، كناتج طبيعي لمرجعيتهما العريقة، وحرصهما على إبراز كل مظاهر الجمال في تلك المدينة الصغيرة التي ينتميان إليها، فلم تخلُ أغلب عروضهما من ذلك الفستان المنفذ بقصة مستقيمة أو منفوشة؛ تسمح بمرور الهواء، ومنح من ترتديه خفة وأنوثة لا تُضاهى، ويمكن أن يكون الفستان المطبع بالورود الحمراء، والمصمم بأكمام منسدلة وحمالات رفيعة من مجموعة ربيع وصيف 2019، خير مثال على النمط الصقلي الذي انتهجته الدار لسنوات.
أزياء المحجبات سجلت حضوراً أنيقاً في عروض الماركة الإيطالية

كغيرها من الماركات العالمية، احتضنت دولتشي آند غابانا النساء من كل الفئات في عروضها، حتى إنها استعانت بالعارضة الشهيرة حليمة عدن في أكثر من مجموعة؛ لتمثل أزياء المحجبات في مجموعاتها، خطوة ذكية ورؤية مستقبلية صائبة تحسب للمصمميْن الإيطالييْن، ففي ذلك الوقت لم يكن وجود مدونات الموضة المحجبات بهذا التأثير الذي نلمسه اليوم، فكانت العارضات المحتشمات تذكرة العبور لقلوب آلاف النساء في الشرق الأوسط، واللواتي يشكّلن القطاع الأكبر من عملاء أعرق الدور العالمية، من أكثر الإطلالات الأيقونية التي لم ننسَها؛ تلك التي ظهرت بها العارضة الأمريكية، الصومالية الأصل في عرض ربيع 2020 -(حليمة عدن)- حيث تألقت ببدلة فخمة مؤلفة من صديري قصير، وبنطلون مستوحى من الستايل الرجالي، وقد طبعت بنبتة مونستيرا Monstera، ولمزيد من الفخامة؛ زودت بكاب طويل من الطبعة نفسها ببطانة مزيّنة بنقشة برية.
النقوش البرية كما لم نرَها لدى ماركات أخرى

لطالما كانت النقوش البرية جزءاً أصيلاً من مجموعات دولتشي آند غابانا، والأجمل أنها نجحت في تغليف النمط الأكثر جرأة في تاريخ الموضة؛ بطابعها الأنيق والراقي على مرّ السنوات، فابتعدت عن القصات المبتذلة التي ارتبطت بأسماء أخرى، وحافظت على القصات الأنثوية، ولكن من دون مبالغة، أو إبراز غير محبب لتفاصيل القامة، والفستان الميدي طويل الأكمام، الذي ظهرت به إحدى العارضات في مجموعة ربيع وصيف 2011 خير دليل على ذلك، والذي حبك بورود سوداء بارزة وصغيرة، والدانتيل على الصدر، في تفصيلة أنثوية؛ حازت على إعجاب عملاء الدار وقتذاك.
اعتمدي: موضة النقوش البرية بأسلوب ياسمين عبد العزيز
الباتشورك عكس البراعة الفنية للدار الإيطالية

ليس من السهل تطبيق تقنية الـ Patchwork من دون الوقوع في فخ المبالغة، ولكن المدهش أن الماركة الإيطالية الشهيرة كانت بعيدة كل البُعد عن هذا؛ بفضل حرفية مصمميها وخبرتهم الطويلة في تزيين مجموعاتهم بأشكال الطبعات المختلفة، ويبدو أن الفكرة قد أعجبتهم، ورأوا أن جرعة أكبر قد لا تضر، وهذا ما حدث، فمن أشهر الماركات التي أتقنت فنون الجمع بين نقوش مختلفة في التصميم الواحد؛ كانت دولتشي آند غابانا حاضرة، حتى إنها قدمت بدلات استثنائية كانت حديث المهتمين بالموضة؛ وقت أن مشت العارضات وهنَّ متأنقات بها على المنصة في عام 2021.
مصادر الإلهام المتنوعة أثرت مشوار دولتشي آند غابانا

بعيداً عن سحر مدينة صقلية الذي شكّل إبداع المصمميْن دومينيكو دولتشي وستيفانو غابانا، تنوعت مصادر الإلهام التي بنيت عليها مجموعاتهما، فقد فاجآ محبيهما بمجموعة مستوحاة من القصص الخيالية، قدماها لخريف 2014، فظهرت العارضات بفساتين وكابات مزخرفة بأشكال طفولية؛ من البجع والبوم والزهور والطيور المستقرة على الأغصان، أشهرها الفستان الأزرق الفاتح القصير المصمم بثلثي كم، وقصة مستقيمة غير ملاصقة للقوام، هذا بخلاف القطع المنفذة بوحي من أزياء العصور الوسطى، سيمفونية إبداع بقيت في الذاكرة، وأكدت أن الدار الإيطالية لا تزال تملك أدواتها الخاصة التي تجعلها في كل موسم تغرد منفردة خارج السرب.
البدلات الرجالية بطابع أنثوي عكست نية الدار في دعم المرأة

مثلما اهتمت دولتشي آند غابانا بإبراز أنوثة النساء من خلال تصاميمها الخلابة التي تحتضن الجسم في نعومة ورقيّ، دعمت الماركة الإيطالية المرأة العصرية التي تميل إلى الأزياء العملية؛ من خلال البدلات المستوحاة من الستايل الرجالي، والتي برعت في تنفيذها بخطوط تلائم أجسام النساء وتعزز من ثقتهنّ، وقد كانت الجرعة الأكبر في مجموعة خريف 2024، التي امتلأت بموديلات فائقة الأناقة، أعجبتنا منها البدلة التوكسيدو ذات الجاكيت القصير، والمنسقة مع قميص أبيض وصديري قصير، والبابيون يزين الياقة.
قد يهمك مشاهدة 9 بدلات مناسبة لسيدات الأعمال أطلقتها مجموعات ما قبل خريف 2025