عند التطرق إلى تاريخ الموضة؛ لا يمكن إلا أن نذكر المصممة الكبيرة كوكو شانيل Coco Chanel، التي أحدثت تصاميمها ثورة في عالم الموضة النسائية، في زمن قيدت فيه المرأة بملابس فاخرة، ولكنها بعيدة كل البعد عن عنصري الراحة والعملية، لقد كانت رؤية المصممة الفرنسية واضحة منذ البداية؛ فهي سعت بطريقتها وموهبتها الخاصة إلى تمكين المرأة؛ من خلال أزياء تدعمها في مسيرتها المهنية في خروجها الأول للعمل، ومن هنا اكتسبت شانيل شهرة واسعة؛ دفعتها إلى إطلاق ماركتها في العام 1910، وخلال مسيرة تجاوزت المائة العام؛ أبهرتنا شانيل بتصاميمها الأيقونية التي أعادت تعريف مشهد الموضة، إن الغوص في عالم شانيل المكلل بالترف والإنجاز هو بمثابة جرعة من الحنين إلى الماضي، فيكفي أن نتذكر الفستان الأسود القصير الأكثر شهرة وحقيبتها الكلاسيكية 2.55، والتي أثبتت أن المرأة العصرية لا تحتاج إلى حمل الحقائب الكبيرة أو هندسية الشكل لتثبت أناقتها، فالأمر يتعلق أكثر بالخفة والخامة الجيدة والتصميم الذي يتجاوز الزمن من دون أن يفقد بريقه، وفي يوم ميلادها ندعوك إلى متابعة القراءة؛ لتتعرفي إلى المزيد من إبداعات السيدة التي جسّدت تصاميمها كل معاني الثراء والرقيّ عبر السنين.
الفستان الأسود القصير القطعة الأيقونية الخالدة في تاريخ شانيل

لم يكن الفستان الأسود القصير Little Black Dress، الذي أطلقته كوكو شانيل في عام 1926، مجرد تصميم عصري، بل كان بمثابة ثورة في عالم الأزياء النسائية، والتي كانت تعتمد على الفساتين الضخمة المثبتة بالكورسيه المشدود، وعلى الرغم من أن الفساتين السوداء كانت متوفرة قبل ذلك بكثير، وظلت حكراً على أزياء الحداد لسنوات طويلة، فإن فستان شانيل لاقى رواجاً غير مسبوق؛ بفضل قصته الانسيابية وخامته الناعمة، فقد كان منفذاً من الكريب، وتميز بأكمامه الطويلة، فتسابقت النساء في التأنق به في مختلف المناسبات، واليوم نستطيع أن نقول إنه من الأنماط الأيقونية التي تجاوزت الزمن وتناقلتها الأجيال من دون أن تفقد رونقها.
طورت شانيل فستانها الأيقوني، فكان القاسم المشترك بين أغلب مجموعاتها عبر السنين، فلفتنا في مجموعة ربيع 2011؛ الفستان التويد قصير الأكمام، والمصمم بياقات عريضة تشبه المعطف.
حقيبة شانيل 2.55 حررت النساء من قيود المقابض الصغيرة
كانت كل جهود كوكو شانيل في بداية عشرينيات القرن الماضي موجهة لتوفير الراحة للنساء، وانطلاقاً من هذا المبدأ؛ قررت أن تقدم الحقيبة المزودة بحزام طويل؛ لتتمكن المرأة من حملها بطرق مختلفة، وذلك بدلاً من التصاميم التقليدية المزودة بيد علوية صغيرة لا تُحمل إلا بكف اليد، فأطلقت حقيبتها الشهيرة 2.55 في العام 1929، وقد استوحت الفكرة من أحزمة حقائب الجنود، وقد جاءت تسميتها عندما أعادت افتتاح متجرها في عام 1955، بعد إغلاق مؤقت خلال الحرب العالمية الثانية، فأطلقت عليها اسم 2.55؛ تيمناً بتاريخ إطلاقها في فبراير 1955.
تميزت حقيبة شانيل 2.55 في تصميمها الأول بشكلها المستطيل، والقفل الأمامي المعروف باسم "قفل مادموزيل"، نسبة إلى الحالة الاجتماعية للمصممة المرموقة وقتذاك، وقد نفذت من الجلد المبطن بالألماس، والذي استوحته من معاطف الفروسية التي كانت ترتديها أثناء حضورها في السباقات.
بدلة التويد العابرة للزمن جزء أصيل من عروض شانيل

منذ أن أطلقتها لأول مرة في عام 1925، خلال عرض صغير في صالونها بشارع كامبون، والبدلات التويد باتت جزءاً لا يتجزأ من عروض شانيل، ربما قد أدخلت عليها بعض اللمسات العصرية التي ضمنت لها الصمود أمام اختبار الزمن، ولكن يحسب للدار الفرنسية حرصها على الاحتفاظ بالموديل الأصلي، الذي يتألف من تنورة مستقيمة القصة تلامس الركبة، أو تتخطاها ببضعة سنتيمترات، وسترة مستقيمة من دون ياقة، المصممة الشهيرة التي كانت اعتمدت لسنوات على قماش الجيرسي؛ كانت أول من أدخل قماش التويد إلى عالم الموضة النسائية، فالخامة التي كانت حكراً على المزارعين والرجال الذين يستمتعون بالرياضات الريفية، لم يتوقع أحد أن تظهر في عروض مخصصة للأزياء الراقية، ولكنها كانت إحدى خطوات شانيل نحو ملابس تؤمن الراحة والدفء والتهوية لامرأة خرجت إلى سوق العمل حديثاً، وكانت ترغب في دعمها، ولكن من دون التخلي عن الأناقة، والطابع الذي يعكس كل معاني الثراء.
ظلت البدلات التويد حاضرة دوماً في عروض شانيل، حتى بعد تولي كارل لاغرفيلد دفة القيادة، والذي انتهت رحلته مع شانيل بوفاته في عام 2019، لتتولى من بعده فيرجيني فيارد منصب المديرة الإبداعية، ويبدأ عصر جديد للماركة العالمية الأشهر؛ كان التويد عنصراً أساسياً فيه، فمن ينسى البدلة السوداء الفاخرة المحبوكة بخيوط ذهبية، التي قدمتها في مجموعة خريف 2022، وزيّنتها بسلاسل شانيل الطويلة الطبقات؟!
العقد اللؤلؤي من شانيل أكسسوار صمد أمام الزمن

كما في الأزياء، برعت المصممة الفرنسية في ابتكار أكسسوارات ضاعفت من جمال القطع التي حملت توقيعها، وقد كانت أحد التفاصيل التي تميز عروضها عبر السنين، فإلى الآن لا تستغني شانيل عن تلك السلاسل الطويلة الطبقات المصممة من اللؤلؤ والمزدانة بالحرف الأيقوني للدار، الطريف في الأمر أن كوكو شانيل قد أعلنت أنها تعمدت أن تنفذ هذا العقد من اللؤلؤ المزيف، فقد كانت ترى أنه من غير المنطقي أن تتجول النساء وهنّ يرتدين ثروات -على حد تعبيرها- حول رقابهن، ففي ذلك الوقت كان اللؤلؤ نادراً وباهظ الثمن.
قد يهمك التعرف إلى أشهر تصاميم مايكل كورس خلال مشواره
الفيونكات عززت من جمال الفساتين والبدلات

من أبرز سمات مجموعات شانيل التركيز على التفاصيل الصغيرة القادرة على إثراء مجموعاتها بشكل لا يصدق، وتأتي الفيونكات ذاتية الربط على رأس القائمة، فقد زيّنت الرقبة والشعر والكتفين، وحتى رأيناها تستقر على أذرع العارضات في العروض الأخيرة، وحققت رواجاً كبيراً؛ بفضل طابعها الأنثوي، وباتت أحد التصاميم الأشهر في مسيرة المبدعة الفرنسية الراحلة، حتى إننا رأيناها قبل شهور في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025، فزيّنت القميص الحريري الأصفر الزبدي الذي أطلّت به إحدى العارضات.
الحذاء بجزء خلفي مفتوح ثنائي اللون

كانت كوكو شانيل صاحبة الفضل في ظهور الأحذية المريحة المصممة بجزء خلفي مفتوح، والمصممة بلونين، أو ما تعرف بـ Chanel Two Toned Slingback في عام 1957، التصميم المميز بكعبه العريض والقصير، قُدمت منه لاحقاً قطع مسطحة، مما أتاح للنساء المحبات للدار الفرنسية العريقة فرصة انتعالها في مختلف الأوقات والمناسبات، وقد أعاده إلى الساحة من جديد المدير الإبداعي كارل لاغرفيلد في مجموعة خريف 2015، وقد تميز بالشكل الكلاسيكي نفسه الذي بقي في الأذهان وتوارثته الأجيال، فصمم باللون البيج مع مقدمة سوداء غير مدببة بشكل يؤلم أصابع القدم.
اكتشفي 7 تصاميم أيقونية من عروض إيف سان لوران عبر السنين