هل سبق لكِ أن تجولتِ في مدينة وشعرت وكأنكِ تتنقلين بين صفحات كتاب قصص قديم؟ تخيّلي نفسك تمشين على طرق بناها الرومان، أو تقفين في ساحات العصور الوسطى، أو تحتسين قهوتك بجوار كاتدرائيات عريقة. إذا كنتِ تتساءلين عن الأماكن التي تحمل أغنى ماضٍ، وهل تستحق الزيارة حقاً؟ فأنتِ في المكان المناسب.
أوروبا موطنٌ لعدد لا يُحصى من المدن التي صمدت أمام اختبار الزمن. العديد منها يعود تاريخها إلى آلاف الأعوام، وتتمتع بتصنيف اليونسكو القيّم، وهي على قائمة أمنيات الكثيرين.
في السطور الآتية، مدن أوروبية لعشاق التاريخ والثقافة تجذب الملايين حول العالم. إنها ليست مجرد أماكن تُخلّد التاريخ؛ بل هي تواريخ حية، لكل مبنى فيها قصةٌ يرويها. يكشف هذا الدليل عن أكثر الوجهات أصالةً، والتي تستحق الزيارة.
روما

يُقال إن روما لم تُبنَ في يومٍ واحدٍ لسببٍ ما. في الواقع، استغرق بناؤها عدة إمبراطوريات وحضارات، وقروناً لتشكيلها. وفقاً للأسطورة، أسس التوأم رومولوس وريموس روما قبل أكثر من 2800 عام. لاحقاً، ارتقت روما لتصبح عاصمة الإمبراطورية الرومانية وإحدى أروع المدن التاريخية في أوروبا. لا يزال الكولوسيوم والبانثيون قائمين - ليس كأطلال، بل كدليل على مدينةٍ ميّزت عصراً. تجوّلي في المنتدى الروماني، وزوري الفاتيكان، موطن الروائع والتاريخ الديني. استمتعي ببعض الآيس كريم، وألقي عملة معدنية في نافورة تريفي.
أثينا

لا أحد ينكر أن أثينا الوجهة المثالية لقضاء العطلات، هي من أقدم المدن الأوروبية. بجذورها الممتدة لأكثر من 3400 عام، تُعد أثينا من أقدم مدن العالم. كانت هذه العاصمة اليونانية العريقة من أقوى المدن في اليونان القديمة، مهد الحضارة الغربية، ومركزاً للفنون والتعليم والفلسفة. ما بدأ في هذه الشوارع منذ أكثر من 2500 عام لا يزال يُشكّل حياتنا اليوم. هناك غيّر مفكرون مثل سقراط وأفلاطون وأرسطو طريقة فهم البشر للعالم. هذا ليس مجرد تاريخ؛ بل يُمثل بداية الحياة العصرية. ابدئي من الأكروبوليس؛ الذي يطلّ على المدينة، والذي يحرس معابد رخامية مثل البارثينون. استكشفي متحف الأكروبوليس والمتحف الأثري الوطني الشاسع. يُقدّم كلا المتحفين لمحةً عميقة عن الحياة القديمة؛ من خلال قطع أثرية تعود إلى آلاف الأعوام. يُظهر دير دافني -الذي يعود تاريخه إلى القرن الحادي عشر، والمُدرج في قائمة اليونسكو للتراث العالمي- جانباً مختلفاً: جمال بيزنطي، وفسيفساء ذهبية، وهدوء بعيداً عن الزحام.
قد يهمك أيضاً الاطلاع على كنوز الماضي.. معالم سياحية يجب استكشافها في أقدم مدن العالم
قرطبة

قد لا تكون قرطبة أول مدينة تلفت انتباهك، ولكنها تستحق ذلك بكل تأكيد. نافست هذه الجوهرة الإسبانية الجنوبية باريس وروما في الماضي. تعود جذور قرطبة إلى الرومان؛ الذين أسسوها في القرن الثاني قبل الميلاد. ومع ذلك، أصبحت هذه المدينة الأندلسية المشمسة عظيمة حقاً، في ظل الحكم الإسلامي، وبدأت فترة مجدها في القرن الثامن. نافست المدينة القسطنطينية ودمشق وبغداد، وأصبحت مركزاً إسلامياً رئيسياً خلال العصور الوسطى. وفي وقت لاحق، أضاف التأثير المسيحي طبقة أخرى إلى هويتها المعقدة بالفعل. واليوم، تتمتع قرطبة بمزيج فريد من الثقافات الرومانية والمغربية والإسبانية. وتفتخر بأربعة مواقع مدرجة على قائمة اليونسكو ضمن حدود مدينتها.
إسطنبول

يا عشاق الثقافة، احزموا حقائبكم لزيارة إسطنبول، فهي من أعرق المدن التاريخية. تتمتع عاصمة تركيا بتاريخ عريق ومعالم سياحية وافرة. بفضل موقعها الإستراتيجي (بين الشرق والغرب)، شكّلت حضارات عديدة تاريخها. وقفت على مفترق طريق الحرير، وكانت عاصمةً لكلّ من الإمبراطوريتين البيزنطية والعثمانية بعد سقوط روما. سيُعجب عشاق التاريخ بقصر توبكابي، موطن السلاطين والتحف الأثرية الثمينة. ولا تفوّتي زيارة البازار الكبير؛ وهو سوق ضخم مغطى، حيث مارس التجار التجارة لقرون.
مالقة

تاريخ مالقة عريق. من البحارة الفينيقيين إلى العلماء المسلمين والحكام الرومان، ترك كلٌّ منهم شيئاً ما وراءه. بتاريخها الممتد على مدار 2800 عام، تُعد مالقة واحدة من أقدم مدن إسبانيا وأكثرها إثارةً لعشاق التاريخ. الفينيقيون والرومان والمسلمون، كلٌّ منهم ترك بصماته على هذه المدينة الأندلسية المشمسة. قدمت مالقة للعالم بابلو بيكاسو، وتضم أكثر من 40 متحفاً ومعرضاً فنياً. تُعد هذه المدينة الساحلية أيضاً واحدة من أفضل مدن البحر الأبيض المتوسط؛ بطقسها المعتدل وشواطئها الرملية الرائعة. ستجدين طبقات من الماضي في كل جزء من مالقة. ابدئي من القصبة، وهي قصر وحصن مغربي بحدائقها الغنّاء وإطلالاتها الخلابة، إنها واحدة من أفضل القصور الحصينة المغاربية المحفوظة في إسبانيا. وفوقها تقف قلعة جبرالفارو، حيث يمكنك رؤية المدينة بأكملها. ابتعدي خطوةً أخرى مع المسرح الروماني؛ إنه أحد الآثار الرومانية القليلة الباقية في جنوب إسبانيا. تقع كاتدرائية مالقة على مقربة منها، وهي رمزٌ شامخٌ لفن عصر النهضة الإسباني. أما عشاق الفن، فلا تفوتوا زيارة متحف بيكاسو أو متحف مالقة (أكبر متحف في الأندلس)، الذي يضمّ قسماً للآثار والفنون المغاربية والإسبانية.
بودابست

بودابست مدينةٌ لا تُفوّت، فهي تُبهركِ بإطلالاتها البانورامية على نهر الدانوب، وقلاعها الشامخة، وحماماتها الحرارية. قد تبدو عاصمة المجر كبطاقة بريدية من القرن التاسع عشر، لكن جذورها تمتد إلى العصر الروماني. كانت بودا وبست مدينتيْن منفصلتيْن، حتى اندمجتا عام 1873؛ لتصبحا ثاني أكبر مدينة في الإمبراطورية النمساوية المجرية. لماذا تختارين بودابست لقضاء عطلة قصيرة في المدينة؟ ضفاف نهر الدانوب مُعتمدة من قِبل اليونسكو، ومبنى البرلمان فيها يروي قصة المجر. تمشَّي على طول نهر الدانوب، وشاهدي قلعة بودا وهي تُضيء ليلاً، أو مبنى البرلمان المجري المُصمم على الطراز القوطي الجديد وهو يرتفع فوق الماء. يربط جسر السلسلة الشهير تلال بودا بسهول بست المُنبسطة، ويربط بينهما. كما تُخلّد المدينة ماضيها العثماني؛ من خلال حماماتها الحرارية الشهيرة، مثل روداس وجيليرت. حمامات سيشيني، أحد أكبر مجمعات المنتجعات الصحية في أوروبا، تُضفي أجواءً حيوية على ثقافة الاستحمام.
كراكوف

تحمل كراكوف تاريخاً في كل حجر، وفي كل زقاق، وفي كل أسطورة تُهمس بها الألسن. غالباً ما تُغفل هذه الجوهرة البولندية بجوار روما أو أثينا، وهي تستحق مكانة مميزة؛ لأهميتها التاريخية العميقة وتراثها المحفوظ بجمال. صمدت كراكوف أمام الغزوات، وحربين عالميتين. كانت المدينة المدرجة في قائمة اليونسكو عاصمة بولندا الرسمية حتى القرن السادس عشر. استضافت قلعة فافل في يوم من الأيام ملوكاً وملكات شكّلوا مصير الأمة. يقودك الطريق الملكي عبر بعض من أشهر معالم المدينة، بما في ذلك قاعة سوكينيس كلوث، التي تعود إلى عصر النهضة، ورينك غلوني؛ إحدى أكبر ساحات العصور الوسطى في أوروبا.