في يوم المرأة الإماراتية، قابلت "سيدتي" المصمّمة الجود لوتاه، التي تساهم منذ عقد عبر الأستديو الخاص بها، والذي يحمل اسمها، في تقديم قطع أثاث وديكور ومنتجات، بالاتكاء على التراث، وذلك بصورة بسيطة ومعاصرة. الجود لوتاه، صوت مسموع على مسرح التصميم في دولة الإمارات والمنطقة العربية والعالم، فقد أجرت تعاونات مع جهات دولية مرموقة، منها على سبيل المثال لا الحصر دار "فاشرون كونستنتان" Vacheron Constantin للساعات السويسرية الراقية، كما قدمت قطعاً لافتة، وآخرها مجموعة فلج التي وصلت إلى نهائيات "جائزة المعهد العربي للتصميم" 2025؛ تتكون المجموعة من أريكتين وطاولات تتوشح بلون واحات الإمارات، مع تصميم ذي انحناءات معبرة عن مسرى الأفلاج وتفرقها والتقائها من جديد، علماً بأن التصميم مُستلهَم من مشروع الأفلاج في الإمارات لتطوير أنظمة الري، فالأفلاج صنعت الحياة من حولها وعبرت عن نظرة مؤسس دولة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان التنموية.
يوم المرأة الإماراتية
ما هي كلمتك في مناسبة يوم المرأة الإماراتية، خصوصاً أن نتاجك التصميمي غادر أسوار الوطن إلى العالم وهو شاهد على إبداعات المرأة الإماراتية؟
في هذا اليوم من كل عام، لا يسعني إلا أن أبدأه بالشكر والامتنان لـ أم الإمارات ("أم الإمارات" هو لقب يُطلق على الشيخة فاطمة بنت مبارك الكتبي، وهي قرينة مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. ويُعبر هذا اللقب عن دورها الريادي في تمكين المرأة والأسرة في الإمارات، ودعم القضايا الاجتماعية والإنسانية في الدولة والمنطقة والعالم) التي خصّت المرأة الإماراتية بيوم تُحتفى فيه على أرض الوطن؛ أشكرها وأمتنّ لها لأنها كانت ولا زالت الداعم الأول للنساء الإماراتيات. إن حضور منتجاتنا في الإمارات وانتشارها في مختلف أنحاء العالم ليس سوى ثمرة من ثمار غرسها وجهودها الكبيرة. وكل ما نطمح إليه هو أن نرفع رأسها ورأس وطننا الغالي عالياً.
قد يهمك الاطلاع أيضاً على في يوم المرأة الإماراتية .. المصممة آمنة بن بشر: نحن جيل محظوظ وقوّتنا في جذورنا
جائزة معهد العالم العربي في باريس
اختار معهد العالم العربي في باريس الأستديو الخاص بكِ أخيراً، في إطار نهائيات "جائزة المعهد العربي للتصميم" 2025؛ كيف تلقيتِ الخبر؟ وما كانت مشاركتكِ؟
أودّ أن أتوجّه أولاً بالشكر إلى القيمين على هذه الجائزة، فهم يبذلون جهداً كبيراً في الاحتفاء بالتصميم والمصممين في العالم العربي، ونحن بالفعل نستحق هذا الاهتمام، إذ لدينا قصص مختلفة وتجارب متفرّدة تستحق أن يراها العالم بأسره. أما عن اختيار مجموعة فلج ضمن القائمة النهائية للمسابقة، فهو ثمرة عشرة أعوام من العمل المتواصل، ويسعدني أن أمثّل المرأة الإماراتية في هذا المحفل الدولي الكبير، حاملة معي جزءاً من هويّتنا الثقافية وإبداعنا المحلي إلى العالم.
تركز الجائزة على محورين رئيسيين: التقليد والابتكار، ونقل الإبداعات كمصدر إلهام وتصور لمستقبل مُحتمل؛ إلى أي حد يتفق ذلك مع أعمالك، خصوصاً أن التراث ملهم لكِ؟
تمكّنا في أستديو الجود لوتاه للتصميم، من صياغة شخصية واضحة لمدرسة التصميم التي ننتمي إليها، تقوم على التعبير عن تراث وثقافة الإمارات بأسلوب مبتكر ومعاصر، بعيد عن التقليد المباشر. نسرد قصص هذا الوطن وهذه المنطقة بلغة عالمية يفهمها الجميع، ألا وهي لغة الجمال والبساطة. ومن هذا المنطلق، أرى أن أعمالنا تتوافق تماماً مع المحاور التي تركّز عليها الجائزة، أي الجمع بين التقليد والابتكار، ونقل الإبداع ليكون مصدر إلهام ورؤية لمستقبلٍ مُحتمل. ولهذا فإن مشاركتنا تأتي كتعبير طبيعي عن هذه الهوية، مع تمنياتي بالتوفيق لكل المشاركين الذين أكنّ لهم كل الاحترام والتقدير.
عقد على تأسيس الأستديو
ما أبرز نتاجات الأستديو الخاص بكِ هذا العام (2025)، على صعد تصميم المفروشات والمنتجات، كما التعاونات؟

يمرّ الأستديو هذا العام، بمرحلة انتقالية مهمّة، فبعد عقد كامل من العمل المتواصل، نسعى اليوم إلى استكشاف أبعاد جديدة وإضافة لمسات مختلفة إلى عالم التصميم تعكس تطوّر تجربتنا وتوسّع رؤيتنا. قد لا يكون من المناسب التصريح عن تفاصيل أكثر في الوقت الراهن، غير أنّني على يقين بأنّ ما هو قادم سيكون مميزاً، وسأكون سعيدةً بمشاركة الأخبار الجديدة حال حدوثها قريباً.
الرحلة نحو العالمية
إلى ما ترجعين علوّ أصوات المصممين العرب في تظاهرات تصميمية عالمية وفي إطار تعاونات دولية؟ حدثيني عن التحديات التي واجهتها حتى الوصول إلى ميادين التصميم العالمية؟
قد يكون جوابي غير تقليدي، لكنني بصراحة لم أواجه الكثير من التحديات في رحلتي نحو العالمية، فالعالم الغربي يبحث دائماً عمّا هو جديد ومتفرد، ولا أعتقد أنّه سيجد هذا القدر من الجمال المتنوع والمركّز في منطقة واحدة كما يجده في العالم العربي. حين بدأت مسيرتي، اكتشفت أنّ العمل المتواصل والدؤوب هو السبيل الوحيد للوصول، وأنه لا توجد طرق مختصرة في هذه الرحلة. هذه القناعة البسيطة كانت دليلي في مسيرتي، ومنها استمددت القدرة على الحضور في المحافل والتظاهرات العالمية للتصميم.
صُنع في الإمارات
مع الاهتمام المتزايد باقتناء الناس الأثاث وقطع الديكور من مصممين معروفين؛ هل تغيرت وتيرة العمل؟ وما هي التحديات؟
في بداياتنا كنّا نشعر بشيء من الإحباط عندما نرى الدهشة وربما خيبة الأمل على وجوه البعض حين نخبرهم أن منتجاتنا صُنعت بفخر في دولة الإمارات، فقد كانت الفكرة السائدة آنذاك أن الصناعة الحقيقية لا تأتي إلا من الغرب، وأن ما يُنتَج خارج أوروبا في مجال المفروشات والديكور لا يمكن أن يرتقي إلى المستوى العالمي من حيث الجودة والابتكار، غير أن الصورة اليوم تغيّرت تماماً؛ فقد أصبح العملاء يبدون إعجابهم واعتزازهم حين يعلمون أن هذه القطع صمّمها مصممون إماراتيون وصُنعت في الإمارات. أمّا بالنسبة لي، فإن أعظم ما أعتز به هو أنني أسهمت، ولو بقدر متواضع، في هذه الحركة التي أعادت صياغة مكانة التصميم الإماراتي، وأثبتت للعالم أن إبداعنا قادر على المنافسة والتميّز على أرفع المستويات.
بين الحرفي والمصمم
هل تعتقدين أن التكاتف بين الحرفي والمصمم "ترند" عابر أم هو يقع في صلب التصميم؟
التكاتف بين الحرفي والمصمم ليس مجرّد "ترند" عابر كما يراه البعض، بل هو أساس يميّز المصمم منذ انطلاق الفكرة الأولى للتصميم، فالحرفي هو من صنع شباك الصيد، بينما المصمم، إن صح التعبير، هو من حوّلها إلى ما نعرفه اليوم بالـ"قرقور"، وهي الأقفاص التي استُخدمت في صيد الأسماك. وجدّاتنا وأمهاتنا الحرفيات كنّ مَن يقمن بحياكة السدو، بينما المصممون هم من حوّلوا هذا النسيج إلى بيوت مشيّدة تؤوي الناس. ومن هنا فإن العلاقة بين الحرفي والمصمم تكاملية؛ كلٌّ منهما يُثري الآخر، وهذه العلاقة كانت وستظلّ في صلب عملية التصميم على الدوام.
قد يهمك الاطلاع أيضاً على المصممة كارن شكرجيان: الفنون والحرف كانت منقذة لي
مستقبل دولة الإمارات مشرق
ما رؤيتك لمستقبل التصميم في الإمارات والعالم العربي بشكل عام، خصوصاً أن دبي هي قِبلة المصممين العالميين؟
مستقبل دولة الإمارات مشرق، في ظل قيادتنا الرشيدة التي جعلت الوطن والمواطن في صدارة الأولويات، وذلك في شتى المجالات. ومجال التصميم لا يختلف عن غيره، فهو جزء أصيل من هذا التوجّه الطموح. كما تميّزت الإمارات في فنون العمارة التي نراها شاهدةً على التطور في مختلف أرجاء الدولة، من برج خليفة في دبي إلى متحف الشيخ زايد في أبوظبي، فإنها ستظل أيضاً قِبلة للتصميم والإبداع على مستوى العالم العربي والعالم أجمع.