الاستثمار في العقارات لم يعد مجرد خيار تقليدي لتوظيف الأموال، بل أصبح وسيلة أساسية لتعزيز الثروة وتحقيق دخل إضافي. لكن على عكس ما تصوره منصات مثل "تيك توك" أو "إنستغرام" أو "يوتيوب"، فهو ليس طريقاً سهلاً أو سريعاً لتحقيق الثراء، بل يحتاج إلى وقت وجهد ورأس مال، مع قدر كبير من الصبر والانضباط.
التقت "سيدتي" الدكتورة سلوى العرفاوي، خبيرة عقار دولية معتمدة وحاصلة على دكتوراه في الريادة العقارية والابتكار الرقمي من جامعة باريس، مؤسسة برنامج women Of Vision لتمكين المرأة في القطاع العقاري والثقافة المالية، وعضو في مجلس دبي لرائدات الأعمال، والتي قدمت نصائحها لبدء الاستثمار العقاري بطرق صحيحة ومدروسة.
لماذا الاستثمار العقاري خيار مهم؟
تقول د. سلوى: "أؤمن بأن العقار هو الأداة الأذكى لحماية المستقبل وبناء الثروة، على عكس الأصول الأخرى التي قد تتأثر بتقلبات الأسواق، العقار أصل ملموس يمنح استقراراً مالياً وعائدات ثابتة عبر التأجير أو إعادة البيع". وتضيف: "والأجمل أنه يمنح شعوراً بالطمأنينة، خصوصاً للمرأة التي تبحث عن وسيلة عملية لتأمين مستقبلها". وأكدت كذلك أنه مجال واعد للاستثمار، ومن ثَمَّ على رواد الأعمال أن ينتبهوا لفرصه المتاحة.
هل الاستثمار العقاري يحتاج رأسَ مال ضخماً؟
ترى د. سلوى أن البدء في مشروع للاستثمار العقاري لا يتطلب أموالاً ضخمة كما يتصور البعض، بينما تقول: "هذه صورة نمطية قديمة، الاستثمار يمكن أن يبدأ من شقة صغيرة أو حتى أستوديو. كثير من الإمبراطوريات المالية بدأت بخطوة بسيطة. المهم هو اتخاذ القرار والبدء، ومن ثَمَّ تتوسع التجربة".
هل الاستثمار العقاري مناسب للمرأة؟
من واقع تجربتها في سوق الاستثمار العقاري، تؤكد د. سلوى أن هذا المجال واعد بالنسبة للنساء اللواتي يبحثن عن سبيل في ريادة الأعمال، وتقول: "في البداية واجهت الكثير من التحديات، لكنني أدركت أن العقار لا يفرّق بين رجل وامرأة، بل بين من يملك الرؤية ومن لا يملكها. اليوم أرى نساءً كثيرات يدخلن السوق بتردد، ويخرجن منه بثقة واستقلال مالي، وهذا مصدر فخر كبير لي".
وتعدد د. سلوى مزايا الاستثمار العقاري كمجال واعد للمرأة العربية، وتقول: "الاستثمار العقاري يمنح النساء قوة معنوية؛ أن يمتلكن أصولاً، أن يُدرن استثمارات، أن يتفاوضن على صفقات؛ هذه كلها مهارات قيادية. العقار لا يبني ثروة فقط، بل يبني شخصية واثقة".
طرق رئيسية للاستثمار العقاري
يمثل الاستثمار في العقارات أحد أكثر مجالات الاستثمار شيوعاً، لكنه يحتاج إلى وعي وخطة واضحة لتقليل المخاطر وتعظيم العوائد، فيما يلي أبرز الطرق:
شراء منزل شخصي
يُعد امتلاك منزل وسداد أقساطه أول خطوة ذكية في الاستثمار العقاري؛ لأنه يفرض الادخار ويزيد من صافي الثروة مع مرور الوقت. وعندما تتخلص من عبء الرهن العقاري؛ يتاح لك توجيه أموالك إلى استثمارات أخرى؛ مثل خطط التقاعد. أما إذا كنت مقبلاً على شراء أول منزل؛ فاحرص على سداد ديونك، تكوين صندوق طوارئ، وتوفير دفعة مقدمة مناسبة.
اقرأوا أيضاً: لماذا يتجه رواد الأعمال إلى مشاريع سريعة ذات ميزانية محدودة؟
شراء عقار للإيجار
بعد سداد أقساط منزلك الأساسي، يمكنك التفكير في شراء عقار للإيجار يضيف دخلاً ثابتاً إلى ميزانيتك. لكن يُفضل أن يتم الدفع نقداً؛ لتفادي مخاطر القروض، مع الاستعداد لتحمل تكاليف الإصلاحات وإدارة المستأجرين. امتلاك صندوق طوارئ هنا ضروري لمواجهة فترات الشغور أو الطوارئ.
إعادة بيع المنازل بعد الترميم
من الخيارات الأخرى: شراء عقار بسعر منخفض، تجديده، ثم إعادة بيعه لتحقيق أرباح سريعة. ورغم جاذبيته، إلا أن هذا النوع محفوف بالمخاطر؛ بسبب تقلبات السوق وتكاليف الترميم غير المتوقعة، لذا لا ينصح به إلا لمن يملك الخبرة ورأس المال النقدي الكافي.
صناديق الاستثمار العقاري (REITs)
لمن يبحث عن استثمار أبسط، يمكن اللجوء إلى صناديق الاستثمار العقاري، التي تشبه الصناديق المشتركة، لكنها تستثمر في عقارات فعلية، وتوزع الأرباح على المستثمرين. غير أن الدخول فيها يستلزم أن تكون خالياً من الديون، وأن تختار صندوقاً موثوقاً بعوائد جيدة، على ألا تتجاوز نسبته 10% من صافي ثروتك.
مستقبل الاستثمار العقاري
بنظرة متفائلة، تُقيم د. سلوى مستقبل الاستثمار العقاري، لا سيّما في ظل التطور التكنولوجي وسيطرة الذكاء الاصطناعي على مجالات عديدة. وتقول: "المستقبل سيكون مزيجاً بين الأصول الملموسة، مثل العقار والأدوات الرقمية؛ مثل الميتافيرس والذكاء الاصطناعي. ومن موقعي كحاصلة على دكتوراه في القيادة العقارية والابتكار الرقمي؛ أرى أن أمام النساء فرصاً هائلة للاندماج في هذا العالم الجديد".
اقرأوا أيضاً: الابتكار وقود ريادة الأعمال: كيف نغرسه في الأجيال الجديدة؟
