mena-gmtdmp

فيلم «الست» جمال الصورة وارتباك السرد وأهمية الاكتشاف العالمي

سهى الوعل
سهى الوعل
سهى الوعل

فيلمُ «الست» عن كوكبِ الشرقِ أم كلثوم يقفُ في منطقةٍ وسطى بين الإعجابِ والتساؤل، حيث تفرضُ الصورةُ نفسها منذ البداية بوصفها من أبرزِ نقاطِ قوَّةِ العمل، فالألوانُ مدروسةٌ، والملابسُ دقيقةٌ، والديكوراتُ، تحملُ حساً فنياً مبهراً، وهذا الجمالُ البصري، ليس مجرَّد زينةٍ، وإنما عنصرٌ أساسٌ في خلقِ الإحساسِ العامِّ بالفيلم.

بالنسبة لي، ما أحببت أنني اكتشفته عبر الفيلم هو الجزء الذي قدمه عن علاقتها بفرقتها الموسيقيَّة، إذ كانت الكلمةُ العليا لها منذ اليومِ الأوَّلِ حتى الأخير، لا بدافعِ الحبِّ فقط، بل وأيضاً بدافعِ القيادةِ الحقيقيَّة.

في حين، تمنيت لو لم يتم تغييبُ دورِ والدتها وصديقاتها، علاقات كانت محوريَّةً في تكوين شخصيَّتها، بالإضافة لأشخاص آخرين أبرزهم الشيخ أبو العلا، رياض السنباطي، محمد عبد الوهاب.. وغيرهم.

الموسيقى التصويريَّة حيرتني، لم تكن عادية لكنها لم تكن تشبه أم كلثوم، وفي بعض المشاهدِ، ارتفعَ صوتُها على الحوار! وهذا الخللُ أضعفَ لحظاتٍ، كان من المفترضِ أن تكون مؤثِّرةً.

مع تقدُّمِ الأحداث، نكتشف أن الخيط الأبرز الذي تسير وفقه القصة هو علاقات الحبِّ في حياةِ أم كلثوم، أي أنه ليس فيلماً عن مسيرتها، أو مراحلها المفصليَّة، لتُصبح العلاقاتُ العاطفيَّةُ المحرِّكَ الأساسَ للسردِ.. تنتهي أزمةٌ، ونعرفُ أن شخصيَّةً معيَّنةً ستظهرُ، أو أن علاقةً جديدةً ستبدأ! هذا التوقُّعُ المستمرُّ، أفقدَ العملَ عنصرَ المفاجأة.

محاولةَ سردِ حياةِ أم كلثوم من الطفولةِ حتى الوفاة، كانت طموحةً أكثر مما ينبغي، فهذا الاتِّساعُ الزمني، لا يحتمله فيلمٌ واحدٌ، وكان من الأجدى التركيزُ على فترةٍ محدَّدةٍ، خمسةُ أعوامٍ مفصليَّة مثلاً، لا يعرفُ عنها الكثيرون شيئاً، والغوصُ من خلالها في مشاعرها، أزماتها، وصداماتها، ثم كيف تعاملت معها. هذا الخيارُ، كان سيمنحُ الفيلمَ كثافةً وعمقاً أكبر.

في المقابل، يُحسَبُ للفيلمِ استخدامُه الذكي لـ «الفلاشباك»، فجميع مشاهِد الاسترجاع، جاءت موفَّقةً برأيي، ووُضِعَت في أماكنها الصحيحة، وربطت الماضي بالحاضرِ بسلاسةٍ سينمائيَّةٍ خلَّاقةٍ.

أمَّا أداءُ منى زكي، فكان جيداً في المشاهِد الحواريَّةِ الطويلة، إذ برعت في التفاعلاتِ الكلاميَّةِ، لكنْ في المشاهِد الصامتةِ التي تتطلَّبُ تعبيراً بالعينَين أكثر من الكلام، بدا الأداءُ أضعفَ نسبياً لأنها اعتمدت على التمثيل بحاجبيها، بينما كانت محاولاتِ تغييرِ شكلها جيِّدةً تقنياً، ولو أن النتيجةَ النهائيَّة لم تشبه أم كلثوم أو منى زكي نفسها، غير أن أداءَ منى، صرفَ الانتباه عن ذلك بعد دقائق من المشاهدة.

القيمةُ الحقيقيَّةُ للفيلمِ تكمن خارج العالمِ العربي، فالعرب يعرفون قِصَّةَ أم كلثوم، وسيشاهدون الفيلمَ بعيونٍ نقديَّةٍ مختلفةٍ، أمَّا الأجانبُ، فالفيلمُ بالنسبةِ لهم اكتشافٌ ثقافي وفنِّي ثمينٌ، ومن هنا، يمكن أن نعدَّ هذا العملَ بوَّابةً مهمَّةً لتعريف العالمِ بالفنِّ العربي ورواد الغناء والتمثيل العرب.