هل تتخيلون أن هناك من لا يمتلك جهاز تلفاز في بيته أو هاتفاً جوالاً؟ الأمر ليس مستغرباً، فكثير من المثقفين يعزفون عن الأجهزة التي تسرقهم من حياتهم، ففي تونس أصبحت الظاهرة لافتة للانتباه، حيث يمضي كثير من النجوم، والمثقفين، والكتاب حياتهم دون سيارة أو تلفزيون، بل إن بعضهم لا يستعمل أبداً الهاتف الجوال، وله موقف من امتلاك هذه الوسائل التي أصبحت ضرورية في حياة كل إنسان له إمكانية اقتنائها. وهذه تفسيرات طريفة لشخصيات ثقافية شهيرة في تونس؛ لكشف هذا السر، فما مدى إقناعها؟
الحفر هي السبب
لمين لنّهديّ، أغنى ممثّل تونسي وأشهرهم، والذي لم يخب نجمه على مر الأعوام والسنين، وفي الأعوام الأخيرة جمع ثروة طائلة من خلال مسرحيات الممثل الواحد، التي ضرب بها الرقم القياسي في عدد العروض التي قدمها بتونس، وأوروبا، وكندا، ودول أخرى كثيرة، ولكنّ هذا النجم لا يملك سيارة، وينتقل داخل العاصمة بسيارات التاكسي، ولأنه ممثل حاضر البديهة لاذع اللسان، فقد علّل اختياره في لهجة ساخرة عندما سئل عن سبب عدم امتلاكه لسيارة قائلاً: «السبب هو كثرة الحفر في الطّرقات التّونسيّة»!
تسير كي تصل
أمّا الشّاعر الصغيّر (أولاد أحمد)، وهو أحد أشهر الشعراء المعاصرين في تونس وأكثرهم إثارة للجدل، فهو أيضاً لم يمتلك أبداً سيارة، وعن سر ذلك قال: «أشدّ ما يزعجني في السيّارة أنّها تسير لكي تصل، في حين أني أفضّل أن أصل قبل أن أسير».
غياب المتعة
أمّا الشاعر المنصف المزغنّي مدير «بيت الشعر» السابق، وهو من أشهر الشعراء التونسيين، فيعلل الأمر بشكل طريف قائلاً: غياب المتعة في كتاب تعليم السّياقة، جعلني أعزف عن تعلمها. وقد أعلن محمد إدريس، الممثل التونسي الشهير والمدير السابق للمسرح الوطني، وهو رجل مثقف، أنه لا يملك جهاز تلفزيون في بيته، ولا شك أن له موقفاً منه، لكنه لم يعلن عنه.
محب الحرية
أما حاتم المكي، وهو من رواد حركة الرسم في تونس والعالم العربي وأفريقيا، فقد عاش ومات في الخامسة والثمانين دون أن يمتلك جهاز تلفزيون أبداً، وإلى جانب لوحاته الكثيرة الخالدة التي اشتهر بها في تونس والعالم، فإن حاتم المكي اشتهر أيضاً برسوماته على الطوابع البريدية والأوراق المالية؛ حتى إن اسمه اقترن بهذا الاختصاص. وقد علل عدم امتلاكه جهاز تلفزيون طيلة حياته بقوله بأنه يفضل المكتوب على المرئي، ورغم نصائح أصدقائه له دائماً باقتناء جهاز تلفزيون فإنه لم يفعل ذلك، وعاش طيلة حياته مع زوجته الفرنسية بين كتبه وورشته، ولم يشاهد أبداً في بيته أي برنامج تلفزيوني مهما كان. وهو يرى أن التلفزيون يفرض برامجه فرضاً على المشاهد، ولأنه عاش طوال حياته عاشقاً للحرية، فإنه كان أنيساً دائماً للكتاب.
وقد عمل حاتم المكي في شبابه الباكر رسام كاريكاتير في جريدة «الزمان»، التي كان رئيس تحريرها الشاعر الغنائي الشهير بيرم التونسي أثناء نفيه إلى تونس. وبعد أن كان الرسام الكبير حاتم المكي يخلّد طيلة حياته الأحداث والمشاهير برسوماته في أكثر من 200 طابع بريدي، فقد صدر بعد وفاته طابع بريدي به صورته، لكن بريشة رسام آخر...
«نجوم» ومثقفون بلا سيارات ولا تلفزيون أو جوال!
- ثقافة وفنون
- سيدتي - الطيّب فراد
- 16 يوليو 2014