الرسام السعودي عبدالمحسن الرويس: الفنّ مصدر قوة واطمئنان في كل الظروف

الرسام السعودي عبدالمحسن الرويس: الفنّ مصدر قوة واطمئنان في كل الظروف
الرسام السعودي عبدالمحسن الرويس

بدأ عبدالمحسن الرويس أولى خطواته في الرسمِ، وهو في الـ 12 من عمره، عبر رسمِ الخطوطِ على الطاولاتِ في المدرسةِ قبل أن يحوِّلها إلى لوحاتٍ، ويتعلَّقَ أكثر بهذا الفنِّ، ويقوده شغفُه به إلى احترافه، ليصبحَ تالياً من أهمِّ الرسَّامين في السعوديَّة.. خلال لقاءِ «سيدتي» به، أفردَ الرويس أوراقَ إبداعاتِه، وكشفَ عن مصادرِ إلهامه.


عبدالمحسن الرويس


يمتلكُ عبدالمحسن الرويس مهاراتٍ خاصَّةً في تحويلِ الأسطحِ والفراغاتِ إلى زخارفَ وأشكالٍ فنيَّةٍ، تنبضُ بالحياةِ والحيويَّة، وتحثُّ رسوماته على التفاؤلِ، وتتميَّزُ بالبساطةِ، ومنبعُ ذلك شخصيتُه المحبَّةُ والمغرمةُ بالحياة.

يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط


تحرِّكني الخطوط والنقاط

 

 

من أعمال الرسام عبدالمحسن الرويس



تحويلُ القطعِ العاديَّةِ إلى لوحاتٍ فنيَّةٍ، ليس بالأمرِ السهل، فهل تقومُ بعملِ مخططاتٍ قبل الشروعِ في الرسمِ عليها، أم أنك تبدأ بالرسمِ دون تخطيطٍ؟

في أوَّلِ لحظةٍ، أرى فيها المساحةَ، أو اللوحةَ، أتساءلُ عن قدرتي على استغلالها بشكلٍ جميلٍ من أجلِ إبداعِ وتنفيذِ لوحةٍ فنيَّةٍ، ولا ألزمُ نفسي بمخططٍ محدَّدٍ، أو نقطةِ بدايةٍ ونهايةٍ، وكلُّ ما أحرصُ عليه أن أبدأ بالنقاطِ، ثم تحرُّكني الخطوطُ، وأحرِّكها، وأشعرُ وكأنّي بدأتُ في حوارٍ مستمرٍّ مع الخطوطِ والنقاط، وأحاولُ أن أتجاوبَ معها بالطريقةِ الملائمةِ، فتنهمرُ وتتصاعدُ، وتركدُ في حالاتٍ أخرى، وكأنَّها لغةٌ تكامليَّةٌ ما بين العطاءِ والأخذِ، وأظلُّ على هذه الحالِ حتى يعتريني إحساسٌ بالتوقُّفِ، وأنني وصلتُ إلى غايتي باكتمالِ اللوحة.

 


طريقة Doodless في الرسم

 

 

من أعمال الرسام عبدالمحسن الرويس



جذبكَ الرسمُ بطريقةِ Doodless، وأصبحت وسيلةً للتعبيرِ عن أفكارك وتأمُّلاتك، ما مزايا هذه الطريقة، وما مدى انتشارها في السعوديَّةِ والوطنِ العربي؟

انجذابي لهذا النوعِ من الرسمِ، بدأ في الصغرِ، وتعمَّقتُ كثيراً بهذه المدرسةِ الفنيَّة، لأنني أفضِّلُ أن أقومَ برسمِ الخطوطِ بشكلٍ عشوائي. مع هذه المدرسةِ، بدأت رحلتي للبحثِ واستكشافِ الخطوط، وسبرِ أغوارِ الزخارف، ومعانيها، وأصلِ وجودها.


هل هناك مواصفاتٌ محدَّدةٌ للقطعِ العاديَّةِ لتحويلها إلى لوحاتٍ فنيَّة؟

بمجرّدِ الرسمِ على المساحةِ الفارغة، أشعرُ بخلقِ مكانٍ مليءٍ بالتأمُّل والحياةِ والتفاصيل، والأفكارِ المتشابكةِ التي تدعو إلى عملِ حوارٍ بينك وبينها، فتخرجُ منها بمعنى، أو تصنعُ فكرةً، أو تقرأها بطريقةٍ تتناسبُ مع نظرتك للأشياءِ، فيصبحُ المكانُ مليئاً بالتساؤلاتِ اللامتناهية، والرؤى الخاصَّة، ودائماً ما أكون في مرحلةِ بحثٍ عن الفراغاتِ، والأماكنِ الصامتة، وأتجوَّلُ فيها، وأستشعرها كأنَّها عملٌ لم يكتمل، أو مساحةٌ تنتظرُ مَن يملأها، أو صوتٌ ينعشُ هذا الهدوءَ والصمت، وأبدأ باستغلالها لتشكيلِ لوحةٍ، والتعبيرِ عن المشاعر، وصنعِ أفكارٍ جديدةٍ، وهذه الحالةُ التي تتَّسمُ بالديمومةِ بالنسبةِ لي، تقودني للاستمرارِ في استلهامِ أعمالٍ فنيَّةٍ جديدةٍ.


كيف يستقبلُ الجمهورُ لوحاتك التي تحتاجُ إلى عمقٍ في التفكير؟

الجمهورُ دائماً ما يغرقُ في بحرٍ من التساؤلاتِ عندما يُطالع، ويُصافح أعمالي الفنيَّة. الجميعُ يبحثُ عن معنى، أو تفسيرٍ للزخارفِ الموجودةِ في الأعمال الفنيَّة، وهو ما يراه بعضهم من المرَّةِ الأولى، فيفهمون المعنى المقصود، بينما يشعرُ آخرون بذكرى معيَّنةٍ تجاه تلك الزخارفِ، في حين تمنحُ طرفاً ثالثاً إحساساً بالسعادة.

ما رأيك التعرف إلى أهمية الفن للإنسانية

 

 

 

"الرسم بالنسبة لي أسلوب حياةٍ متجدد ومشاعر متأججة، أحاول دائمًا تجسيدها بطريقة تدعو إلى التأمل والتفائل "

 

 


مشاعر متأجِّجة

 

من أعمال الرسام عبدالمحسن الرويس



هل تستوجبُ لحظاتُ الرسمِ الانعزالَ عن المحيطِ الخارجي لإبداع لوحاتٍ مميَّزةٍ؟

الرسمُ بالنسبةِ لي عمليَّةٌ مستمرَّةٌ، لا يمكنُ أن تتوقَّف. هو أسلوبُ حياةٍ متجدِّدٌ، ومشاعرُ متأجِّجةٌ، أحاولُ دائماً تجسيدها لمَن حولي بطريقةٍ، تدعو إلى التأمُّلِ والتفاؤلِ. تُلهمني الأشكالُ، والخطوطُ، ووجوه الناسِ، وطريقةُ تعبيرهم عن الأشخاصِ في محيطي، وكلُّ الموجوداتِ التي نتعايشُ معها، إضافةً إلى التجاعيدِ الموجودةِ حول العينِ، والمظهرِ، وأسلوبِ الكلامِ، واختلافِ الحديثِ عن المشاعر، والخطوطِ التي تبرزُ على الوجه، كلُّ ذلك يحفِّزني على رسمِ خطوطٍ وألوانٍ فريدةٍ.

ما رأيك الاطلاع على 33 فناناً وفنانة في معرض صيف 2023 مسك للفنون توثق جماليات التاريخ وعراقة التقاليد


لغاتٌ زخرفيَّةٌ جديدةٌ

 

 

من أعمال الرسام عبدالمحسن الرويس



أيهما الأكثرُ تأثيراً في الآخر، الفنُّ أم عبدالمحسن الرويس، بمعنى هل أثَّر الفنُّ في حياتك بشكلٍ كبيرٍ، أم كان تأثيرك عليه أكبر؟

الفنُّ بالنسبةِ إلى عبدالمحسن الرويس أسلوبُ حياةٍ، فكلُّ شيءٍ يلامسُ يدي، أو يلفتُ انتباهي، أو يصلُ إلى مشاعري، لا شعورياً أبدأ بتحويله إلى لغةٍ زخرفيَّةٍ جديدةٍ، تعبِّرُ عني. ويمكن أن يكون له معنى، أو لا يكون بشكلٍ مباشرٍ، مع الإحساسِ به بسهولةٍ.

الفنُّ، هل تجده وسيلتك الوحيدةَ للحصولِ على السلامِ الداخلي، وما المشاعرُ الأخرى التي تنتابك عند تنفيذِ لوحةٍ ما، أو عملٍ فنِّي؟

الفنُّ مصدرُ قوةٍ واطمئنانٍ لي في كلِّ الظروفِ المحيطةِ بي، ويساعدني في الصبرِ، والثباتِ، والتفاؤلِ، والحفاظِ على الهدوء، ويمنحني شعوراً عميقاً، وسلاماً داخلياً كبيراً، فبمجرَّدِ أن أمسك الفرشاةَ، أو القلمَ، وأبدأ بالرسمِ، أنسى كلَّ شيءٍ، ولا أحملُ همَّ التفكيرِ فيما سأقومُ به، أو النتيجةِ التي سأصلُ إليها عند اكتمالِ اللوحة.


تجسيدٌ مبهرٌ لقصيدة «يا عين»

 

لديك تجربةٌ متميِّزةٌ في دمجِ الخطِّ العربي مع أسلوبك في الرسمِ، لتجسيدِ قصيدةِ «يا عين» التي غنَّتها الفنَّانةُ ريم المرشد، هل كنت تتوقَّعُ الخروجَ بهذه اللوحاتِ المبهرة؟

تمَّ التواصلُ معي لتجهيزِ لوحاتٍ فنيَّةٍ، تعبِّرُ عن الموسيقى، وتتماشى مع جلسة تصويرٍ خاصَّةٍ بالفنَّانةِ ريم المرشد، التي وقع اختيارها على قصيدةِ «يا عين» لتصويرِ «فيديو كليبٍ». القصيدةُ عبارةٌ عن أبياتٍ شهيرةٍ، كتبتها الشاعرةُ السعوديَّةُ نورة الحوشان تحت عنوان «يا عين هلّي»، وتعبِّرُ عن قصَّتها مع زوجها الذي عاشت معه أجملَ أيامِ حياتها إلى أن وقعَ بينهما خلافٌ، أدَّى إلى طلاقهما. وقد قمتُ بدمجِ الخطِّ العربي مع أسلوبي في الرسم، وتمَّت عمليَّةُ التصويرِ في Galerie D’ART بالسمحانيَّة في محافظةِ الدرعيَّة.

يمكنك أيضًا الاطلاع على هذا اللقاء مع مصممة وفنانة سعودية ملك مسلاتي