لا مجال للهرب حتى وإن تلحفنا النوم...
فنحن نبتعد عن ماديتنا التي قد تشعرنا بالأسى، بالحب، وباللهفة الأولى، حينما نهرع للأحلام النائمة خلف سبات الوقت، نحن نخسر الكثير من وجودنا حينما نعطل حواسنا عنوة، فالكثير منا يرقد خلف عوالم نجهلها، لنستيقظ على واقع لم يتغير فيه أي شيء كان متوقعاً حدوثه، سوى أن بعض أحزاننا.. بعض مشاكلنا.. وبعض مشاعرنا المثخنة كانت تنتظرنا عند حافة سريرنا الوثير، نعتقد في كثير من الأوقات بأن النوم هو الحل العظيم لكل مشاكلنا الدامغة، وكأننا نريد نسفها وطرحها من جدولة أيامنا، أو حتى ساعاتنا الراهنة بركلها خلف توقف الزمن، وكأن النوم قادر على ترتيب فوضانا، وكأن له تلك القدرة الخفية على إعادة صياغة أيامنا بما يناسبنا، بعيداً عن همومنا الملطخة بأدران المشاعر، وبعيداً عن مهزلة العاطفة، فنحن نتوهم كثيراً، كما ننتظر الكثير من كل شيء، ومن اللاشيء.
أنا لم أهرب مطلقاً من وجع كنت أنت سببه، لم أستر عورات بؤسي تحت غطاء الهرب، ولم أستنجد بالأحلام حتى أعيشك بصورة ضبابية، بل كنت متواجدة في أكثر الأوقات بكاءً، كنت باقية في أشد الأوقات رحيلاً، فأخبرني أنت أين كنت حينها؟
فأنا لم أعترف بالنوم سوى أمام دوخة الحياة في عيني، ولم أعانقه سوى عند وصولي لحالة مرهقة من التفكير المجهد في موريات هذه الوحدة، وما ينتجه كل هذا الفراق من خراب جميل!! لذلك فقط قد أعتنقه لضعفي المفلس من قوة تجعلني أكمل السهر والعيش بصحوة تشعرني بالحياة، أو أعتقه بالكثير من الكافيين وبأشغالي المتكاثرة في كل يوم، فأواصل التماهي بأفكاري وبمشاعري الغيبية التي تأخذني نحو الخلق، ونحو دورة الحب الملهمة.
من المؤسف أن نجعل النوم ملاذاً آمناً من مشاكلنا الصارخة، بل ونتعاطاه كمهدئ مؤقت، قد يكون كذلك فعلاً، لكنه لم يفعل شيئاً سوى أن جميع همومنا تراكمت أكثر من ذي قبل، بفوضى لا يمكننا ترتيبها، لذلك واجه مشاكلك العاطفية، والاجتماعية والحياتية بضراوة أكبر