جامع عقبة بن نافع في القيروان

7 صور

إن المسجد الجامع بالقيروان،«جامع عقبة» هو أهم معلم في المدينة، وهو بشهادة الخبراء والمؤرخين والمهندسين، أبرز ما جادت به العمارة القيروانيّة، وقد تأسّس سنة 50هـ، ويتميز بخصائص معماريّة تدلّ على وجود مدرسة فنّيّة قيروانيّة، ويبدو ببنائه العتيد وعلوّ سوره متأثّراً بالعمارة الدّفاعيّة، ويشتمل على 17 بلاطة، وثمانية أساكيب، وتعد مئذنته فريدة من نوعها في العالم الإسلامي، ويشير ارتفاعها إلى استعمالها عند الضّرورة كبرج مراقبة.

القيروان
«القيروان»، كلمة فارسيّة وتعني: محط الجيش، وهي مدينة أسسها القائد عقبة بن نافع سنة 50 للهجرة، الموافق لـ670 ميلادي، وجعل منها منطلقاً لفتوحاته الإسلاميّة.
والقيروان أقدم قاعدة للإسلام والمسلمين ببلدان المغرب العربي، وقد أثنى المؤرخ الإدريسي في كتابه «نزهة المشتاق» على القيروان التي زارها قائلاً: «القيروان أمّ أمصار وعاصمة أقطار، أعظم مدن الغرب قطراً، وأكثرها بشراً، وأيسرها أموالاً، وأوسعها أحوالاً، وأتقنها بناء، وأنفسها همماً، وأربحها تجارة، اللّهم عمّرها بالمطيعين لك».

من يزورها اليوم يدرك أنه صحت فيها قولة مؤسسها عقبة بن نافع، عندما دعا لها ولأهلها قائلاً: «اللّهم املأها علماً وفقهاً، وعمّرها بالمطيعين لك، والعابدين، واجعلها عزّاً لدينك، وذلاً لمن كفر بك، وأعز بها الإسلام، وأمّنها من جبابرة الأرض، اللّهم حببها لسكّانها، وآتها رزقها رغداً من كلّ مكان».
والقيروان ينبوع فيّاض من ينابيع الحضارة العربيّة الإسلاميّة، تحظى بمنزلة رفيعة في قلوب المسلمين، وهي تحتضن قبر أبي زمعة البلوي، صاحب الرسول الأكرم.

وصية عقبة
ومن أجمل ما يؤثر عن عقبة بن نافع، وصيّته لأبنائه بالقيروان، لما عزم على التّوغّل في فتح المغرب، قال لهم: «يا بنيّ! إنّي بعت نفسي من الله، ولا أدري ما يقضي عليّ في سفري، يا بنيّ! إنّي أوصيكم بثلاث خصال؛ فاحفظوها ولا تضيّعوها: املأوا صدوركم من كتاب الله؛ فإنّه دليل على الله، وخذوا من كلام العرب ما تهتدي به ألسنتكم، ويدلّكم على مكارم الأخلاق، وأوصيكم ألاّ تداينوا ولو لبستم العباء؛ فإنّ الدّين ذلّ بالنّهار، وهمّ باللّيل؛ فدعوه تسلم لكم أقداركم، ولا تأخذوا ديناً إلاّ من أهل الورع؛ فإنّه أسلم لكم، ولا تقبلوا العلم من المغرورين؛ فيفرّقوا بينكم وبين الله، ومن احتاط سلم ونجا».