الأحاديث الجريئة في الزواج مادورها؟

قالت دراسة برازيلية لخبراء متخصصين بالشؤون الاجتماعية والأسرية والزواجية إن التمويه واللف والدوران في الأحاديث المتعلقة بالمشاكل الزوجية لم تعد بإمكانها حل الصراعات الجدية، التي تتشكل في الزواج عبر مرور السنين، لذلك فإن الحديث الجريء يعني الدخول في صميم الأمور، وعدم محاولة ترديد ذلك النوع من الأحاديث التي لا تقدم ولا تؤخر في إيجاد الحلول للمشاكل والصراعات الجدية في العلاقة الزوجية.

ويجب أن تكون الأحاديث الجريئة بين الزوج والزوجة متعلقة بالقضايا الملحة، والنتائج التي من الممكن أن تظهر في حال استمرار هذا الصراع أو ذاك، وكذلك حول المسؤوليات والخطط المستقبلية، والجهود المبذولة لتحسين مستقبل الزواج، وكذلك إظهار عناصر الحقيقة مهما تكن مؤلمة. فمن المعروف أن قول الحقيقة ربما يؤلم الآخرين، ولكنها في النهاية تجعلهم يعودون إلى أنفسهم ويبدأون بالتفكير جدياً حول هذه الحقائق.

خوف الأزواج
أشارت الدراسة إلى أن معظم الناس لا يشعرون بالأمان الكافي عندما يتحدثون بعمق عما يدور في أذهانهم حول الأخطاء الكبيرة للآخرين، فما بالك بهذا الشعور عندما يتعلق الأمر بالزواج. معظم الأزواج لا يعبرون عما يدور في أنفسهم من تساؤلات كبيرة، تحتاج إلى أحاديث جريئة لتبيان الحقائق حول مواقف يمكن أن تؤدي إلى صراعات كبيرة.
برأي الدراسة، أن الأحاديث الجريئة ترعب المرأة بشكل خاص؛ لأنها تعتقد بأنها إن تفوهت بكلمات أو عبارات جادة حول صراع من الصراعات فإن الزوج قد ينزعج ويغضب، وربما يقرر الطلاق. ولكن الأمر ليس كذلك؛ لأن الحديث الجريء ربما يكون له مفعول آخر إيجابي، يجعل من يستمع إليه يفيق من نوم اليقظة، ويفكر ويحلل، ومن ثم يتأكد من أن ما قاله الشريك في ذلك الحديث هو صحيح، وأن عليه أن يفكر بالنقاط التي طرحت على بساط البحث بشكل جريء.
وعلّقت الدراسة: «للناس عقول تفكر، ومما هو معروف بأن العقل لا يستطيع التهرب من المنطق مهما كان الشخص عنيداً أو متكبراً».

ألفة بين الزوجين
الأحاديث الجريئة بين الزوجين هي دليل ألفة كبيرة، ربما لا يدركها حتى المتزوجون. فالمنطق يقول إنك لا تبوح بأمور عميقة أمام من لا تكون هناك ألفة معه. ولكن، مع الأسف، فإن أزواجاً كثيرين يعتقدون بأن الحديث الجريء للطرف الآخر هو نوع من التحدي أو محاولة فرض واقع.
كما أن النظر إلى الآخر في العين والحديث بجرأة إنما يعني أن من يتحدث يعطي قيمة كبيرة لمن يستمع إليه. وتؤكد الدراسات أن من يتحدث بجرأة إنما يفعل ذلك لأسباب كثيرة، منها الثقة بالآخر والشعور بألفة نحوه ورغبة، في تحسين الآخر وتمني الخير له.

ما هي أهداف الأحاديث الجريئة؟
أولاً، الحصول على الحكمة
إن من يتحدث يعتقد بأنه على صواب، ويستمر في ذلك إلى أن يبدأ الآخر بحديث جريء وعميق، ومن ثم يرى بأن ما كان يتحدث عنه ما كانت غير عبارات غير مترابطة، وأفكار غير كافية لإقناع الآخر. لكن الحديث الجريء الذي يسمعه من الطرف الآخر يجعله يفكر بأنه كان يلف ويدور، دون أن يدخل في صلب المواضيع الهامة التي من الجدير الحديث عنها بشكل مباشر ودون لف ودوران.

ثانياً، لتقوية الثقة المتبادلة
عندما نسمع لآراء الآخرين الجريئة حول موقف غامض بالنسبة لنا، فإننا نبدأ بتفهم الموقف بشكل أعمق من زاوية أخرى أو رأي آخر ربما لا يمر على بالنا. هذه العملية في الأحاديث الجريئة بين الزوج والزوجة تساهم في تقوية الثقة المتبادلة بينهما.

ثالثاً، المساعدة على اتخاذ الخطوة التالية
أوضحت الدراسة بأن الأحاديث الجريئة تساعد أيضاً على الحصول على معرفة جديدة، ومن ثم العمل على اتخاذ الخطوة التالية في الحياة بعد الحصول على حكمة جديدة وتفهم جديد للأمور.

رابعاً، اكتساب العفوية من دون دعوة أو تخطيط
أكدت الدراسة بأن الأحاديث الجريئة تأتي بشكل عفوي من دون دعوة أو تخطيط، وهي تأتي عندما يجد طرف إن -كان الزوج أو الزوجة- بأن الآخر قد تمادى في السير في سلوك ربما تكون نهايته جلب صراع كبير يخرج عن نطاق السيطرة. فعندما يجد طرف أن المشاكل قد بدأت تخرج عن نطاق السيطرة فإن العفوية القوية تبدأ بأخذ مفعولها من حيث اتخاذ قرار قوي يضع النقاط على الحروف.
وأشارت الدراسة إلى أن الأحاديث الجريئة ربما تأتي نتيجة الشعور بغضب شديد بسبب صراع يمكن أن يحل بالحديث والنقاش الجريء. شرط أن من يتحدث يجب أن لا يظهر غضبه، بل يحاول أن يعطي الشعور بالجرأة عندما يبدأ بالحديث عن هذه المشكلة أو تلك.

متى تأتي الأحاديث الجريئة؟
أولاً، عندما يكون هناك ضغط شديد من جانب الزوج أو الزوجة، ولا يبقى هناك مجال للدبلوماسية الخفيفة. فإما أن يتم إيجاد الحل المناسب للصراع أو أن يبدأ البيت بالانهيار.

ثانياً، عندما يستمر أحد طرفي العلاقة الزوجية في خطأ فادح يهدد الزواج.


ثالثاً، عندما يتعلق الأمر بتحمل المسؤوليات فإن الحديث الجريء يساهم في توضيح المسؤوليات.

رابعاً، عندما تبرز مشاكل شخصية في الزواج تتعلق بأمور العلاقة الحميمة، هنا يجب أن تكون هناك أحاديث جريئة لحل هذه المشاكل منذ بدايتها. فتهاون الزوجة مثلاً والرضوخ المستمر لسلوكيات خاطئة للزوج في مجال العلاقة الحميمة قد توصل العلاقة إلى حد الملل، ومن ثم تعقد هذه المشاكل.