من برنامج لآخر تزداد نجاحاته ويزداد تأثيره في الشباب، رغم تعرضه لكثير من الانتقادات؛ نظرًا لاختلاف فكره عن باقي الدعاة، وكعادة برامجه في رمضان حقق برنامجه «أحبك ربي» هذا العام نجاحًا كبيرًا. إنه الداعية الإسلامي مصطفى حسني، الذي فاجأنا مؤخرًا بمشاركته الفنان خالد سليم في ألبوم «مدرسة الحب»، في أول تعاون من نوعه بين داعية إسلامي ومطرب!!
لذلك كان لـ«سيدتي» هذا الحوار معه؛ ليتحدث عن نجاح برنامجه وألبومه الجديد.
ما الهدف الذي أردت توصيله للناس من خلال برنامج «أحبك ربي»؟ وعلى أي أساس تم اختيار اسم البرنامج؟
نحن لدينا هدف كبير يسمى بناء العبد الرباني، الذي يرى كيف يعامل الله الناس، ويعاملهم مثلما يتعامل الله سبحانه وتعالى مع العباد؛ كل فرد على قدر استطاعته، العبد على قدره والرب على قدره. فالعبد الرباني يحاول أن يكون له دور في الدنيا وبصمة في قلوب الناس أو أثر. يدرك أنه خلق في زمن معين لهدف معين، يدرك كلمة التدين الصحيح؛ حتى لا يكون تدينه ظاهريًّا، هذا العبد له عدة جوانب من أهمها تأسيس علاقته مع الله. يعرف لماذا يصلي، ولماذا وكيف يذكر ربنا سبحانه وتعالى، ويفهم كيفية احترام بني آدم، فالهدف هو تأسيس علاقتنا بربنا سبحانه وتعالى. أما عن سر تسمية «أحبك ربي» فهو أن كل عمل صالح تحدثنا عنه كل حلقة، وهي البحث عن عمل يحبه الله وأعمله بالطريقة التي يحبها. وهي راية الحب التي بنيناها من خلال علاقتنا بالله سبحانه وتعالى، وعلاقة الإنسان بالله مبنية على الحب منا وإليه سبحانه وتعالى.
ما سبب تصوير البرنامج في تركيا بالتحديد؟
الفكرة هي أن البرامج الروحانية تحتاج صورة روحانية معها، وأي أستوديو يمكنه أن يوفر هذه الصورة، لكن هذه البرامج تحتاج إلى صورة السماء والزرع، وصورة المخلوقات، وصور توصل للمشاهد قوة روحانية.
والفكرة الثانية أن تركيا، خاصة إسطنبول، تضم أماكن طبيعية نادرة، فيها الزرع والحدائق والبحر وكثير من الأماكن في نفس البلد.
كيف جاء التعاون بينك وبين المنشد ماهر زين في غناء تتر البرنامج؟
أنا واحد من محبي المنشد ماهر زين، ومقتنع جدًّا به، وكنت أتمنى أن نتعاون، خاصة أنه يقدم أغاني راقية وهادفة جدًّا .
هدفنا هو حب الله
«قصة حب»، «مدرسة الحب»، «أحبك ربي»... ألا تلاحظ استخدامك لفظ الحب كثيرًا في أغلب برامجك؟ ما السبب؟
نحن تربينا منذ فترة كبيرة على أن علاقتنا بالله سبحانه وتعالى مبنية على الترغيب والترهيب، وجزء كبير جدًّا من الترغيب والترهيب مرتبط بالجنة والنار، وهذا أفقد علاقة جميلة جدًّا بيننا وبين الله تعالى، والأصل في الإنسان أن مشاعره هي التي تحركه، والصحابة دائمًا كانوا يسألون الرسول عليه الصلاة والسلام: أي العمل أحب إلى الله؟ وهذا معناه أنه عندما يرتبط الإنسان بشيء ما أو بشخص معين فإنه مستعد للتضحية بأي شيء في سبيل بقائه مع هذا الشخص، فما بالك بالله سبحانه وتعالى؟! إذن فحديثنا عن الجنة والنار وحده لا يكفي؛ لأننا وقتها سنضعف أمام شهوات الدنيا؛ لأننا لا نرى الجنة بأعيننا بل نسمع عنها فقط، أما إذا أحب العبد ربه فوقتها لن نضعف؛ لأن حب الله سيكون أكبر من أي شيء في قلوبنا، وهذا هو هدفنا؛ أن نعيد ترتيب علاقة المؤمنين بالله تعالى عن طريق الحب.
كيف يرتقي الشخص بعبادته لله تعالى إلى مرتبة الحب؟
طبعا الاتزان هو أعلى المقامات؛ بمعنى أن أكون متزنًا بين الخوف والرجاء، والحب يحقق هذا الاتزان؛ لأنه يجعل الإنسان نفسه يرضي الله تعالى، وفي الوقت ذاته يخاف أن يفقد حب الله له، وللأسف تكلمنا كثيرًا عن الحلال والحرام دون أن نتكلم عن الله سبحانه وتعالى، الذي فرض الحلال والحرام، فنحن نحتاج إلى أن نغذي أنفسنا بحب الله تعالى من خلال قراءتنا كثيرًا عن الله؛ لكي نعرفه ونحبه.
بمناسبة «مدرسة الحب» صرحت في البرنامج بأنك ستقوم بعمل ألبوم مع الفنان خالد سليم... أين هذا الألبوم؟ ولماذا اختفى؟
انتهينا من الألبوم في الحقيقة، لكن أخذنا وقتًا كبيرًا جدًّا في أخذ التصاريح من الأزهر، وبعد ذلك قامت الثورة، فلم يكن مناسبًا وقتها عرض الألبوم، لكن قريبًا جدًّا بإذن الله سيتم عرضه.
من أين جاءت لك فكرة الألبوم؟
فكرة الألبوم هي أن نحاول استثمار أي تقنيات أو تقدم تكنولوجي في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، مادام هذا الشيء غير متفق على حرمته، فمن هنا أتت الفكرة أن نعمل ألبومًا غنائيًّا، أقول أنا فيه كلمة عن صفة من صفات الله سبحانه وتعالى مدتها خمس دقائق، ثم يتبعها خالد سليم بأغنية؛ لأننا لاحظنا أن الذي يبقى في أذهان الشباب هي الأغنية بلحنها وفكرتها، فقررنا تقديم أغانٍ راقية بدلاً من قول إن الأغاني حرام؛ لتكون البديل لكي يسمعها الشباب.
ألا تخشى من خلال مشاركتك الفنان خالد سليم أن تتعرض لكم كبير من الانتقادات، خاصة أنك داعية إسلامي ولست مطربًا؟
ما أعرفه أن يكون الإنسان فردًا من المجتمع، ويكون هدفه الإصلاح، والفنان خالد سليم إنسان محترم جدًّا، وأبدى تعاونًا متواضعًا جدًّا، وأنا أتمنى أن أضع يدي في يد أي فرد في المجتمع مهما كانت مهنته، مادمنا سنقدم شيئًا راقيًا يفيد المجتمع.
حسن الخلق
في ظل الحرية والديمقراطية واختلاف الآراء ووجهات النظر... كيف نعيش في حرية بما يرضي الله سبحانه وتعالى؟ وكيف نختلف برحمة دون شجار؟
لو استعنا بكلمة سيدنا عمر بن الخطاب «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا»، وسيدنا عمر من أقرب التلاميذ لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم- فعندما يقول: «إننا ولدنا أحرارًا» إذن الحرية هي شيء ملازم للإنسان، وأكد الإسلام هذه الحرية، لكن حرية الإنسان في إطار معين، هذا الإطار يسمى إنسانًا، وكلمة إنسان تعني عبدًا يحركه الله، وهي تشبه إنسانًا عمل في شركة ما، فهو لديه ما يسمى بالصفة الوظيفية، حيث يأتي في ميعاد معين، ويغادر في ميعاد معين، ويعمل شيئًا معينًا، وما دام الشخص قال «لا إله إلا الله محمد رسول الله» فاسمه مسلم؛ يعني أنه يسلم نفسه لله ورسوله، فيسلم لما يحلله الله الذي هو نافع لنا، ويحرّم ما يحرّم الله ويكون ضارًا لنا. وكلما تعرف المسلم على دينه أكثر أدرك أن سر السعادة الحقيقية والتقدم الحقيقي في الدنيا بالرجوع لله في كل شيء، ولهذا يقول الله تعالى: «وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إلى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ».
أما بالنسبة لموضوع الاختلاف فهناك عاملان يجعلاننا نختلف برحمة؛ الأول: أخلاق الإنسان في ذاته، وهو أن يتم إصلاحها؛ لأن حسن الخلق هو احتمال الأذى كما عرفه العلماء، بحيث عندما يوجد شخص في موقف فيه خلاف تكون مبادئه ثابتة لا تتغير... الثاني: هو إدراك أن الخلاف هو من طبيعة البشر، وهذا بسبب أن الله خلقنا بعقول مختلفة، وبالتالي آراؤنا ستكون مختلفة، لكن المشكلة أن بعضنا يتمسك برأيه دون معرفة الرأي الآخر، وهذا من الكبر.
على مدار مشوارك الدعوي ما هي أكثر برامجك قربًا إلى قلبك؟
كل برنامج له طعم مختلف، وأثر في نفسي، لكن بإمكاني القول: إنني مررت في حياتي بمرحلتين: مرحلة كنت أتحدث فيها بشكل معين من الخطاب الديني، ومرحلة أخرى تغير فيها هذا الخطاب، وبداية هذا التغيير كانت في برنامج «الكنز المفقود»، فهو من أكثر البرامج المقربة لي؛ لأنه بداية من تغيير خطاب افعل ولا تفعل، وحرام وحلال، إلى الكلام عن رب العالمين، الذي نحاول أن نؤسس علاقتنا به؛ كي نبحث نحن عن الحلال والحرام.
إعادة بناء المسلم
ما هي الراية التي ترفعها دائمًا من خلال برامجك وتسعى لتنفيذها؟ وهل ترى أنك حققت هذا الهدف بالفعل؟
الراية التي نرفعها دائمًا هي إعادة بناء مسلم فاهم؛ يعني كيف يكون له علاقة بالله تعالى من خلال المناسك، وعلاقة بالناس من خلال الأخلاق والمعاملات، وعلاقة بالكون؛ أي تعمير الأرض، هذه التركيبة الثلاثية أطلقنا عليها بناء العبد الرباني؛ أي كيف يكون الإنسان له علاقة بالله سبحانه وتعالى، فحينما ينظر الله إلى العبد يقول: هذا العبد على مرادي.
ومن خلال متابعتي للشباب لاحظت تغييرًا كثيرًا جدًّا، وهذا التغيير نابع من أن فطرتنا متماشية مع المفهوم الصحيح للدين.