mena-gmtdmp

الأمة الإسلامية تفقد عالماً جليلا:

فجعت الأمة الإسلامية بوفاة شيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور محمد سيد طنطاوي والذي وافته المنية في مطار الملك خالد الدولي بالعاصمة السعودية الرياض صباح الأربعاء الموافق 10- مارس 2010م، إثر أزمة قلبية فاجأت الفقيد حيث كان يستعد لصعود الطائرة في طريقه للقاهرة, حيث تم نقله بطائرة الإخلاء الطبي للمستشفى العسكري بالرياض على الفور إلى المستشفى حيث فاضت روحه إلى بارئها, وكان الفقيد قد وصل الثلاثاء الموافق 9 مارس 2010م للمشاركة في حفل جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام هذا العام، حيث حضر حفل تسلم الفائزين الجائزة والتي حصل عليها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان.

 نقل جثمان شيخ الأزهر بطائرة خاصة من الرياض إلى المدينة المنورة حيث دفن في مقبرة البقيع بعد صلاة العشاء في الحرم النبوي الشريف يوم الأربعاء العاشر من مارس 2010م, بناء على رغبة أسرته حيث حضر أبناؤه، أحمد والمستشار عمرو القاضي بمحكمة شبين الكوم، مراسم الدفن.

وقال الدكتور محمد عبد العزيز واصل، وكيل شيخ الأزهر، إن مشيخة الأزهر تلقت نبأ الوفاة في تمام التاسعة صباح الأربعاء، وأن شيخ الأزهر لم يكن يشكو من أي مرض، وأخبرنا نجل شيخ الأزهر المستشار عمرو محمد سيد طنطاوى بأنه تم الاتفاق مع رئاسة الجمهورية على أن شيخ الأزهر سيدفن بمقابر البقيع بالمدينة المنورة.

رافق جثمان الفقيد السفير المصري بالسعودية محمود عوف كما رافق الجثمان الى المدينة المنورة نائب الأمين العام لجائزة الملك فيصل العالمية، يوسف الحمدان, وكان الدكتور عبد الله العثيمين، الأمين العام للجائز قد القى نظرة الوداع على الفقيد بالمستشفى العسكري بالرياض

 

سيرته

ولد طنطاوي الذي يلقب في مصر بالإمام الأكبر في محافظة سوهاج بصعيد مصر عام1928, وحصل على درجة الدكتوراه في الحديث والتفسير عام 1966 وعمل مدرسا بكلية أصول الدين ثم انتدب للتدريس في ليبيا لمدة أربع سنوات. كما عمل في المدينة المنورة عميدا لكلية الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية, وعين مفتيا للديار المصرية عام 1986 ثم شيخا للأزهر عام 1996. خلفا للشيخ جاد الحق على جاد الحق رحمه الله.

 

مكانته العلمية

يعد واحدًا من أجل علماء الأزهر وأغزرهم علماً, خصوصًا في علم التفسير. وهو مجتهد متفوق طوال مشواره التعليمي. تولى الكثير من المناصب القيادية في المؤسسات الدينية، وله تفسير لكثير من سور القرآن, وهناك اتفاق بين رجال الدين على سعة علمه واطلاعه الديني. ويقول محللون إنه صاحب دور بارز في الحفاظ على الوئام بين المسلمين والأقلية المسيحية في مصر. ويشيرون الى علاقته الوطيدة بالبابا شنودة الثالث بابا الأقباط الارثوذكس الذين يشكلون أغلبية المسيحيين في البلاد.

 

أبرز الفتاوى

لكن الإمام الراحل أثار الكثير من الجدل في السنوات الماضية وبخاصة لمصافحته الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريس في مؤتمر حوار الأديان في جنيف عام 2008.

وفي عام 2003 أثار الجدل بقوله إن لفرنسا الحق في منع حجاب المسلمات في المدارس. وقال ذلك بعد اجتماع في مشيخة الأزهر مع نيكولا ساركوزي الذي كان يتولى منصب وزير داخلية فرنسا آنذاك. وقبل شهور قرر طنطاوي منع النقاب في مؤسسات الأزهر ومعاهده حين لا يكون فيها رجال.

ومن أبرز فتاوى طنطاوي أيضا، جواز التحاق الفتيات بالكليات العسكرية والجيش. كما رأى ان المرأة "تصلح ان تكون رئيسة للجمهورية وتتمتع بالولاية العامة التي تؤهلها لشغل المنصب..

ومن آراء الشيخ الراحل أن شريعة الإسلام ساوت بين الرجل والمرأة في أمور كثيرة، وهي المساواة في أصل الخلق والتكاليف الشرعية واعتناق الفضائل واجتناب الرذائل، وكذلك المساواة في حق طلب العلم النافع الذي أحله الله في أي مجال مادام هذا العلم يستعمل في الخير، وخدمة الأمة، وكذلك المساواة في حق حصول المرأة على عمل شريف، والمساواة في الكرامة الإنسانية، فكرامة الرجل من كرامة المرأة، والعكس فلابد من الاحترام المتبادل بين الجميع. وكان قد أفتى بحق المرأة في تولي رئاسة الدولة، مؤكدا أن الإسلام يساوي بين الرجل والمرأة في ستة أمور هي أصل الخلقة والمساواة في التكاليف الشرعية واعتناق الفضائل واجتناب الرذائل وطلب العلم والعمل الشريف وأخيرا الكرامة الإنسانية.

 

المناصب القيادية

حول تقلد المرأة المناصب القيادية والوظائف التي اقتصرت على الرجال، ومنها وظيفة المأذون قال –رحمه الله- إنه لا يوجد مانع شرعي لتولي مثل هذه الوظائف باعتبارها عملا شريفا ولا تتعارض مع ما أحل الله، وهناك من الأعمال ما يتناسب أكثر مع طبيعة المرأة، وأخرى تتفق وطبيعة الرجل.

وقال –رحمه الله- لا مانع شرعا من سفر المرأة للخارج في مهمة للعمل أو طلب العلم دون محرم إذا ما توافر شرطان أساسيان، وهما العمل المحمود والمكان الآمن.

 

النقاب

ومن آرائه أيضا والتي أثارت الرأي العام أن نقاب المرأة عادة وليس عبادة.

كما قال: وجه المرأة ليس عورة وأن الإسلام أتاح للمرأة المسلمة الاستقلال والمساواة والكرامة.

كما دعا المسلمين إلى الجهاد لتحرير الأقصى مؤكدا أن الضغط على إسرائيل بالكلام لن يفيد.

 

جائزة الملك فيصل

حصل الشيخ طنطاوي على جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام، وقدرها 100 ألف جنيه، لكنه تبرع بها للجمعيات الشرعية والخيرية التي تقدم أعمالا تساعد المحتاجين والفقراء، بالإضافة لتزويد المكتبات الإسلامية بالكتب الدينية المبسطة كي تستفيد منها الأجيال القادمة.

 

مؤلفاته

من أهم مؤلفاته تفسير "الوسيط للقرآن الكريم" والذي يقع في 15 مجلدا، وأكثر من سبعة آلاف صفحة، وطبع منه عدة طبعات كان آخرها عام 1993، وكتبه في أكثر من عشرة أعوام؛ ليكون تفسيرا للقرآن الكريم محررا من كل الأقوال الضعيفة ويشرح الألفاظ القرآنية شرحا لغويا مناسبا، ويبين أسباب النزول، ويمتاز بسهولة اللفظ والشرح ويدرس بالمعاهد الأزهرية كلها.

ومن مؤلفاته أيضا "بنو إسرائيل في القرآن الكريم، ومعاملات البنوك وأحكامها الشرعية، والحوار في الإسلام والاجتهاد في الأحكام التشريعية، وأحكام الحج والعمرة، والحكم الشرعي في أحداث الخليج، وتنظيم الأسرة، ورأي الدين الشرعي في النقاب، والحجاب والتصوف في الإسلام، والجهاد من الرؤية الشرعية" وغيرها من الكتب.

 

قالوا عن شيخ الأزهر

أعرب علماء الدين في مصر عن حزنهم الشديد لرحيل الإمام الأكبر مؤكدين أن أعماله التي قدمها خدمة للإسلام والمسلمين سوف تظل تراثا خالدا تستفيد منه الأجيال القادمة.

قال الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف المصري: إن الفقيد الراحل أدى رسالته على أكمل وجه حتى آخر لحظة في حياته؛ لذلك فقد أكرمه الله تبارك وتعالى بأن تم دفنه في "البقيع" بجوار صحابة رسول الله، وهذا تكريم له في الآخرة؛ لأن الرسول –صلى الله عليه وسلم- دعا لموتى البقيع بالجنة.

وقال الدكتور علي جمعة مفتي مصر وعضو مجمع البحوث الإسلامية والذي قطع رحلته لليونان لحضور عزاء شيخ الأزهر: إن الفقيد قدم أعمالا لن ينساها التاريخ، وسوف يسجلها بأحرف من نور فقد كان عالما من أعلام الأمة وتميز بجرأته الشديدة في آرائه وفتاواه.

 الدكتور محمد المختار المهدي عضو مجمع البحوث الإسلامية كان أكثر المتأثرين لفقدان شيخ الأزهر، وقال إنه كان يتبرع بأمواله لخدمة الفقراء في الجمعية الشرعية التي أرأسها، رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته.