mena-gmtdmp

حسن التصرّف في بيوت الآخرين لياقة يجدر بطفلك تعلّمها


تسأل الأمهات اللاتي يخجلن من تصرّفات أطفالهنّ أمام الغرباء عن إمكانية القيام بزيارات اجتماعية والتعامل مع الآخرين بشكل طبيعي، بدون الإحساس بالإحراج. الإختصاصية الإجتماعية زينة عارف تجيب عن هذا السؤال الملح في ظلّ مجتمع تعتبر فيه صلة الأرحام من الواجبات الدينية.

 ينمي الزيارات المنزلية بين الأهل والأصدقاء والجيران الألفة بين الأفراد ويبعد عنهم الشعور بالوحشة والوحدة، فيساهم الشعور بأنّ هنالك أشخاصاً يحيطون بالمرء ويحبّونه ويساندونه في جعله أكثر راحةً واطمئناناً وأقل خشيةً  ممّا يحمله الغد من مفاجآت. ويحتاج الأطفال، على وجه الخصوص، إلى آخرين يشاركونهم اللعب، ما يساعدهم على تعلّم كيفية الإنتماء إلى مجموعة يقتسمون ضمنها الأدوار والألعاب في ما بينهم، ما يعزّز صحتهم النفسية والإجتماعية.

وإذ يعتقد بعض الأهل أنّ عزل الطفل ومنعه من الإختلاط مع الآخرين يجنّبه الإحراج من تصرّفاته غير المسؤولة أو يجعله بمنأى عن اكتساب سلوكيات وعادات سيّئة، فيذهب إلى المناسبات والزيارات الإجتماعية المختلفة، مع إيداع  الصغير مع من يرعاه لحين عودته، يشرح خبراء التربية أنّ هذا التصرّف لا يعدو كونه خاطئاً. فحماية الطفل والحرص على تربيته لا يعنيان العزل عن العالم المحيط به، فقد يسبّب هذا التصرّف، في حال تكراره لمرّات عدّة، إكسابه صفة الخجل، ما يفقده الفرص المستقبلية في التواصل الإجتماعي الجيد.

وفي الموازاة، يقع  بعض الأمهات في خطأ إحاطة الصغير بالتعليقات السلبية عن الغرباء قبل الإلتقاء بهم، ما يؤدّي إلى توجّس الطفل ويفقده الثقة بمن حوله. وبالطبع، إن تحذيره الشديد من تصرّفاتهم المزعجة يجعله يخشى التعامل معهم،  كما أنّ المراقبة اللصيقة من قبل الأم تخنق الطفل وتحدّ من حريته وتشعره أنه لا يحسن التصرّف، ما يضعف ثقته بنفسه.   

وبصورة عامّة، إنّ اختلاط الطفل بأقران آخرين قد يشكّل الحلّ لبعض مشكلاته المتمثّلة في الخوف والرهبة من الحيوانات الأليفة... وفي هذا الإطار، من المفيد له أن يرى أطفالاً آخرين لا يخافون من شيء يخافه أو أن يزور منزلاً يقتني أصحابه قطاً أليفاً فيراهم يلمسونه ويطعمونه، فقد يتجرّأ ويتغلّب على مخاوفه.

لا تدعي سوء

تصرّف طفلك

عند الآخرين يثنيك

عن صلة الأرحام

 


سلوكيات مرفوضة

من الضروري تنبيه الطفل إلى التصرّفات الخاطئة التي يقوم بها أثناء زيارة الأسرة لبيوت الأهل والأصدقاء، فبالطبع إن أي تصرّف غير لائق يعتاد عليه الطفل سيصبح سلوكاً متّبعاً في ما بعد. ولعلّ أبرز هذه التصرّفات:      

> إذا كان طفلك يتصرّف بعنف وشراسة تجاه أقرانه أو يدمّر الأشياء عندما يغضب أو يتحدّث بصوت عالٍ، فيجب أن يدرك أنّ ما يفعله يشكّل خطأً فادحاً، ولا بدّ أن يُعاقب بحزم حين يقترف هذه الأمور.  

> إذا كان طفلك يتفوّه بألفاظ نابية ويطلق الشتائم، يجب نهيه عن هذا التصرّف على الفور عبر الوسائل كافّة، ولا ينبغي الخروج من الموقف المحرج أمام الآخرين بإرجاع الأمر إلى تقليده لشخص ما أو أنه سمع الكلمة في التلفاز، فالبحث عن مبرّر لسوء ألفاظ الطفل ليس حلاً صائباً.

> إذا كان طفلك يكذب ويبالغ في حديثه وتلاحظين عدم أمانته في نقل الأخبار، يجب عدم إهمال هذا الأمر والبحث عن الأسباب التي تدفعه إليه، فقد يكون السبب أنّ أحد أفراد العائلة يتصرّف على هذا النحو أو أنّ الطفل يحسّ بالنقص أو الحرمان.

> إذا كانت الغيرة تتملّك طفلك ويتصرّف بعدوانية عندما يشعر بها، يجب أن تعرفي كيف تحوّلين غيرته إلى موقف إيجابي وحافز على التفوّق والتميّز والمنافسة.

> إذا كان طفلك يميل إلى لفت النظر إليه عبر قطع حديثك أمام الكبار وإفشاء أسرارك أو أسرار بيتك أمام الآخرين، احذري أن تكذّبيه لأنه سيلجأ إلى إثبات صحة كلامه، ما سيزيد من تعقيد الموقف. وفي هذا المجال، تعاملي مع الأمر بهدوء وتجنّبي المقاطعة، ثم واصلي حديثك. وبعد ذلك، التفتي إليه لتستمعي إلى وجهة نظره.

> إذا كان طفلك أنانياً ولديه حب التملّك، علّميه الرضا عمّا لديه من ألعاب وأغراض. وإذا أبدى إعجابه بإحدى الألعاب، عديه بواحدة كمكافأة لعمل جيّد يقوم به.

> قد تندفع الأم وراء مشاعرها الطبيعية لحماية طفلها من أصدقائه ومن هم في ضيافتهم فتعنّفهم وتوبّخهم، وبالطبع يؤدّي هذا التصرّف إلى شعور أهل المضيف بالضيق، وقد تفقد علاقاتها الطيّبة بهم. ولذا، لا تنسي أن أي نقد موجّه لطفل يعتبر نقداً موجّهاً لوالديه، ومن الأفضل أن تفكّري جيداً قبل أن تتدخّلي في أي خلاف طفولي.

> إذا كنت تعانين من تصرّفات طفلك أثناء زياراتك، لا تلجئي إلى الشكوى من الطفل وتتحدّثي مع المتواجدين بطريقة أنك استنفدتِ كل قواك لتربيته دون نتيجة، فهذا يظهرك بمظهر الضعيفة أمامهم. وإن سمع الطفل هذا الكلام ستزداد تصرّفاته سوءاً.

أسلوب موحّد

حتى لا يتحوّل سوء سلوك بعض الأطفال منغّصاً للمسيرة الإجتماعية للأسرة، يجدر بالأهل إدراك أن التحكّم في تصرّفات ابنهم يستوجب تنشئته الصحيحة منذ نعومة أظفاره. فقبل أن تطالبي طفلك بحسن التصرّف أمام الآخرين،
لا بدّ أن توضحي له الخطأ من الصواب منذ البداية، وتعوّديه على بعض السلوكيات المهذّبة، كمصافحة المرحّبين به عند التوجّه لزيارتهم والنظر في عين من يصافحهم. ويمكن للأم بسهولة أن تبتكر أسلوباً أو لغة بينها وبين طفلها تتواصل معه من خلالها أثناء تواجدهما في بيوت الغرباء.

وإذا كان للأم أي ملاحظات عن سلوكيات الطفل، يمكن أن تخبره بها بعيداً عن آذان وعيون الآخرين، سواء كانوا كباراً أم صغاراً.

كما يجب أن تكون القواعد المتّبعة في بيوت الآخرين موحّدة، فلا يدع الطفل يفعل ما يشاء في بيوت الأجداد، بينما يطلب منه الهدوء في بيوت الأصدقاء أو العكس، وذلك تلافياً لأن يقع الصغير في ازدواجية في المبادئ.

وتنصح الأم لكي تتجنّب إزعاج طفلها أثناء زياراتها أن تتأكّد من توافر احتياجاته الأساسية، فتطعمه في البيت وغير ذلك مما تراه ضرورياً له. أمّا إذا تخلّل الزيارة تقديم الطعام، فيجب أن تقوم بإطعامه بنفسها وأن تلقي على مسامعه تعليمات يجدر به الإلتزام بها، كعدم الإمساك بمقتنيات المنزل الثمينة أو العبث بسمّاعة الهاتف أو الإمتناع عن إحداث الضجيج أو المشاغبة. ويجب التبيان له أنك ستنصرفين من المكان الذي يفعل به أي سلوك شائن حتى يعلم أنه لا يسمح له أن يأتي بمثل هذه التصرّفات.