mena-gmtdmp

العنف أنواع


الكلمة الجارحة تذبح المشاعر من دون آلة حادة، وهناك العديد من الزوجات من يتم قتلهن بالكلام والإهانات على يد أزواجهن، إنه العنف في أبشع صورة، بل إنها أزمة أخلاق، فمن غير العنف استطاع أن يدمِّر أسرًا وعلاقات ونفوسًا؟ مئات الزوجات تموت السعادة في أعماقهن، فمنْ أوهم بعض الأزواج بأن الصوت العالي يعني قوة الشخصية، ومنْ قال إنّ فرض الرأي يعني الرجولة؟ إنَّ العدوان اللفظي يؤدي في معظم الحالات إلى التعاسة والقهر الذي يوصل الزوجة لمرحلة الاكتئاب النفسي واختلال التوازن في شخصيتها، وغالبًا ما يكتسب الأبناء هذه الصفات عندما يكبرون، فحين يتطاول الزوج على زوجته بالسب والشتائم، وحين يتهجم عليها ويسب أهلها لا أدري أين تكمن الرجولة في ذلك؟ هل يصب ضعف شخصيته وضيق أفقه وضحالة ثقافته في لسانه ويعتبره سلاحه الوحيد؟ فعندما يصرخ الزوج في زوجته بعد عشرة أعوام بأنها سبب قلقه وتوتره ويطلب منها أن تخرج من حياته، وكأن مدة صلاحيتها قد انتهت، وأصبحت خارج نطاق الخدمة، ألا يعتبر هذا عنفًا؟! وعندما يكون الزوج سبب شقاء زوجته وأبنائه فهو يعتمد عليها كليًا في كل الأمور؛ فهي من تدفع إيجار المنزل وقسط السيارة ومصاريف ومستلزمات المنزل، حتى مصروفه الخاص يأخذه منها، وفوق ذلك يقسو عليها ويطالبها بالمزيد، وتتحمل الزوجة من أجل أبنائها. ألا يعتبر هذا عنفًا؟ وعندما تشعر الزوجة بكره زوجها لها فجميع تصرفاته واضحة وتهديداته لها صريحة، ويخبرها بأن بقاءها معه فقط من أجل الأبناء؛ ألا يعتبر هذا عنفًا؟ وعندما يستمر الزوج في توجيه الإهانات لزوجته أمام الآخرين ويتهمها ويأمرها بأن تصمت ولا تتفوه بكلمة؛ لأنها لا تعرف كيف تتحدث أو تتحاور، وليس لديها ثقافة، أليس هذا عنفًا؟

وعندما تتحمل الزوجة كل المسؤوليات على عاتقها بكل حب ورضا وقناعة لتمنح زوجها فرصة للنجاح، أو الدراسة أو شق مستقبله، وفي النهاية وبعدما يحقق أهدافه يتركها ويتزوج غيرها؛ لأن لا ثقافتها ولا تعليمها ولا مستواها يتوافق مع مكانته التي وصل إليها... ألا يعتبر هذا عنفًا؟ وعندما يعتبر الزوج أن الإجازة بين وقت وآخر بالنسبة له أمر محسوم غير قابل للمناقشة؛ ليواصل مشوار حياته؛ وليخفف عن نفسه من ضغوط العمل؛ وليرتاح من مشاكل الأبناء والبيت، ويرى ذلك من كامل حقوقه، أما عندما تطلب الزوجة الاستمتاع ولو ليوم واحد عند أسرتها لتأخذ قسطًا من الراحة المؤقتة من عناء المسؤولية، يصبح ذلك من باب الرفاهية، فلماذا تحتاج لها؟ وما الذي ينقصها؟

 فراحتها داخل بيتها معه ومع أبنائها، فهو لا يقبل أن تغيب عن المنزل حتى لو عند أهلها، ويمنعها من الخروج من المنزل، ألا يعتبر هذا نوعًا من أنواع القمع والعنف؟ وعندما يحرمها من ميراثها أو يستولي على راتبها ألا يعتبر ذلك عنفًا؟

عندما يسهر الزوج طوال الليل خارج منزله ويعود غائب الوعي، ويوقظها من نومها لتمنحه حقه الشرعي، وعندما ترفض يتفنن في تعذيبها وضربها وقد يطردها خارج المنزل، أليس هذا عنفًا؟

وعندما يعذب الرجل زوجته ويسيء معاملتها؛ ويضغط عليها ويسبها ويهينها طوال الوقت، ويهددها بحرمانها من أبنائها لو طلبت الطلاق، وتصبر على حياة مهينة مذلة، أليس هذا عنفًا؟

إنَّه عنف في التعامل اليومي من بخل وسخرية واستهزاء واستهتار وتجاهل وشك وكذب وخيانة، وعلى المرأة أن تتعلم وتتدرب وتتقن وتعرف كيف تواجه العنف بجميع أنواعه، من عنف لفظي وجسدي ومعنوي واجتماعي ونفسي وفكري، وأن تكون حائطًا منيعًا لسده والدفاع عن إنسانيتها وكرامتها، ولا تسمح لزوجها بأن يهزمها ويدمر نفسيتها وشخصيتها وسعادتها وحياتها، ولا تسمح للعنف بأن يخترق حياتها.