mena-gmtdmp

تجربتي في تجاوز مرحلة صعبة من حياتي

الوحدة تفاقم الأزمات النفسية- المصدر freepik
الوحدة تفاقم الأزمات النفسية- المصدر freepik

الجميع قد يمر بتجارب صعبة في الحياة، لكن قد يكون تأثير هذه التجارب على الشباب متضاعفاً، ولذلك يصعب عليهم تخطي الألم، وقد تستمر آثار المرحلة الصعبة لمدة طويلة الأجل.
المراحل الصعبة أو التجارب المؤلمة قد تكون فقدان شخص قريب، خيبة أمل في أشخاص في دائرة الثقة، أزمة صحية، أو حتى شعور طويل بالفراغ والضياع. وأياً كانت التجربة المؤلمة التي يمر بها الشاب أو الفتاة، فهناك سبل علمية من شأنها أن تحدّ من الآثار المترتبة على الأزمة وتساعد في التجاوز في أقل وقت ممكن.

إعداد: إيمان محمد

تجربة منة للتجاوز من مرحلة صعبة

منة شابة مصرية تبلغ من العمر 24 عاماً، تعرَّضت لتجربة فقدان جدتها و التي كانت بمثابة والدتها. تقول منه لـ"سيدتي" "تربيت في منزل جدتي، بسبب إصرار والدتي أن التحق بمدرسة في العاصمة، بينما عائلتي تقطن جنوب البلاد، لذلك أصبحت جدتي هي والدتي الثانية". وأضافت: "في مطلع العام الماضي مرضت جدتي وبسبب حبي لها تحولت حياتي إلى جحيم حقيقي، أهملت عملي ودراستي، لأني ملتحقة بالدراسات العليا، ومر العام بمنتهى القسوة حتى اختتم بوفاة والدتي الثانية".

فتاة تخضع لجلسة علاج نفسي- المصدر freepik


تقول الشابة العشرينية "بدأت المرحلة الصعبة حين اجتمعت عدة أحداث مؤلمة في وقت قصير. خسارة شخصية، ضغط في العمل، وتراجع في الصحة. لم تكن مشكلتي هي الحدث في حد ذاته، بل تراكم المشاعر التي لم أكن أعرف كيف أتعامل معها. كنت أضعف مما توقعت، وأعترف أنني في البداية كنت أهرب من المواجهة: بالعمل الزائد، أو الصمت، أو التظاهر بأن كل شيء على ما يرام".
صحيح أن منة مرت بتجربة قاسية، غير أنها تمكنت من أن تتجاوز هذا الألم بفضل مساعدة الخبراء. وتروي منة: "في البداية استسلمت للألم، لكن وصية جدتي أعادتني لصوابي، وبدأت أبحث عن مختص يساعدني". وأردفت: "تابعت مع لايف كوتش، بالإضافة إلى قراءة تقارير لمتخصصين حول كيفية تجاوز الألم".

كيف تتجاوزين تجربةً صعبةً؟

بحسب Psychology Today فإن الألم ليس عدواً يجب التخلص منه بسرعة، بل معلم علينا أن نُصغي إليه. وأشار الخبراء إلى مجموعة من الخطوات التي تُساهم في تجاوز الألم.

الوعي الذاتي

تقول منة "الوعي الذاتي لم يكن سهلًا. تطلب مني أن أكون صادقة مع نفسي إلى درجة مخيفة. كنت أدوّن أفكاري ومشاعري يوميًا، ليس لأبحث عن حلول، بل لأفهم نفسي. ما الذي يؤلمني فعلًا؟ هل هو الخسارة، أم الخوف من المستقبل؟ هل هو الحزن، أم الشعور بالضعف؟ الكتابة كشفت لي أمورًا لم أكن أريد "مواجهتها.
وفي هذا الإطار،  يؤكد الخبراء أن "ملاحظة أفكارنا ومشاعرنا دون إصدار أحكام تجاهها هي أول خطوة للتعافي". هذه التقنية، المعروفة باسم "الوعي الحاضر"، أصبحت جزءًا من يوميات منة، بحسب تجربة الفتاة العشرينية.

الامتنان

يشير الخبراء إلى قوة الامتنان كأداة لتغيير نظرة الشخص للأزمة. تقول منة "في خضم الأزمة، بدأت أدون كل مساء ثلاثة أشياء صغيرة أنا ممتنة لها، حتى لو كانت بسيطة كوجود كوب شاي دافئ، أو مكالمة من صديقة قديمة". واستكملت "في البداية بدا الأمر ساذجًا، لكن مع الوقت لاحظت أن مشاعري بدأت تتوازن. لم أعد أركز فقط على ما ينقصني، بل على ما أملكه فعلًا. الامتنان لا يلغي الألم، لكنه يساعد على اتساع الرؤية، بحيث لا يهيمن الظلام على المشهد بأكمله".

الأزمات فرصة للنمو

أحد المفاهيم المهمة التي يجب أن نتعلمها من مصادر الدعم النفسي هو ما يسمى بـ "إعادة التأطير المعرفي". ببساطة، هو أن تعيد النظر إلى الأزمة كفرصة، لا ككارثة. بدلًا من أن أقول: "لماذا يحدث لي هذا؟"، أصبحت أسأل: "ما الذي يمكن أن أتعلمه من هذا؟". هذه الأسئلة لم تلغِ الألم، لكنها قد تمنحك قوة جديدة.

يشير الخبراء إلى أن "كل أزمة تحمل في طياتها دعوة للنمو الشخصي، إذا اخترنا أن نراها بهذه الطريقة". كانت هذه الفكرة بمثابة مرآة، أعادت تشكيل علاقتي بالأحداث الصعبة.

الدعم والعلاقات

من خلال التجارب الصعبة تلعب دائرة العلاقات دورًا بارزًا في الدعم النفسي. تقول منة "رغم قوتي الداخلية، لم أتمكن من تجاوز الألم من دون دعم الآخرين. سواء كان صديقًا يسمع دون حكم، أو طبيبة نفسية ساعدتني على ترتيب أفكاري، كان وجود الآخرين حولي عنصرًا أساسيًا في التعافي".
في الأبحاث النفسية، يعتبر الدعم الاجتماعي من أقوى العوامل الحامية من الاضطرابات النفسية. نحن كائنات اجتماعية بطبعنا، والتحدث عن الألم ليس ضعفًا، بل خطوة أولى نحو تجاوزه.

وأنهت منة حديثها بالقول "اليوم، وبعد مرور أشهر من تلك المرحلة، لا أزعم أنني "تجاوزت" كل شيء، لكنني أدركت أن الحياة لا تبنى على تجنب الألم، بل على التعامل معه بوعي وصدق وامتنان".

قد يهمك أيضاً الاطلاع على العلاقات الاجتماعية بين الشباب والبنات: أين تبدأ الثقة؟