mena-gmtdmp

كيف تتعاملين مع المقارنات الاجتماعية من وجهة نظر مختصة؟

المقارنات الاجتماعية
المقارنات الاجتماعية

إن مقارنة أنفسنا ببعضنا البعض هو سلوك بشري طبيعي تطور لمساعدتنا على العيش معاً كمجموعة متماسكة؛ لمساعدتنا على التعلم من بعضنا البعض، ومنعنا من التخلف كثيراً عن إمكاناتنا. كما أنه يساعدنا على تعريف أنفسنا، لقياس أدائنا في مجالات مختلفة من الحياة بناء على ما يبدو ممكناً، ويمكن أن يبدو أنه يساعدنا على الشعور بالرضا عن أنفسنا في كثير من الحالات. ومع ذلك، يمكن أن يكون الأمر مرهقاً أيضاً، ويمكن أن يجعلنا أكثر قدرة على المنافسة مما نحتاج إليه.

المقارنات الاجتماعية بين الأسباب والحلول

نحن دائماً في حالة مقارنة

المقارنة الاجتماعية هي ديناميكية بشرية تبدأ عندما يكون الأطفال صغاراً جداً. فكّر في الأطفال الصغار الذين ينزعجون أو يُصابون بنوبة غضب كلما رأوا طفلاً آخر يحمل لعبة جديدة لا يملكونها.

فريال عبدالله حلاوي أستاذة محاضرة ومستشارة في تطوير الذات تشرح لـ"سيدتي" موضوع المقارنات الاجتماعية.
موضوع المقارنات الاجتماعية يُعَدُّ من المواضيع الطبيعية جداً في حياتنا، وذلك لأننا منذ ولادتنا، ومن خلال تربيتنا، نتلقى تقديرنا لذواتنا ونبني صورة الذات لدينا انطلاقاً من نظرة الآخرين إلينا.
قد تهمك متابعة تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على طموح الشباب وتركيزهم

فنبدأ أولاً بنظرة الأهل الذين نسعى دائماً إلى إرضائهم؛ لكي يُخبِرونا أننا جيدون ويُظهروا رضاهم عنا، فنكوّن من خلالهم تقديراً إيجابياً للذات. لكن، المقارنة الاجتماعية تبدأ أيضاً في سن مبكرة جداً عندما يقوم الأهل بمقارنتنا مع إخوتنا أو أبناء عمومتنا، ولاحقاً في المدرسة مع الزملاء.

جميع هذه المقارنات ترافقنا، وعندما تكون المقارنات سلبية، فإنها تؤدي إلى شعور الفرد بعدم الكفاية وضعف في تقدير الذات، وقد تصل أحياناً إلى ظهور أعراض القلق أو الاكتئاب.

بطبيعة الحال، نحن لا نعيش في مجتمعات غربية، ففي المجتمعات الغربية يتم التركيز على القيم الفردية لدى الشخص وعلى تقديره لذاته بشكل مستقل عن الآخرين. أما في مجتمعاتنا، كما ذكرت، فإننا نبني مفهومنا لذواتنا منذ الصغر من خلال المقارنة مع الآخرين.

ولا يمكن أن نغفل أن المقارنات الاجتماعية قد ازدادت بشكل كبير في ظل وجود وسائل التواصل الاجتماعي؛ حيث نقوم بمقارنة أنفسنا بالمدونين (البلوغرز) وبالنماذج التي نراها مثالية. إلا أن هذه النماذج في الحقيقة ليست مثالية، لكنها تفرض علينا ضغطاً اجتماعياً كبيراً، فنشعر بالحاجة إلى أن نكون مثلها، بينما في الواقع لا نستطيع.

من المهم أن نُشير إلى أنه، مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والنماذج التي تُعرض عليها، تبدأ لدينا توقعات ومقارنات غير واقعية وغير منطقية، سواء فيما يتعلق بمظهرنا الخارجي أو بأسلوب حياتنا. الأمر يمتد أيضاً إلى صورة الشريك المثالي، سواء الزوج أو الزوجة، مما يزرع في أذهاننا نماذج مثالية غير حقيقية لا يمكننا الوصول إليها. وهذا، كما ذكرت سابقاً، يُشعرنا دائماً بأننا غير كافين، وأننا لا نستمتع بما نملكه بالفعل.

فعلى سبيل المثال، قد تشعر بعض النساء بعدم الكفاية على الرغم من أن أزواجهن يُحبونهن وتربطهم علاقة سليمة، لكنها تبقى متأثرة بالمقارنات المستمرة التي ترافقها منذ الطفولة وحتى الكبر. فالسؤال هنا: لماذا نقارن أنفسنا باستمرار؟ الجواب يعود إلى تربيتنا وثقافتنا العربية، التي غرست فينا منذ الصغر صوراً "مثالية" يجب علينا أن نصل إليها. فمثلاً، صورة المرأة المثالية بحسب المعايير الاجتماعية، الأم المثالية، الزوجة المثالية، أو حتى الابنة المثالية لأهلها.

كيف يمكننا التعامل مع هذه المقارنات؟

  • الجواب يكمن في التركيز على الذات، وليس على الآخرين. لا بد من تنمية شعور الامتنان لدى الشخص، منذ الطفولة، وتعويده على أن يشكر الله دائماً على النعم الموجودة لديه؛ لأن ذلك يجعله يرى الصورة الإيجابية التي يمتلكها.
  • كما أنه من الضروري أن نعلّم أولادنا أن الحياة لا تخلو من الفشل والتعثر، وأنه لا وجود للكمال، مما يُسقط عنهم فكرة المثالية التي تُروج لها وسائل التواصل الاجتماعي. فكل ما يُعرض هناك هو مجرد صورة مثالية تُستخدم لأهداف ربحية، مثل زيادة عدد المشاهدات أو تحقيق أرباح مادية، وليس واقعاً حقيقياً.
  • لذلك، علينا أن نُشجّع على التركيز على الذات، الوعي بإيجابيات النفس، وتكوين صورة حقيقية وواقعية عن الذات. فبهذا فقط يمكن للإنسان أن يسير نحو الحقيقة بثبات، دون أن يُقارن نفسه بالآخرين.

يمكنك الاطلاع على كيف تتوقف عن مقارنة نفسك بالآخرين؟.. أكثر من 10 إستراتيجيات بسيطة

  • ابنِ ثقتك بنفسك من خلال نفسك، وليس من خلال الآخر، لأن الآخر لن يكون دائماً موجوداً إلى جانبك، وقد لا يُعطيك دائماً صورة إيجابية. وبهذا الشكل، نتجنّب الوصول إلى هدم الذات أو فقدان تقديرها.