في عالم سريع التغيّر، مليء بالتحديات والفرص، تبرز فئة من الشباب الذين يلفتون الأنظار ليس فقط بما يحققونه، بل بكيفية تعاطيهم مع الحياة. هؤلاء لا ينتظرون الحظ ليطرق أبوابهم، بل يصنعون واقعهم بعادات صغيرة، ثابتة، ولكنها قوية. فالشخصية الناجحة في سنّ الشباب لا تُبنى في يوم وليلة، بل تُصاغ عبر تفاصيل الحياة اليومية: كيف يفكرون، كيف يتعاملون مع إخفاقاتهم، من يصاحبون، وكيف يلتزمون بما يؤمنون به؟
العادات هنا ليست مجرد أنشطة، بل هي مرآة لنمط تفكير عميق، ورؤية داخلية واضحة، والتزام متجدد بالذات. إن سرّ التميز لا يكمن دائماً في الذكاء أو الفرص المتاحة، بل في تلك الممارسات اليومية الصامتة التي تنمّي القوة الداخلية، وتمنح الشباب القدرة على التكيّف، الصمود، والنمو في وجه العوائق.
في هذا السياق، تأتي أهمية الحديث عن العادات التي تميز هذه الفئة اللامعة من الشباب، لعلّها تكون مصدر إلهام ودافعاً لكل من يسعى لأن يبني مستقبله بخطى ثابتة وواضحة. ساندرا فاعور لقيس، معالجة نفسية معتمدة تشرح لـ"سيدتي" وجهة نظرها من هذا الموضوع.
عادات تميز الشخصيات الشابة الناجحة وتمنحها طابعها الخاص

بعض الأشخاص حين يدخلون إلى مكان، يُشعِرونك بحضورهم حتى قبل أن يتكلموا. ليس بسبب ملابسهم أو وضعهم الاجتماعي أو حظهم، بل هناك شيء أعمق من ذلك بكثير.
فما الذي يجعل بعض الشباب يبرزون، وينجحون، ويُلهمون من حولهم حتى قبل أن يحصلوا على ألقاب أو خبرات؟ في كثير من الأحيان، لا يكون السبب هو الموهبة أو الفرص، بل العادات اليومية، تلك العادات الهادئة والعميقة التي تشكّل مسارهم.
هذه الطقوس البسيطة في عمر الشباب ليست تفاصيل عابرة، بل هي الخيوط التي تنسج مستقبلهم الناجح.
إليك أبرز العادات التي تميز الشخصيات الشابة الأكثر تأثيراً وثباتاً:
-
يمتلكون رؤية داخلية واضحة
لا يعرفون بالضرورة كل الخطوات، لكنهم يدركون الاتجاه الذي يريدون سلكه. يتخيلون نوع الطاقة التي يريدون أن يعيشوا فيها، ونوعية الشخص الذي يطمحون أن يكونوا عليه. هذه الرؤية تصبح بوصلة يومية تساعدهم على التركيز وتجنب التشتت.
-
يديرون عالمهم الداخلي قبل تنظيم وقتهم
يعرفون أن طريقة التفكير تؤثر على كل شيء. بينما يبدأ الآخرون يومهم في عجلة، هم يتوقفون للحظة، ليتنفسوا ويعيدوا الاتصال بأنفسهم. العقل الهادئ يمنح الوقت قيمة، أما المشتت فيُضيع الفرص بسهولة.
-
يتأقلمون ولا يتجمدون أمام التغييرات
الحياة لا تسير دائماً كما نخطط، وهذا أمر طبيعي. عندما يُغلق باب، يبحثون عن نافذة.
يعيدون التكيف من دون التخلي عن أحلامهم. العثرات لا توقفهم، بل تُنضجهم.
-
يختارون محيطهم بعناية
يعلمون أن الطاقة معدية. لذلك يحيطون أنفسهم بأشخاص إيجابيين، داعمين، يتحدونهم نحو الأفضل. وعند الحاجة، يبتعدون عن علاقات سامة، ليس بقسوة، بل احترام لذاتهم.
-
الفضول هو وقودهم السري
يسألون أسئلة عميقة لأنفسهم ولمن حولهم.لا ينتظرون المدرسة أو الأزمات كي ينضجوا. كل حوار وكل تحدٍ هو فرصة للنمو والتطور.
-
يلتزمون بالعمل الخفي
عاداتهم هي توقيعهم الصامت. الطريقة التي يتحدثون بها لأنفسهم، كيف يبدأون صباحهم، وكيف يتصرفون عندما لا يراهم أحد، هناك يبدأ النجاح. ليس الأمر تغييراً مفاجئاً، بل خطوات صغيرة وثابتة تنبع من نية حقيقية.
وتؤكد ساندرا أن "عاداتك هي توقيعك الصامت، الدليل الخفي على الحياة التي اخترت أن تعيشها، قبل أن يلاحظها الآخرون. فالعادات ليست مجرد أفعال، بل وعود يومية صامتة تقدمها لنفسك حول نوع الحياة التي تلتزم بها".
وتنصح "اختر عاداتك بحكمة. واظب على الالتزام يومياً. وتذكّر، النجاح لا يأتي دفعة واحدة، بل ينمو بصمت، عادة بعد أخرى".
تجنب العادات السلبية لتلافي الفشل

لكي يصبح الإنسان شخصية ناجحة، لا يكفي فقط اكتساب العادات الإيجابية، بل من الضروري أيضاً التخلّص من العادات السيئة التي تعرقل التقدم وتضعف الإرادة وتؤثر على الثقة بالنفس. فالكثير من الشباب يمتلكون طاقات وقدرات كبيرة، لكنهم يواجهون صعوبة في الوصول إلى أهدافهم بسبب سلوكيات يومية تضعف من فرصهم في النجاح.
من أبرز هذه العادات السلبية:
-
التسويف وتأجيل المهام
تأجيل الأمور يراكم الضغط ويخلق شعوراً دائماً بالفشل، ويمنع الشخص من التقدّم بخطوات ثابتة نحو أهدافه.
-
المقارنة المستمرة بالآخرين
التركيز على إنجازات الآخرين بدل تطوير الذات يولّد الإحباط ويضعف الثقة بالنفس.
-
الخوف من الفشل
التردد في اتخاذ القرارات أو تجربة أمور جديدة خوفاً من السقوط يمنع النمو ويعطل مسيرة النجاح.
-
الإفراط في استخدام التكنولوجيا
قضاء ساعات طويلة على وسائل التواصل الاجتماعي من دون هدف يؤدي إلى تشتت الانتباه وفقدان التركيز.
-
البيئة السلبية
التواجد وسط أشخاص محبطين أو ساخرين من الطموحات قد يؤثر سلباً على العزيمة والثقة.