"الولادة من الخاصرة" في الطليعة وسقوط "في حضرة الغياب"

كانت «سيدتي» منذ عددين أثارت جدلاً حول المسلسلات الرمضانية للعام 2011 من خلال جمع آراء العديد من النقاد من مختلف الدول العربية، في نظرة شاملة ودقيقة طالت مكامن القوة والضعف في هذه الأعمال. واليوم، نستكمل هذا الجدل من خلال نقاد من بيروت ودمشق والمغرب في جولة نقدية جديدة:

 

الدراما اللبنانية


الإعلامي اللبناني باسم حكيم من صحيفة «الأخبار» قال: «لعلّها المرّة الأولى التي تتمكّن فيها الدراما اللبنانية من إيجاد موقع متقدّم لها على شاشة رمضان. ومع تراجع كمّ المسلسلات المصرية والسورية، وعدم تمكّن الدراما الخليجية من تحقيق انتشارها المطلوب في العالم العربي، باستثناء منطقة الخليج العربي حيث تحقّق أعلى نسبة مشاهدة. ففي لبنان، اختارت شركات الإنتاج أعمالاً جدليّة، وهو الأمر الذي استطاع أن يؤمّن لها نسبة مشاهدة مرتفعة.


فشركة «سيدرز آرت برودكشن»، لجأت إلى سيرة الفنانة صباح في مسلسل «الشحرورة»، من بطولة كارول سماحة ومن كتابة فداء الشندويلي وإخراج أحمد شفيق، الذي يجمع حشداً من الممثلين من لبنان ومصر، حيث خرج الممثلون اللبنانيون إلى الامتحان العربي دفعة واحدة في هذا العمل. وإذا كان عمّار شلق، كارول سماحة، باسم مغنية، دارين حمزة، مجدي مشموشي ورفيق علي أحمد، هم من الأسماء المعروفة نسبياً في مصر، فإن معظم الممثلين الآخرين، لم تسبق لهم المشاركة في أعمال ذات طابع عربي، وبعضهم يستحقّ النجومية العربية ومن بين هؤلاء جوليا قصّار، وكارول الحاج، وميشال حوراني، ويوسف حداد وطوني عيسى. وإذا بقصة حياة صباح، تفتح أمامهم فرصة الوصول إلى الجمهور العربي. غير أن العمل نال نصيبه من الانتقاد، واتّهم بأنه يشوّه قصة الشحرورة، ولم تكن حجّة الشركة المنتجة بأنها تقدّم مسلسلاً درامياً وليس عملاً توثيقياً مقنعة، على اعتبار أن العمل الدرامي الذي يحكي سيرة ذاتية، تكون لكاتبه حريّة محدودة في تغيير بعض التفاصيل لضرورات دراميّة، ولا يحقّ له بأي حال من الأحوال تغيير الوقائع. كما شكّل اعتراض ورثة بعض الفنانين والصحافيين الذين يرصد «الشحرورة» سيرتهم، عاملاً سلبيّاً، فغاب اسم سعيد فريحة ليحلّ محلّه اسم سعد فرح، وجسّد الدور ألكو داوود. والأمر نفسه حصل مع عاصي الرحباني وفيروز، فإذا بعاصي يتحوّل إلى عاصم، ويؤدّي دوره نبيل عسّاف، وتصبح فيروز في العمل روز. إضافة إلى تحريف أحداث توقّفت صباح عند تفاصيلها في مقابلاتها، في محاولة من الكاتب لإظهار «الشحرورة» وكأنها ملاك، وهو ما لم تدّعه يوماً.


ولفت مسلسل «باب ادريس» للكاتبة كلوديا مرشليان والمخرج سمير حبشي وإنتاج شركة «مروى غروب» اللبنانية الانتباه، ليس في لبنان فحسب، علماً أنه يوثّق بصيغة دراميّة لمرحلة ما قبل الاستقلال في بيروت، من خلال الإضاءة على أشخاص عاديين من مختلف الطوائف، والعائلة التي تلعب دور البطولة هي سنيّة، وتتيح لنا أن نتعرّف على كيفيّة تعامل الناس مع شهر رمضان في ذلك الزمن. وتميّز يوسف الخال في شخصية الشاب الثائر راشد، ويوسف حداد بشخصية الرجل الهائم في عشق زوجته الخائنة، وأبدعت نادين نجيم في شخصية الزوجة التي تقع في غرام الضابط الفرنسي تيري (بيتر سمعان) وتحمل منه. وسجّل تميّز أداء كل من جويل داغر، تقلا شمعون، نغم أبو شديد، عمر ميقاتي، ختام اللحام، ولعلّ ديامان بو عبّود استطاعت التأكيد أنها ممثلة من طراز رفيع، هي التي يكاد اسمها يكون مجهولاً لكثيرين، وهنا نجح رهان المخرج سمير حبشي عليها.

 


أما على مستوى الكوميديا، فبدا مسلسل «آخر خبر» للكاتب محمد السعودي ضعيفاً لجهة النص. ولم يكن أداء أبطاله على المستوى الذي عرفناهم به قبل ذلك. كما لم يكن وجود الممثلين السوريين في العمل مبرّراً درامياً كما ينبغي، بل بدا مجرد استفادة من أسمائهم التي لمعت في مسلسل «باب الحارة»، على وجه الخصوص. على مستوى الدراما المصرية، أطلّ نجوم الكوميديا محمد هنيدي وأحمد مكي وهاني رمزي في مسلسلاتهم الكوميدية. أراد محمد هنيدي الاستفادة من نجاح فيلمه «رمضان مبروك أبو العلمين حمودة»، لكن تشعّب أحداث العمل وضعف الحبكة، لم يقفا في صالح العمل، وبينما تميّز محمد هنيدي في شخصية أستاذ اللغة العربيّة القاسي، وكانت ليلى طاهر مقنعة في دورها الصغير، وقعت نهال عنبر في فخ مبالغة الأداء. أما هاني رمزي في «عريس دليفيري»، فلم يكن على مستوى أعمال النجم الكوميدي في الأعوام السابقة، خصوصاً «عصابة بابا وماما» و«مبروك جالك قلق». وكوميدياً أيضاً، بدا سيتكوم «جوز ماما مين» مع هالة صدقي عادياً ولم يقدّم جديداً يذكر. كما بدا أداء حنان ترك في «نونة المأذونة» باهتاً، ولم تنجح نجمة الأدوار الرومانسية في أفلام المخرج الراحل يوسف شاهين مع شريكها هاني سلامة، في امتحان الكوميديا. وثمة ضعف واضح في مسلسل «الزناتي مجاهد» مع سامح حسين، علماً أن بدايته كانت أفضل.


وتتراوح الدراما الاجتماعية المصرية بين الجيد والعادي والسيّئ. ويبدو مسلسل «الشوارع الخلفيّة» للكاتب مدحت العدل والمخرج جمال عبد الحميد، هو الأفضل بين المسلسلات المتنافسة، التي يغيب عنها نجوم الصف الأول في القاهرة، إذا ما استثنينا ليلى علوي التي تتقاسم بطولة العمل مع جمال سليمان. ويؤخذ عليه بأن أحداثه هادئة جدّاً بخلاف العمل الذي قدّمه الكاتب في الموسم الماضي وهو «قصة حب». ورغم أن مسلسل «سمارة» مع غادة عبد الرازق يحمل سيلاً من الأحداث المشوّقة، إلا أن وضع اسم بطلته على قائمة العار، أثّر سلباً في نسبة مشاهدته وطريقة توزيعه على الشاشات العربية.


ولا يبدو حال مسلسل «عابد كرمان»، أفضل. فالقصة المأخوذة من ملفات الاستخبارات، تنقصها الجاذبية في صوغ أحداثها، كما لم يقدّم بطل العمل تيم حسن جديداً على مستوى الأداء. أما الخالدان (خالد صالح وخالد الصاوي)، فتمكّن كل منهما من تقديم مسلسلين جيدين. وساعدت الضجة التي أثارها مسلسل «الريان» مع خالد صالح، وانتقاد رجل الأعمال المصري أحمد الريان في ارتفاع نسبة المشاهدة. ونجح خالد الصاوي في التمرّد على أدوار الشر، ليثبت أنه ممثل قادر على تقديم مختلف الأدوار بالبراعة نفسها، وأنه ممثل متميّز، كما بدت رانيا فريد شوقي مقنعة في دورها، رغم تقديمها معظم أدوارها بالطريقة نفسها. ولوحظ غياب النجوم الشباب عن شاشة رمضان، وبعض نجوم الصف الثاني ظهروا في مسلسل «المواطن X» الذي يأخذ قصته من أحداث ثورة 25 يناير. ...


أما في سوريا، فكان مسلسل «الولادة من الخاصرة» من أكثر الأعمال الجماهيرية تميّزاً، رغم السوداوية الموجودة فيه. وأبدع كل من سلاف فواخرجي وقصي خولي وعابد فهد وكندة علوش ومكسيم خليل ومحمد حداقي وسلوم حداد في أداء أدوارهم بتميّز كبير، كما تميّزت مسلسلات أخرى منها «الغفران» مع باسل خياط وسلافة معمار، و«السراب» مع بسام كوسا. واستمرّت الأعمال الشامية، منها «طالع الفضّة» الذي بدا الأكثر ثقلاً بين بقيّة الأعمال ومنها «الزعيم» الذي بدا وكأنه الجزء السادس من «باب الحارة»، و«رجال العز» الذي يلتقي في بعض أحداثه مع «أهل الراية» في الموسم الماضي.


ومن الأعمال التي ظهرت في رمضان أيضاً، مسلسل «في حضرة الغياب». وهذا العمل لم يكن فراس ابراهيم وهو بطل العمل ومنتجه مقنعاً في أدائه. وبدا أن هناك حلقة مفقودة في القصّة، إذ سلّط العمل الضوء على أمور سطحية في حياة الشاعر، بينما ترك القضيتين المحوريتين وهما شعره وفلسطين اللتان لم تغيبا لحظة عن باله في شبابه وكهولته.

هجوم وتعاطف


الناقد الفني مصطفى الطالبي قال: «مسلسل السيرة الذاتية الذي استقطب اهتمامي هو «الريان» للممثل خالد صالح. وهو ممثل مميّز بمساره ووفائه لعطائه. ويروي حياة رجل الأعمال المصري الشهير أحمد الريان، الذي صعد سريعاً في الساحة المصرية خلال عقد الثمانينات، من خلال شركات توظيف الأموال التي أنشأها، ثم دخل السجن لمدّة تزيد عن 20 عاماً.

أما العمل الذي أتوقّع أن يتبوّأ المراكز الأولى في استفتاء «سيدتي» لمسلسلات رمضان 2011 فهو «الحسن والحسين» نظراً للطريقة الحرفية والتقنية العالية التي صوّر بها من جهة. كما أن مهاجمته حتى قبل نهاية تصويره أكسبته تعاطف ملايين المشاهدين قبل عرضه، خصوصاً وأن المرحلة التاريخية التي عالجها لم يسبق وأن تطرّق لها أي عمل درامي سابق.

أما الممثلون والممثلات الذين تألقوا من وجهة نظري في مسلسلات رمضان فهم:

تيم حسن، ريم البارودي وفادية عبد الغني في مسلسل «عابد كرمان»، ريهام سعيد وعايدة رياض في مسلسل «شارع عبد العزيز»، ميرنا المهندس في مسلسل «في حضرة الغياب» وخالد صالح في مسلسل «الريان».

أما العمل الذي جاء مخيّباً للآمال والتوقعات فهو مسلسل «في حضرة الغياب»، لأنه وبالرغم من المساعدة التي لقيها المنتج وفريق العمل من الفنان مارسيل خليفة وأصدقاء الشاعر، إلا أن المسلسل أغفل العديد من جوانب محمود درويش.

 

ماذا قالت كل الإعلامية والناقدة السورية غادة النحلاوي عن مسلسل «الشحرورة»، و«الخربة» والناقدة والصحفية ريم شالاتي عن مسلسل «في حضرة الغياب» الذي تناوله أيضا الناقد والإعلامي المغربي عبد العزيز بنعبو كل هذا والمزيد في مجلة سيدتي في المكتبات