mena-gmtdmp

ثقافة الزحمة!!

مبارك الشعلان
| لم الحياة زحمة.. فالشوارع مزدحمة.. والمناطق أكثر ازدحاماً.. والأسواق صورة معبرة عن ثقافة الزحمة.. والمدارس نموذج ليس بعيداً عن هذه الثقافة الجديدة.. ثقافة الفصول المحشورة.. والأطفال الذين يبدأون حياتهم في التحرك من خلال علب السردين المدرسية، منطلقين إلى بيوت وشقق بدأت تقررها الزحمة، بعد أن أصدر المجلس البلدي الرشيد قراره الرشيد بما أسماه زيادة نسبة البناء في السكن الخاص فأصبحت البيوت عبارة عن عمارات، والعمارات عبارة عن علب سردين، ففوق كل بيت قام بيت آخر، وبجانب كل عمارة هناك عمارة، كل ذلك بسبب بدعة زيادة البناء وتوسعة الشوارع، مع أن قرار البلدية بزيادة البناء كان يحتاج إلى قرار آخر ملحق بالقرار الأول وهو زيادة نسبة تحمل الناس لبعضهم، فالناس لم يعد يحتملون بعضهم لدرجة مخيفة وقرار توسعة الشوارع يحتاج إلى قرار مصاحب له.. بتوسعة صدور الناس التي أصبحت ضيقة وأكثر ضيقاً من الشوارع الضيقة. فما فائدة أن تتوسع الشوارع.. وتضيق صدور الناس؟ الدنيا زحمة.. والزحمة تصنع ثقافة مجتمع.. فالمجتمعات التي يتقبل فيها الناس بعضهم ويتجاوزون عن أخطاء بعضهم مجتمعات تعيش في سلام مع نفسها.. وإذا لم تحصل على السلام الكامل تسعى إليه فهي تتصالح مع بعضها.. واذهب إلى أي دولة في العالم لتعرف ثقافة الناس في الزحمة.. فالناس الممتلئون بتجارب الحياة، وبفضيلة التسامح تجدهم يتجاوزون عن أخطاء الآخرين ولا يتجاوزونهم في الطرقات الضيقة.. لأنهم يفسحون لهم مكاناً في صدورهم، قبل أن يفسحوا لهم الطريق. هذه الفلسفة في التجاوز عن الآخرين لا التجاوز عليهم لا يفهمها إلا الراسخون في علم التسامح لذلك ما أحوجنا إلى أن نفسح الطرقات.. ونفسح قلوبنا قبل ذلك!! شعلانيات: | في بعض الدول هناك ناس لديهم سيارات صغيرة وضيقة ولكن تصرفاتهم كبيرة ... وصدورهم واسعة وهناك ناس لديهم سيارات راقية جداً يقابلها تصرفات ليست راقية. | ثقافة الشارع هي انعكاس حقيقي لثقافة البيت وثقافة المدرسة وثقافة العمل فما ننتظر من مجتمع يدرب أبناءه على ثقافة عدم احترام القانون وأن التجاوز في الشارع هو«فهلوة» وذكاء وشطارة؟! | الشارع أصبح هو المصنع الحقيقي لثقافة وسلوكيات أي شعب، والشوارع الواسعة أصبحت أماكن ضيقة للذين يحترمون أنفسهم