«الغُمرة»..ليلة سعوديَّة تقليديَّة تحتفل بالعروس بالحناء و الورود و الهدايا

15 صور

على الرغم من اختلاف العادات والتقاليد المتعارف عليها في الزيجات السعوديَّة، وتميز كل منطقة بطقوس مختلفة عن الأخرى، إلا أنَّ هناك بعض المظاهر المشتركة التي تجمعها، مثل ليلة الحناء أو ما يعرف بــ«ليلة الغمرة»، وهي الليلة التي عادة ما تسبق حفلة الزواج بيوم واحد، وفيها تقوم العروس بارتداء زي مميز من أزياء تراث المنطقة نفسها قد يكون بدوياً «محاريد» أو مدينياً «زبون»، وتقوم العروس بتغطية وجهها بالبرقع المزين بحبات اللؤلؤ أو جنيهات الفضة حتى لا يُرى وجهها إلا يوم الفرح، حيث تقام هذه الليلة في منزل أهل العروس التي تحرص على دعوة صديقاتها وأفراد أسرتها حتى يحتفلن معها برسم الحناء.


«سيدتي» التقت عدداً من الفتيات والسيدات ليطلعننا أكثر على ليلة الغمرة، خاصة بعد تمسك بعض فتيات الجيل الحالي بها وتطبيقها كما كانت من طقوس وعادات.

ليلة لا غنى عنها مهما كلف الأمر
رقية هاشم (28 عاماً)، قالت: عادة في هذه الليلة تدعو العروس صديقاتها المقربات وأفراد أسرتها، حيث يقمن برسم زخارف الحناء على أيديهن، أما العروس فتلبس ثوباً تقليدياً مطرزاً بألوان متعددة، وتتزين بالذهب وتضع المشغولات الذهبيَّة على رأسها وحول عنقها، وأساور الذهب في كلتا يديها. وعادة ما تكون هذه المشغولات الذهبيَّة هديَّة من الزوج، وهنالك بعض العرائس يضعن غطاء مطرزاً على الوجه يحجب رؤيته، في حين تفضل أخريات وضع مساحيق التجميل وإبراز جمال الوجه والشعر، مضيفة: ولعل كلمة «غمرة» اشتقت من «الغمر»، وتعني أن تغمر العروس نفسها بالذهب ولبس الزي التقليدي المطرز بالخرز المذهب، وتلبس برقعاً مشغولاً بالذهب، ويسمح لها أن تكشف يديها وأرجلها لنقش الحناء.
ليلة الهدايا و التقاليد القديمة
تضيف أم صالح (أم لأربعة أبناء)، أنَّ «الغُمرة» تعد من الطقوس الالزاميَّة في منطقة المدينة المنورة ولا مجال إطلاقاً أن تتجاهل العروس الغمرة، فهي تربطنا بعاداتنا وتقاليدنا المتوارثة. وحول تكاليف هذه اليلة وتفاصيلها تضيف: تكلف ليلة الحناء عشرين ألف ريال، وهي الفرصة الوحيدة التي نحتقل فيها بعاداتنا القديمة ونتقاسمها مع الأجيال السابقة، خاصة أنَّ الفتيات اليوم يفضلن زواجاً عصرياً بسيطا. وتختلف تفاصيل الغمرة في المدينة، لكن الأبرز هو أن ترتدي العروس زياً مذهباً غالي الثمن يطلق عليه «الزبون»، وهو مخصص لليلة الحناء، وعادة ما تختار العروس اللون الأبيض أو الوردي. وفي هذه اليلة يقدم الضيوف هدايا قيمة وثمينة للعروس تشمل الذهب والعطور الراقية لعرضها أمام الجميع، ثم تزف العروس برفقة والدتها، وأخواتها، وخالاتها، وتستمر الموسيقى والرقص، طوال اليل، وقد يقام الحفل في استراحة أو في منزل أهل العروس.
أثواب للتأجير تسهل المهمات الصعبة
تقول فوزية أحمد، وهي مالكة لمحل تأجير مستلزمات أعراس، إنَّ إيجار فستان الـ«غمرة» قد يكلف العروس ما بين 2000 إلى 5000 ريال لليلة الواحدة، حسب الخامة المستخدمة والتصميم وأناقة الموديل، وهنالك تشكيلة واسعة من فساتين «الغُمرة» وبألوان وتصاميم ومقاسات مختلفة، وبعض العروسات يفضلن الزي الهندي وهنالك ممن يحافظن على الأزياء الخليجيَّة أو الحجازيَّة.
الحناء : سيدة ليلة الغُمرة
«نقاشة» الحناء ، شاهين، فأوضحت أنَّه قبل عشر سنوات كانت العرائس يطلبن رسوماً بسيطة على الأيدي والأرجل، أما الآن فأصبحن يطلبن رسومات فنيَّة تشمل الورود والمنحنيات وبعض الأشكال، مضيفة: وتختلف «الغُمرة» اليوم عن ما كانت عليه قبل 20 سنة، حيث كان التزين بالحناء اجبارياً، أما اليوم فمعظم الفتيات يرفضن الحناء، ولا يرغبن بوضعها على أيديهن وأرجلهن، رغم أنهن يحرصن على جلب متخصصة في نقش الحناء، لكن يقتصر عملها على النقش للسيدات الكبيرات اللاتي يحضرن الحفل. وتأسف شاهين على اهمال هذا التقليد الجميل، خاصة أنَّ الحناء تعد من أقدم التقاليد في المملكة، وكانت العروسات لا يملن إلى وضع المساحيق ويكتفين بقليل من مرطب الشفاه ويزين أيديهن وأرجلهن بالحناء.
لكن نظيرة دخيل (73 عاماً)، فتعتقد أنَّ الفتيات بدأن بالتنافس حول من تقيم أفضل غمرة، بل وأصبحن ينفقن الكثير من المال ليحظين بليلة حالء أفضل من غيرها. وتقارن دخيل بين «الغُمرة» في السابق واليوم قائلة: في أيامنا كانت ليلة الحناء مصغرة تضم الأسرة والأصدقاء المقربين، أما اليوم فأصبحت تقام حفلات «غمرة» باذخة وباهظة، وأصبحت شبيهة بالليلة «الكبيرة»، ليلة الزفاف.
سعوديات لا يكتفين بالحِنة
تقيم بعض الفتيات السعوديات ليال الغُمرة بطقوس جديدة مختلفة عن التقليدية، حيث تقول مريم الصاعدي (24 عام): لم أشأ ان تكون ليلة الغمرة تقليدية، فهي الليلة التي استمتع فيها مع صديقاتي و قريباتي و أترك فيها براحتي دون تكلف مثل ما يحتمه علي فعله ليلة الزواج الكبيرة والفستان الأبيض و الكعب العالي، و قررت يومها أن اقدم للحضور مجموعة من الوصلات و الرقصات الفنية، حيث تواصلت مع فرقة متخصصة في احياء الحفلات، و التي تأتي الى البيت و معها عدتها كامله، وتقوم بتقديم عدة عروض فلكلورية و غربية منوعه، يشارك الحاضرات فيها بالرقص و الغناء و الاستمتاع..
و تقوم المتعهدة بتوفير ملابس خاصة للعروس كذلك، و تساعدها مع كل وصلة على تبديل الزي ولبس آخر ليتماشى مع الأغاني والفكرة عموما، و تجد مريم أن هذه الفكرة لاقت استحسان الجميع حيث نقلتهم من داخل المنزل الى أكثر من ثلاث بلدان بكل طقوسها و أجوائها بلمح البصر، ما جعل منها ليلة لا تنسى.