لم أستغرب كثيراً ما نقلته الصحف عن تبديل شخص من المفروض أن يذهب للعناية المركزة إلى الجناح.. في حين الذي كان من المفروض أن يذهب للجناح أرسلوه للعناية المركزة!
فوزارات الصحة في الوطن العربي الجميل لديها رؤية سياسية متقدمة بضرورة «تداول» المرض بين المرضى؛ لذلك هي تبعث من يحتاج إلى «جبر» إلى قسم الكسور لتكسر «نيعه»، ومن يحتاج لإصلاح «فيعه» ترسله إلى وحدة الأنف والأذن والحنجرة.
مع أنه لا توجد في كل دول العالم المتقدمة هذه «الجزارة» المسماة «أنف وأذن وحنجرة»؛ لأنه هناك عيادة للأنف.. وعيادة للأذن.. وعيادة للحنجرة..
أما في العالم الثالث فكل شيء بالجملة «ويالله شيل»... على كل حال كل وزير صحة في العالم العربي لديه قائمة طويلة في التوصيات لفريقه؛ أهمها ألا ينسوا «مقصاتهم» في بطون المرضى، وأن يصلحوا عيون الناس لا أن يفقأوها، وأن يجبروا كسورهم لا أن «يكسروا» ما صلح من عظامهم، ومع كل ذلك لم ينصلح الحال..
مع أن الحال ليس سيئاً لهذه الدرجة... حتى وإن كان سيئاً فهناك قائمة طويلة من الأعذار؛ أهمها أننا عالم ثالث، ولكننا أفضل حالاً من حال بعض العالم الثالث الذي يجعل من حالنا أشبه بحال العالم الأول بالمقارنة مع عالمهم، فقد قرأت أخيراً أن في دار السلام في تنزانيا -التي يبدو أنه لا سلام فيها مع المرضى- قام فريق من الأطباء بإجراء عملية جراحية دقيقة في المخ لرجل كان يشتكي من ركبته، فاستأصلوا ورماً غير موجود أصلاً، واحتفل الأطباء بنجاحهم في العملية. حدث هذا؛ لأنهم كانوا يجرون عملية للشخص الخطأ في المكان الخطأ.. فهم أرادوا إجراء عملية ركبة لإيمانويل مغايا.. في حين كان إيمانويل مغايا الآخر، الذي يبدو أنه أسعد حظاً من مغايا الأول، يحتاج لعملية مخ فخلعوا لهم ركبته.. في حين مغايا الذي يحتاج لإصلاح ركبته.. كسروا له رأسه، وتوفي مغايا بعد يومين من «تصحيح» الخطأ، على حد زعم رئيس الأطباء المعالج، ولا نعرف أي نوع هذا من التصحيح الذي يقود إلى الوفاة!
ومن يدري فقد نصل إلى مرحلة «تصحيح» الخطأ على هذه الطريقة يوماً ما.. فآخر العلاج الكي.. وآخر العلاج هو التصحيح، ولكن التصحيح على الطريقة التنزانية التي «تصحح» معالجة المريض بإعلان وفاته، ثم يحتفل الفريق الطبي بعد ذلك بنجاح العملية، ولكنها عملية «الوفاة» التي لا تحتاج لفريق من الأطباء.. بقدر ما تحتاج لفريق في الحانوتية!
أخيراً أنصح وزراء الصحة العرب أن يقوموا بزيارات مفاجئة كل يوم بشرط ألا تكون زياراتهم زيارة وزير الصحة نفسها أيام السادات؛ عندما قال رئيس الوزراء إن الرئيس يسأل عن الموعد المناسب لزيارته «المفاجئة» المقبلة.. فقال وزير الصحة: «فاجئونا يوم الأربعاء المقبل.. الساعة التاسعة صباحاً!!».
شعلانيات:
> لا يستطيع أحد ركوب ظهرك، إلا إذا كنت منحنياً!
> لا شيء يجعلك عظيماً غير ألم عظيم!
> التعري في الشارع خلاعة، وعلى المسرح فن، وعلى الشاطئ رياضة!





