فيلم احرق خرائطك.. طفل يتحدى اللامعقول

3 صور

افتتح مهرجان دبي عروضه السينمائية ضمن فعاليات برنامج الشاطئ بالفيلم الأمريكي «احرق خرائطك» للكاتب والمخرج الأمريكي جوردان روبيرتس، في عرض أول في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
يتحدث الفيلم عن قصة عائلة مكونة من أربعة أشخاص، الأم والأب والابنة المراهقة والطفل «ويست» بطل الفيلم، تداعت أركان هذه الأسرة إثر وفاة ابنتهم الرضيعة، الأمر الذي جعلها تعيش حالة من التفكك والضياع بأثر بالغٍ خاصةً على شخصية الأم «فيرا فارميغا» التي لم تستطع تقبل فكرة موت طفلتها، مما أثر على عدة مستويات في حياتهم من ضمنها علاقتها الزوجية، وهذا ما وضحه المخرج في بداية الفيلم عند المعالِجة النفسية.
من زاوية أخرى نلحظ تأثير هذه الحادثة على الطفل ويست «جايكوب تريمبلاي» الذي تمحور همُّهُ اللاواعي بالبحث عن روح أخته، وماذا حل بها، لتأخذه رحلته في البحث عنها إلى منغوليا مع أمه، التي وقفت مع ابنها بتخيلاته «بأنه منغولي» ليكتشف بذاته الطفولية من هو فعلاً دون تعنيف، حتى لو كان رمزياً، خاصة مع موقف الأب «مارتن كسوكاس» الذي سعى لوسائل مثل قمع رغباته وتمزيق كل ما يخص الثقافة المنغولية من صور وتمائم كان قد علقها في غرفته.
تدور الحكاية ضمن حبكات ثانوية تضم شابًا هنديًا حالمًا بصناعة فيلم وثائقي « سوراج شارما» يثبت فيه ذاته هو الآخر في أمريكا التي ترفضه لجنسيته، أو ربما لدينه، فيسافر معهما إلى منغوليا ويبدأ بتوثيق الرحلة، تتقاطع الأحداث مع شخصيةٍ لامرأة أربعينية تشاركهم فترة من الترحال، باحثةً هي الأخرى عن حب تفتقده.
فيلم مغامرة بطلها صغير يبحث عن راحة الإنسان الكبير قبل الطفل، العاطفة تغلب المنطق والعقل، إلا أنها وبلحظات تبدو وكأنها خارج زماننا هذا، عالم الحروب والاضطهاد والعنصرية، فيكون بالتالي رحلة ولد مشاكس يبحث لا إرادياً عن المحبة والحلم متجاوزاً الحدود والأعراق والثقافات ضمن موسيقى عشائرية جمعت ما بين الحضارة المنغولية من جهة، وصوت الطبيعة من أغنام وأحصنة من جهة أخرى.
من الواضح أن المخرج أراد إرسال فكرة بسيطة، مفادها أن لا يتنازل الإنسان عن رغبته وشغفه مهما كان غريباً أو غير مألوف، ومهما كان رأي الآخر فيه، إلا أنها تبقى تجربتنا الخاصة التي فيها نربح أو نخسر وفي الحالتين عائدة علينا، قدمه روبرتس بحس كوميدي تارة وتراجيدي تارةً أخرى، تميز فيه أداء الطفل جايكوب على بقية الشخصيات التي حملت بملامحها بعضاً من التكلف، خاصة شخصية الأب في المشهد الذي يجمعه مع الكاهن الروحاني بإحدى القبائل المنغولية
فيلم لطيف يأخذنا برحلة من الغرب ذي الأبراج الشاهقة، والهواتف الذكية، والمشاعر المركبة القلقة، للشرق البسيط بسهولهِ الخضراء المنبسطة، وأكواخه الصغيرة، وأحاسيسه الواسعة.