mena-gmtdmp

السفر إلى الداخل!!

مبارك الشعلان

في كل صيف.. وقبل أن نلملم أشياءنا.. ونحزم حقائبنا..

تبعثرنا أشياؤنا قبل أن نلملمها، وتحزمنا حقائبنا قبل أن نحزمها..

 فبرغم اتساع هذا العالم.. يصبح العالم ضيقًا أمامنا.. فتضيق خياراتنا.. ونصبح عاجزين عن تحديد وجهتنا بعد أن تضيع اتجاهاتنا.

فما أصغر هذا العالم الكبير عندما لا تكون لنا وجهة نتوجه إليها. كل الأشياء تبدو صغيرة.. المدن الكبيرة تتضاءل لحظتها أمام عالمنا الأكبر الذي نحلم به.. عالمنا الذي نريده ونحلم به أكبر من عالمنا هذا لذلك تبدو مدن وعواصم العالم الكبيرة.. صغيرة في عيني.. كلما حاولت أن أخرج من عالمي الصغير الكبير!

أميركا.. كبيرة هذه الأميركا.. لكنها صاخبة.. تملؤنا بالضجيج بمجرد أن نفكر في أن نحزم حقائبنا إليها.. فزيارتها ليست مجرد زيارة.. إنها سلسلة من الإجراءات الطويلة التي أصبحت تقتل في داخلك الحلم قبل أن يولد.

يجب عليك أن تملأ نفسك بالأسئلة ويجب أن تجيب عن كل الأسئلة التي تعرفها أو لا تعرفها. المهم أن تجيب. وليس مهمًا بعد ذلك أن تعرف لماذا رفضوك ورفضوا أن يعيدوا لك أموالك بعد أن رفضوك؟! فمجرد التفكير في دخولها يجعلك تدفع ضريبة.

أميركا كانت في يوم أرض الأحلام. اليوم أصبحت تطلب منك أن تدفع أرضية لأحلامك وأن تهيئ نفسك لمزيد من الصخب فالمدن الكبيرة توزع أحلامها وصخبها بالعدل والتساوي على كل مريديها!

أوروبا.. هذه العجوز الشمطاء التي تتصابى في كل موسم. تريد أن تستعيد شبابها بك. تريدك أن تمنحها ما عجز عنه مواطنوها. تعطيك صفة المواطنة طالما أنت مرتبط بها ولديك علاقة غرامية معها وتدير ظهرها لك متى وجدت علاقة غرامية أخرى!!

شرق آسيا. مسكين هذا الشرق فهو متوعك على مدار العام أشعر أحيانًا بأنه يشبهنا فما إن يخرج من وعكة صحية حتى يدخل في أخرى فهو مريض طوال الموسم ومع ذلك يدعونا لزيارته ونحن طبعًا لا نحب أن نقضي إجازتنا في عيادة المرضى!!

العالم العربي كل هذا العالم الكبير يصبح صغيرًا أمام عالمنا العربي لأنه عالمنا. قد يقسو علينا أو نقسو عليه، لكنه يبقى جزءًا منَّا ومن أحلامنا الكبرى. فبلاد العالم كلها لا توفر لك لحظة صفاء مثلما تجدها في رحاب بيت الله العتيق ورحاب المدينة العظيمة.

ولا يمكنك أن تحصل على مثل إحساسك اللذيذ. كما تحصل عليه وأنت في المحروسة مصر ولا حيوية مثل حيوية الجبل في لبنان، حيث بقايا أحلامك المتناثرة هنا وهنا.

لا يوجد سحر حلال مثل السحر الذي تمنحك إياه بلاد المغرب العربي. فالسفر الجميل هو سفرك إلى الداخل. إلى داخل بلادك وداخل نفسك!!

 

شعلانيات:

إن الذي لا يندهش لا يسأل، والذي لا يسأل لا يعلم، والذي لا يعلم لا يتقدم، والذي لا يتقدم يتأخر!

المجتمع الحر هو الذي لا يخاف فيه الفرد أن يختلف عن الآخرين.

مصيبتنا الكبرى: أننا نواجه مستقبلنا بماضينا!!