قرية تونسية منسية تتحول إلى «جزيرة أحلام»

في حدث غريب من نوعه، تحولت قرية تونسية من منطقة منسية إلى معلم سياحيّ مهم بلمسات فنية مبدعة في شوارعها وعلى جدران بيوتها، حيث أقدم الفنان التونسي الشهير «مهدي بن الشيخ»، وهو صاحب معرض الفنون في العاصمة الفرنسية باريس، بدعوة أكثر من مائة فنان من ثلاثين بلدًا مختلفًا للعمل بمشروع «جربة هوود» في هذه القرية المنسية، لمنحها نفسًا جديدًا ممزوجًا بالألوان والإبداع، وتحويلها إلى «جزيرة الأحلام»، بعد أن كانت تعرف بـ «جزيرة المساجد» لاحتوائها على أكثر من 300 مسجد.


وجاءت الرسومات الساحرة نتيجة جهد وتعاون الفنانين القادمين من دول مختلفة منها المكسيك، وفرنسا، واليابان، والبرازيل، وإيطاليا، والأرجنتين، واليونان، ومصر، وفلسطين، وتونس، والمغرب، وجنوب إفريقيا، ما جعل من القرية معلمًا سياحيًا بارزاً.


يُذكر أن الفنان مهدي بن الشيخ، يُدير حركة الفن في الشوارع منذ سنوات، حيث قام في عام 2013، بالتعاون مع مائة فنان آخر بالرسم على مبنى سكني مهجور مكون من 10 طوابق، ليتحول إلى أكبر معرض لـ «فن الشارع» الجماعي في أوروبا، وحملت هذه التجربة اسم «la Tour Paris 13» من خلال معرض «Itinerrance» في وسط العاصمة الفرنسية.


عن تجربته قال الفنان مهدي بن الشيخ: «قضيت عشرين سنة في أحضان وطني تونس، وقضيت مثلها من السنين وسط الثقافة الفرنسية، ولكن حب الوطن وتفاصيله بقي راسخًا في الذهن والقلب، فقررت نقل تجربتي من فرنسا إلى تونس».


وأكد أن هدفه الأول والأهم من مشروع «جربة هوود» أن تصبح هذه القرية أكبر متحف فني حر في العالم لجذب أنظار المهتمين بفنون الشارع وبتاريخ الثقافة والحضارة التونسية وخاصة «جزيرة جربة» العريقة.

 موضحًا أن جمعه لأكثر من مائة فنان محترف للمشاركة في المشروع لم يكن أمراً سهلاً، إذ وضع شروطًا لاستقطاب الفنانين الذين أسهموا في إنجاحه، وأراد منهم أن يلتزموا بأسلوب يحفظ وجه القرية التاريخي وأصالة عمرانها ويعكس في الوقت نفسه تقاليد ونمط حياة أهلها من دون أي تشويه، كما أن إقناع أهل القرية لم يكن أيضًا سهلاً.

وخلال أشهر استطاع الفنانون إنهاء هذا المشروع برسم أكثر من ثلاثمائة لوحة على جدران القرية، لتصبح معرضًا فنيًا مفتوحًا لعشاق الألوان وفنون التشكيل الحر.