كيف تحول محل بقالة إلى مكتبة؟

هذا التحول ليس صفقة تجارية رابحة
لانا مع والدها
عبدالله الحلبي
3 صور

من محل بقالة صغير، في إحدى المناطق البيروتية، إلى مكتبة عامة تضمّ أكثر من 20 ألف كتاب ومجلة وجريدة ورواية... وهذا ما أثار تساؤلات المثقفين عبر مواقع التواصل الاجتماعي: «كيف ومتى استطاع صاحبها فعل ذلك؟».

ورث عبدالله الحلبي (صاحب مكتبة الحلبي ومؤسسها)، متجر البقالة من والده عام 1990، وعندما عجز عن إدارته حوله لبيع الجرائد والمجلات وعرض الكتب التي جمعها عام 1964، والتي كان يعرضها على البسطات خارج المحل.
يقول عبدالله: «كنت كل عام أسافر إلى بلد وأتجّول داخل المكتبات العامة، ومن هنا بدأ طموحي يكبر، خاصة أنني أهوى جمع كل ما له قيمة ثقافية».

ولا ليرة!

لم يغير عبدالله الحلبي أبوعلي شيئًا من «ديكور المحل»، بل زاد عليه عددًا كبيرًا من المطبوعات والقصص والروايات. لم يرَ في هذا التحول صفقة تجارية رابحة، لكنه توجه إلى عدد من الجمعيات وعرض عليها استثمار «ثروته»، لكن لا أحد يريد أن يدفع ليرة، الكل «بدو ببلاش».. عندها، قرر تمضية ما تبقى من حياته إلى جانبها وقال: «حين أموت، احرقوها».

عام 2010، قررت العائلة تحويل هذا المحل إلى مكتبة عامة، فبدأت ورشة بفرز الكتب وتنظيفها وترتيبها... وقد استغرق هذا الأمر عدة أشهر. باللغات العربية، الفرنسية، والإنكليزية. آداب، علم نفس، فلسفة، سياسة عربية، وسياسة عالمية، اقتصاد، اجتماع، أشعار، نثر، دين، فن ومسرح ودراسات.
ثم تفرغت (الابنة)، لانا الحلبي، للاهتمام بالمكتبة وشؤونها. تستدرك قائلة: «افترشت الطاولة بعدد من الكتب، وقدّرت أثمانها عشوائيًا، لم يتجاوز سعر الكتاب 5000 ليرة لبنانية، فهدفي كان شدّ انتباه المتجولين؛ لأتمكن من بيع كتب والدي، الذي أمضى حياته في تجميعها».

قيمة ثقافية وتاريخية


مكتبة الحلبي ثروة ثقافية كبيرة، فهي تحتوي على كل مجلة صادرة في بيروت أو رواية أو جريدة منذ أعدادها الأولى، تحتفظ بعدد كبير من الصناديق التي تضمّ المزيد من الجرائد والمجلات منذ تاريخ صدورها عام 1950، ويطالب أصحابها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بمساحة واسعة لعرضها للجمهور، وتم إنشاء صفحة خاصة للمكتبة على الفيس بوك تحت اسم «halabibookshop»؛ لتشجيع الناس على المطالعة، تضيف لانا: «تمكنت من تخصيص مساحة نقاش على الصفحة عن أهم الروايات أو القصص، حيث ينشر كل شخص رأيه في كتاب قرأه، كما أنني لا أستثني أي فرصة للنزول إلى الشارع وعرض ممتلكات المكتبة لتعريف الناس بها».

لست نادمة


«لانا» ليست نادمة أبدًا على خسارة وظيفتها؛ لأن، العمل بين الكتب -كما تقول- جعل لحياتها طعمًا ومعنى، ومن خلاله تتحدث مع الناس، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عن الكتّاب والروائيين، وتستفيد من مناقشة أي كتاب، تعلّق: «هذه المكتبة هي أسلوب حياة ومعرفة وعلم».