فنانة تشكيلية عربية تقدم تحفًا فنية، تختزل فيها التراث العربي الإسلامي على قطع من حرير، إنها الرسامة الجزائرية سليمة عيادي، التي تبدع على مساحات ناعمة بشكل مدهش، بعد أن أسرها تراث الحضارة الإسلامية العريق؛ فكلما تغوص بخطوات إلى العمق، يزداد تدفق إبداعها الذي توجهه للمرأة على وجه الخصوص، ولكل من يتذوق الفن التشكيلي الراقي بوجه عام؛ فانجذبت لإبداعها شخصيات شهيرة، ولم تتردد في اقتناء ما تقوم بتشكيله من سحر وإبداع.
التقتها "سيدتي" في الجزائر، فباحت لنا بأسرار أعمالها، وخفايا لوحاتها، وكيف تفاعل معها الجمهور في المعارض التي أقامتها، وأخذنا منها كثير من المعلومات ننقلها لكم هنا:
لوحات نابضة
يمكن اختزال موهبة الرسامة الجزائرية سليمة عيادي، في لوحات حريرية تنبض بالرقي، وتتلألأ بعبق الحضارة العربية والإسلامية الخالدة، إنها المولعة بالألوان الحية التي تبعث الراحة والفرحة في القلوب، لا ترتاح عندما تبدأ رحلة إبداعها في مغازلة الألوان على بساط ناعم ورهف من الحرير، إلا عندما تجد اللون المناسب الذي يبعث الانسجام والتناسق في روح اللوحة، التي قد تكون لوحة تشكيلية أو أوشحة تغطي به المرأة رأسها أو كتفيها.
بداية المسار
موهبة سليمة عيادي في الرسم، دفعت بها إلى التخصص الأكاديمي؛ كما أخبرتنا، حيث التحقت بمدرسة الفنون الجميلة بالجزائر العاصمة، وتعد المدرسة الوحيدة التي تخرج فنانين تشكيليين، ولم تشرع عيادي في الرسم بالألوان المائية على الحرير، إلا بعد مرض ابنها بالحساسية؛ فاتجهت نحو انتقاء مساحات حريرية لتلبسها تحفًا مثيرة، ووقع اختيارها على الرسم مستلهمة الكثير من الفن الإسلامي والخط العربي، الذي أسرها ولم تتمكن طيلة 32عامًا من التخلي عنه أو استبداله.
طريق الحرير
تتدفق على الفنانة العديد من الطلبيات من شركات ومؤسسات رسمية رفيعة، من أجل تقديمها كهدايا للأجانب؛ لأنها تحمل الكثير من روح الحضارة الإسلامية ولا تخلو من التقاليد الجزائرية، وتتذكر أنها من قامت بتحضير هدية لزوجة الرئيس الفرنسي السابق «جاك شيراك»، ولدى إقامتها معرضًا بالمغرب، أقبلت أميرة على اقتناء إبداعاتها، وتتقاطع في فنها متعة الإبداع ومحاولة إحياء التراث العربي الإسلامي، واختارت لهذا الفن شعارًا حملته باستمرار، وتمثل في «طريق الحرير»؛ لأنها تدرك أن الحرير جاء لأول مرة من الصين إلى العرب، ثم انتشر بعد ذلك نحو أوروبا وأمريكا.
التعاون مع مصممي الأزياء
أسرت لنا سليمة بأن أعمالها؛ خاصةً الأوشحة، حظيت بالكثير من الاهتمام من قبل كل من يراها، ويتطلع لاقتنائها من أجل تقديمها كهدية قيمة، وبعد حضور وزير الثقافة الجزائري عزالدين ميهوبي إلى معرضها، طلب منها إصدار كتاب يتضمن إبداعاتها الفنية، وتعكف في الوقت الحالي على التحضير لهذا المشروع.
سحر الشرق
رغم أن الفنانة تجمع في إبداعاتها ما ينبع من الحضارة الإسلامية العريقة، وكذا التقاليد الجزائرية الأصيلة، لكنها جد مولعة بالطبيعة، تستقي منها زخم الألوان الحارقة، وتلامسها بمهارة، وتطوعها بشكل مدهش عندما تسكنها فضاءات حريرية؛ فيمكن القول إنها نجحت إلى حد بعيد في تشكيل المنمنمات الشاهدة على الحضارة الإسلامية العريقة، ولا تبخل عليها بخيوط ذهبية ترفع من قيمتها ومن سقف سحر جمالها، وتحتفي بالمرأة وتثمن جمالها، وكامرأة، تقطف من حدائق الطبيعة أجمل الورود وأبهى الأشكال؛ فتجسدها بحس أنثوي رفيع، وتحمل في الكثير من اللوحات فيضًا من التقاليد الجزائرية، لا تفرق فيها بين الشمال والجنوب، تنقل فيها من البيئة القسط الكبير، ومن الذاكرة التاريخية ملامحَ ساطعة؛ فعلى سبيل المثال، تعود إلى منطقة أو حظيرة التاسيلي؛ لتنقل إرهاصات أقدم إنسان جزائري عاش في هذه المنطقة البعيدة المترامية الأطراف في عمق الصحراء وبنى فيها حضارة، ولعل المتأمل في ألبوم لوحاتها، يفضي إلى كشف الكثير من الأسرار العذبة.
وبالموازاة مع ذلك، يمكن وصفها بالخطاطة الماهرة؛ لأن فنها يحافظ على الخط العربي الأصيل، بلمسة أنثوية جمالية رائعة.