انتحر وترك هذه الرّسالة

كان مغرمًا بالتصوير، ويحلم بالإخراج السينمائي
نضال الغريبي
2 صور

أقدم نضال الغريبي، وهو شاعر وكاتب ومدون على الانتحار شنقًا مساء الثلاثاء الماضي، في منزل أسرته بـ «بوحجلة»، التابعة لمحافظة القيروان بوسط البلاد التّونسيّة، وقد خلّف هذا الحادث المأساوي صدمة وذهولاً في الوسط الأدبي والإعلامي التونسي، ولدى أصدقاء وعائلة الكاتب.
ونضال الغريبي، 32 عاما، حاصل على شهادة جامعيّة، وعرف بكتابته الأدبية الشعرية على مواقع التواصل الاجتماعي، وكتب قبل انتحاره رسالة وداع موجّهة إلى أصدقائه وأفراد أسرته، يخبرهم فيها بقراره دون أن يكشف بوضوح عن الأسباب التي دفعته إلى وضع حدّ لحياته، ونشر بنفسه رسالته تلك على موقعه «كتب ممنوعة ونادرة»؛ قائلاً: «أنا الآن لا شيء، تفصلني خطوة عن اللاشيء، أو فلنقل قفزة، غريب أمر الموت ما أبخس ثمنه، دينار ونصف الدينار ثمن الحبل (.... )».
وأردف قائلاً: «تظنُّون بموتي أنّني أناني، لكنني في الحقيقة أبعد ما يمكن عن الأنانية، دققوا في التفاصيل، لو كنت كما تدّعون؛ لكنت التهمت ما استطعت من أدوية أمي المريضة ورحلت، لكنني أعلم على يقين أنّ عائلتي المسكينة ستنصرف إلى مراسم دفني وقبول التعازي، وسينسون بالتأكيد أن يشتروا لها دواء بدل الذي دفن في معدتي، لكنني لم أفعل، لو كنت بالأنانية التي تدّعون؛ لكنت رميت بنفسي أمام سيارة على عجل، أو من فوق بناية عالية، لكن حرصًا مني على ألا تتلف أعضائي، التي أوصي بالتبرع بما صلح منها، لم أفعل.. سادتي، أحبّتي، عائلتي المضيّقة والموسّعة، أوصيكم بأنفسكم خيرًا، وبأولادكم حبّا.. أحبّوهم لأنفسهم، لا تحبّوهم لتواصل أنفسكم فيهم، اختاروا لهم من الأسماء أعظمها وأرقاها، وكونوا شديدي الحرص في ذلك.. فالمرء سادتي رهين لاسمه، شأني، أمضيت عقودي الثلاثة بين نضال وضلالة وغربة.. علّموا أطفالكم أنّ الحبّ ليس بحرام، وأنّ الفنّ ليس بميوعة، لا تستثمروا من أجلهم؛ بل استثمروا فيهم، علموهم حب الموسيقى والكتب.. السّاعة الآن الرابعة بعد الظهر، من السابع والعشرين من مارس ثماني عشرة وألفان، أفارقكم عن سن يناهز أسبوعين وأربعة أشهر واثنتين وثلاثين سنة..
أحبكم جميعًا دون استثناء، وأخص بالذكر هيرا، تلك العشرينية إيناس، تلك البريئة التي شيطنتها الحياة وحبي..
آسف من الجميع».