بعد غرق "قارب موت".. مأساة فتاة تونسيّة لفظ البحر جثّتها

الراحلة أنس
أنس مع شقيقها الذي غرق معها ويظهر في الصورة شقيقتهما وبعض أفراد الأسرة
أنس مع شقيقها
3 صور

لفظ البحر جثّة فتاة تونسيّة، وابتلعت الأمواج شقيقها الأصغر منها بعد أن غرق مركب الصّيد الصّغير الذّي كان يركبه ثلاث فتيات وستّة شبّان قرّروا الهجرة غير الشرعيّة إلى إيطاليا.
الفتاة اسمها أنس الزوّالي في السّادسة والعشرين من العمر، وهي فتاة متعلّمة وخرّيجة جامعية تنتمي إلى عائلة متوسّطة الحال، فالأب بحّار والأمّ ربّة بيت. درست هي وإخوتها ونالت شهادتها الجامعيّة في اختصاص التربية البدنيّة، وبقيت سنوات تنتظر فرصة للعمل.
كانت تريد ان تدخل سوق الشغل لترضي طموحها وتساعد والدها على الإنفاق على العائلة، ولكن وعلى غرار الآلاف من الشبان التونسيين من أصحاب الشهادات العليا كانت تعاني من البطالة.
المأساة
عملت أنس أعمالاً هنا وهناك طيلة خمسة أعوام منذ تخرجّها، وكان كلّ أملها أن يقع انتدابها بشكل رسمي لتضمن مستقبلها، ويمكن لها مساعدة أسرتها ولكنّ الحظّ لم يبتسم لها.
امتلكها اليأس وخطّطت في صمت للهجرة السريّة نحو إيطاليا على الرغم من علمها بأنّ الآلاف من المهاجرين السرييّن ابتلعهم البحر وأكلتهم الحيتان ولم يصلوا أبداً إلى الضفة الشمالية لسواحل البحر الأبيض المتوسط.
وفنّد خال أنس وشقيقتها أنّ المرحومة هاجرت سرّاً بحثاً عن علاج لها في مستشفيات أوروبيّة من مرض السّرطان، وأكّدا أنّ هذه إشاعات وقالا إنّ أنس مرضت فعلاً مرضاً عادياً، وسبق أن أجرت عمليّة جراحيّة لانتزاع "كيس" من حلقها، وأنّ السبب الحقيقي لقرارها ركوب "قارب الموت" هو بحثها عن شغل بعد أن "نهشتها" البطالة طيلة سنوات.
التخطيط والتّنفيذ
مجموعة صغيرة مكوّنة من 3 شابات و6 شبان ينتمون إلى الحي نفسه في مدينة "المهديّة" السّاحليّة (221 كلم جنوبي تونس العاصمة) ركبوا قارباً بدائياً في اتّجاه إيطاليا وكان من بينهم "أنس" وشقيقها الذّي يصغرها سنّاً بخمسة أعوام، وقد خطّطا معا للهجرة السريّة ولم يكن بقيّة أفراد الأسرة على علم بنيّتهما تلك، وليلة الهجرة أخبرا الأهل للتمويه والإخفاء أنّهما ذاهبان إلى تونس العاصمة.
غرق المركب وماتت أنس وقال خالها إنّ الطب الشرعي أثبت بعد التّشريح أنّ الفتاة بقيت ثلاثة أيّام بلياليها تصارع الأمواج وتقاوم من أجل النّجاة، ولكن لم يتفطّن لها أحد إلى أن خارت قواها وماتت غرقاً.
لفظ البحر جثتها وأمكن انتشالها وبعد التّشريح الطبّي تم دفنها، أما شقيقها، وحتى إعداد هذا الخبر، فقدابتلعه البحر، وسخّر الجيش التّونسي مروحيّة للبحث عنه وعن بقيّة جثث المفقودين، علماً أنّه تمّ انتشال جثة ثانية لفتاة هي حنان السعيدي، وهي أيضاً خريجة جامعية وعاطلة عن العمل.