طقوس مغربية في عيد الأضحى

2 صور

يرتدي بعض الشباب في المغرب صوف الخرفان؛ ليصبح كل منهم أقرب ما يكون إلى الخروف، ويبدأون اللف في الحارات، يتبع كلاً منهم جمهورٌ من الناس؛ احتفالاً بقدوم العيد، فلعيد الأضحى لدى المغاربة نكهة خاصة وفرحة كبيرة، حيث يحافظ الناس على تقليد ارتداء ملابس خاصة، والقيام بطقوس احتفالية تتكرر كل عيد.

يوم العيد
عقب صلاة العيد، يعود كل رب أسرة إلى بيته؛ لتناول وجبة إفطار اعتيادية قبل التفرغ لذبح أضحية العيد، وهناك من يفضل أن يصوم إلى أن يفطر بكبد الخروف المشوي، وتتوقف الحركة في المدن ساعات الصباح، فعملية ذبح وسلخ الأضحية تجري على قدم وساق داخل البيوت، ومن لم يكن له في الأمر خبرة يستعين بجزار يتكفل بالعملية مقابل مبلغ مالي، يتراوح ما بين 15 و25 دولاراً أميركياً.

يوم لم شمل الأسر
أفراد الأسرة يعملون ضمن طاقم عمل مشترك؛ للقيام بكل العمليات من ذبح وسلخ للأضحية، ومن ثم إعداد أحشاء الأضحية، والتي ستتحول لاحقاً إلى أطباق تفوح منها روائح التوابل، ففي عيد الأضحى يردد المغاربة أنه يوم «الشقا» أي التعب، إلا أن التعب الأكبر يقع على كاهل ربات البيوت اللواتي، رغم ذلك، يتقبلنه بروح رياضية تؤرخ لتقاليد متوارثة منذ قرون خلت.
تتبادل العائلات تهاني العيد عبر الهاتف أو من خلال الزيارات المتبادلة، بعد أن ينخرط الكل في طقوس التعامل مع الأضحية، وإعداد أول وجبة يتناولها الجميع في مناخ عائلي من لحم الأضحية.
وتميل الأسرة المغربية غالباً إلى الحفاظ على الطقوس التقليدية للتعامل الجماعي مع عيد الأضحى، بدءاً من السفر للتجمع العائلي، ولو من خارج المملكة، خاصة من الدول الأوروبية، والحرص على شراء خروف العيد من أجود الخرفان، وتنويع وجبات العيد من المشاوي إلى أطباق اللحم، تارة بالخضار وأخرى بالفواكه المجففة، واللحم المبخر إلى رأس الأضحية، الذي له طقوسه في العيد. وتتبادل الأسر الزيارات في مساء العيد؛ بغرض التجمع في العشاء، وغالباً ما تختار الأسر المغربية إما الكسكس بلحم الخروف، أو رأس الأضحية مبخراً مع الخضر.

عمل يوم العيد
بعد الذبح مباشرة يبدأ شباب الحي في إعداد أماكن مخصصة لعملية تسمى بالعامية المغربية «تشويط» رؤوس وأرجل الأضحية، مقابل مبلغ مالي لا يتجاوز 40 درهماً «ما يعادل 5 دولارات»، وذلك لتصبح صالحة للاستعمال في إعداد أطباق خاصة بالمناسبة خلال أيام الاحتفاء بالعيد، وتقترب الساعة من منتصف النهار لتكون أضحية العيد تحولت إلى قطعة لحم واحدة، تنتظر أن تجف قبل الانتقال إلى عملية تقطيعها في اليوم الثاني من عيد الأضحى، ولتبدأ عملية إعداد حفل شواء جماعي لكبد الأضحية مع الشاي الأخضر المنعنع المغربي، وقطع الخبز الساخنة، وبعدها يعد طبق الكرش والأحشاء بتوابل مختلطة مع الثوم والكسبرة.

في اليوم الثاني من عيد الأضحى، تعمل الأسر المغربية على تقطيع أضحية العيد للقيام بهدي ثلثها؛ عملاً بالسنة النبوية الشريفة، ولتخزين جزء منها، وإعداد ما سيتحول إلى ولائم العيد في أيام الاحتفال، وأول ما يجد طريقه سواء صوب القمامة أو حرفيي الصناعة التقليدية، ما تسمى في المغرب «الهيضورة»؛ أي الجلد الخارجي وصوف الخروف، خاصة عقب تخلي غالبية الأسر عن طقس غسل وتشميس جلد الخروف؛ ليتحول إلى أثاث منزلي يستعمل في الجلوس، خاصة خلال الشتاء، ولتنطلق في اليوم الثاني المعايدات المتبادلة التي ترافق بقضبان من شواء لحم الخروف وكؤوس الشاي ونسج الأحاديث حول جودة كل خروف وسلبيات وإيجابيات الأضحية، وهل تفوقت الأسرة في امتحان العيد وشراء الذبيحة، وحتى الأطفال الصغار لا يطالبون في العيد بالعيدية كما في عيد الفطر، ففي الأضحى يرغبون المشاركة في طقوس العيد وتناول لذيذ وجباته، وطلب قرني الأضحية لاحقاً؛ لتحويلها لدى بعضهم إلى لعبة تشبه في مبدئها البولينغ، إلا أن هذه اللعبة تراجعت كثيراً في الوقت الراهن في المملكة المغربية.

كرنفال الجلود!
يجري الاحتفال بكرنفال «بوجلود» في شكله الهزلي في ليلة اليوم الثاني من عيد الأضحى، ويسمى المتنكرون بحسب مدن وقرى المغرب بـ«بجلود أو ولبطاين أو يلماون». ويمر «بوجلود» على البيوت حيث يتحلق حوله الأطفال والشباب، وهو يؤدّي حركات طريفة، وهي طقس خاص يمارس في الكثير من المدن والقرى المغربية وطيلة سبعة أيام العيد، وإذا كان «بوجلود» يعتبر ظاهرة مغربية فالمصادر والمراجع التاريخية والاجتماعية شحيحة جداً في هذا الباب، و«بوجلود» شخص يلبس فروة الخروف حتى يبدو على هيئته؛ بقرنين على رأسه، ويطوف على الناس وخلفه موكب من الشباب والأطفال، يتم اختياره من بين أقوياء البنية بالحي؛ قادر على ارتداء جلود الأكباش السبعة التي يرتديها: اثنان منها في اليدين، ومثلهما في الرجلين والصدر والظهر، والسابعة تلفهما، وهكذا، يأتي دور المنشط، الذي يكون ذا دراية بالعادات والتقاليد وبأسماء السكان؛ لأنه سوف يوظفها خلال الجولات الليلية التي سيقوم أو ستقوم بها الفرقة؛ لتبدأ جولة تلقي عطايا الناس لهم، أو من أجل جمع جلود أضحية العيد، ويقوم الجمهور من السكان باللحاق بهم، والسير في إثرهم لدرجة أنهم يندمجون في الدور أحياناً، وفي مناطق من المغرب يقوم «بجلود» بضرب الناس بقوائم أضحية العيد، وفي ذلك بركة حسب المعتقدات.