القاهرة تحتضن ندوة «السعودية ومصر.. رؤية مشتركة ومستقبل واعد»

ضمن فعاليات الندوة
طالب فداع
3 صور

قدم الدكتور طالب فدّاع الشريم، عضو جمعية «إعلاميون»، ورقة عمل بعنوان: (صناعة الوعي ومجابهة التطرف)، ضمن ندوة «السعودية ومصر.. رؤية مشتركة ومستقبل واعد»، التي أقيمت في القاهرة مؤخراً، وبمشاركة أعضاء من جمعية «إعلاميون».
وتطرقت ورقة العمل التي ألقاها الدكتور طالب الشريم، إلى آليات وأهمية صناعة الوعي ومجابهة التطرف، وتهيئة الظروف الاجتماعية التي تتسم بالوضوح والشفافية؛ لتحقيق شروط دمج الشباب في مشروعات رؤية 2030 التنموية والتحديثية وعلى المستويات كافة.
وأكد الدكتور الشريم، أن موضوع الوعي عاد ليتصدر الأولويات المهمة؛ فالوعي يشتمل على محددات رئيسية، تتمثل في: معرفة ماهية الوعي، ودرجاته، ومدخلاته الجمعية التي يستقبلها الأفراد، وأدواته الحاملة، والخلفيات الأيديولوجية للمصادر التي تغذي تلك المدخلات، وموقف المستقبل الفرد الذي يعيش في هذا الفضاء العمومي التشاركي والتفاعلي إزاء ذاته الفردية وذاته الخالصة، وإزاء الآخر، ونحو وطنه، وكذلك موقف مؤسسات الدولة الحكومية والخاصة، التربوية منها والإعلامية، وصُنّاع القرار.
وهذا كله يُمكّننا من الوصول إلى تلمُّس طبيعة هذه العلاقات المتداخلة، التي تكوّن بمجملها صورة الوعي ونوعيته، والسمات التي يمكن أن تشكل الظاهرة الكلية، وتحديد الطرق المادية والروحية التي تكفل مجابهة فعالة لكل مظاهر التطرف، وخطابات الكراهية التي تعبر الحدود الوطنية، يمينية كانت أو يسارية، وعلى مستوى جميع شرائح المجتمع وفئاته، بحسب كفاءة الحالة التواصلية رأسياً وأفقيًا، وتأكيد الهوية الوطنية التي يتطابق شعورها مع واقعها في المرحلة الراهنة نفسها، وإدراج أمثلة واقعية معاصرة لتزييف الوعي، وقلب الحقائق.
وتطرَّق الدكتور الشريم إلى أن موضوع الوعي في الوطن العربي، موضوع راهن في ظل ظهور حالة من التجاذبات، والاصطفافات التي تعيشها المنطقة والعالم أجمع؛ مما خلق حلبة صراع استقطابية تكرّس للفرقة والتطرف وتعمل على تشظي عناصر المجتمع، من خلال النفاذ إلى ذهن ووعي الأفراد؛ كونهم من ركائزه الأساسية التي تشكل قوامه ونهضته؛ حتى أصبح الولاء للوطن يواجه عقبات متسارعة، وتحديات صعبة مع الولاءات المتعدية لحدوده، وهذا ما يضفي الأهمية القصوى لسرعة التحرك والوقوف على مستوى الوعي بين شعوبنا، ومحاولة تقصي منطلقاته، ومآلاته المتعدية نحو الهوية والتواصلية، وكيف يمكن صد مسار المؤثر الطارئ، في الوقت الذي أصبحت فيه وسائل الاتصال أسرع وفي متناول الجميع بما تحمله من توجهات وأيديولوجيات؟
وأشار الدكتور الشريم إلى مسألة التثاقفية وسيلان الأفكار الوافدة من خارج الحدود كما كانت قبل عقود قريبة؛ إذ أصبحت سلامة الوعي على المحك، ما لم تقم المؤسسات الوطنية بواجباتها التوعوية والتثقيفية بما يكفل تحصين الذهنية الجمعية، وتعزيز الولاء والانتماء الوطني.
وأشار الدكتور الشريم إلى أن أهمية محور الوعي تكمن في صعوبة إدراكه؛ كونه تجربة شخصية ذاتية، وقد أثيرت مسألة الوعي فلسفياً وعلمياً، وثمة من يرى أن الوعي يتدنى في الظلام الدامس؛ مدللاً على أنه انعكاس تفاعلي محسوس، وذهب إيكهارت تول إلى أبعد من ذلك؛ مشخصاً قدرة الإنسان الواعي على مراقبة أفكاره، ويستطيع أيضاً أن ينتبه للخلفية المستقرة من اللاوعي الاعتيادي التي تؤدي به إلى لحظة الوعي الراهنة الآن، بمعنى أن الوعي يتحقق بالمعرفة، والتطرف بالجهل؛ لأن أولويات المعرفة تكون بمعرفة المرء نفسه، وأن يدرك درجة وعيه من خلال التفكير بالتفكير.
وتأمُّل مصدر كل حِسّ وكل تجربة شعورية، والانزياح إلى وعي فوقي يتعالى على العقل، ويضع محدداته اللحظية؛ أي أنه وعي معقد آخر يراقب محتوى التفكير، ويبرز الشك الديكارتي مسألة الوجود بالوعي في جملته المشهورة: «أنا أفكر إذن أنا موجود»، ويضيف أنه يمكنك الشك في كل شيء، ولكن لا يمكنك الشك في شكك.