هواجس مطلقة

أميمة عبد العزيز زاهد


قالت: هل أتزوج حتى أثبت لزوجي السابق أني قد اخترت من هو أفضل منه كما يريد المقربون مني أن أفعل؟
أم أتزوج فقط من أجل إرضاء مجتمع ينظر إلى المطلقة نظرة ظالمة؟
وهل أكون قد أجرمت في حق نفسي حين أرفض الزواج بأسلوب تقليدي؟

ما يحزنني أن من حولي لا يتورعون عن جرحي واستفزازي حين أرفض الزواج بطريقتهم، ويزعمون أني ما زلت أحب زوجي السابق، رغم معرفتهم باستحالة العودة له، خاصة بعد أن مسحت من ذاكرتي ظلماً كنت أستشعره معه، فهو لم يكن يعرف سوى استخدام لغة اليدين.. زوج يعرف تماماً ما هي حقوقه، ويتجاهل بإصرار واجباته، فالسعادة التي كنت أتمنى تحقيقها لم تصادفني في زواجي الأول، لكي تتولد لدي الرغبة بأن ألهث وراء زواج جديد.
بعد تجربتي المريرة أرفض أن أتزوج، لمجرد إثبات جدارتي بالفوز بزوج بغير اقتناع كامل مني بشخص يشاركني رحلة حياتي.. ولن يكون ثمن سعادتي هو التخلي أو البعد عن ابنتي التي تحتاجني لأربي أطفال غيري.


فهل سأكون زوجة جديدة لرجل متصاب باع عشرات السنين مع زوجة ساندته حتى النهاية، لينعم بحياة جميلة مع سيدة صغيرة.. أو أكون زوجة لرجل طلق زوجته بعد سنوات الغربة والعناء، وترك لها أبناءه لتتحمل مسؤوليتهم ليبدأ حياة أخرى.
وكيف آمن لرجل تنصل من مسؤولية أسرته، وأثق بأنه سيتحمل معي مسؤولية ابنتي وهي ليست من صلبه؟ وكيف لرجل انفصل عن زوجته رغبة بالإنجاب، ولم يكن ارتباطه بي إلا بسبب قدرتي الإنجابية فقط؟
ورغم عشقي للأطفال لن أرضى أن أكون مجرد وعاء للإنجاب.. وكيف أضمن بأنه لن يتركني حين أحقق له أمنيته؟ أو أنه لن يضعني في خيار بين الاستمرار معه لتربية طفله وبين التنازل عن ابنتي؟.


كل من حولي تناسوا أني إنسانة لها قلب ومشاعر، وأن التفكير في سعادتي يقلقني أكثر منهم، فحين أخلو إلى نفسي في أحيان كثيرة أحلم بذلك الفارس الذي يأتيني، ولكنه ليس نفس ذلك الفارس الذي كنت أحلم به منذ سنوات، فارس يزيح عني هموم القلق، ويمنحني حناناً أفتقده، فأنا لا أرفض الفكرة ولكني لا أتعجلها، وأؤمن بأن النصيب حين يأتي سوف ييسره الله سبحانه وتعالى، ولن تحبطني تعاسة التجربة الأولى عن التطلع للزواج مرة أخرى، والأمل في السعادة والتوفيق فيه، لأن من تجرعوا التعاسة في حياتهم الشخصية هم أحق البشر بالتطلع إلى نيل نصيبهم العادل وتعويضهم عن شقائهم ونسيان تجاربهم الأليمة، والفوز بسعادة مشروعة، وأنا رغم صغر سني إلا أن سجلي مليء بالأحزان والحرمان، ورغبتي قوية في الزواج، وأملي كبير في تحقيق النجاح، لكن لن أدع ظروفي أو المحيطين بي يختارون لي طريقي، ولن أقدم أي تنازلات في سبيل الفوز بزوج لمجرد تصحيح لقب مطلقة.

سأجعل لحياتي قيمة ومعنى من خلال تربية ابنتي ومواصلة تعليمي، لأحقق النجاح تلو النجاح بإذن الله