يمر العام بشكله الطبيعي بالعديد من الفصول الموسمية المختلفة، والتي يرتفع بها دومًا الإقبال على بعض المواد والمنتجات أو حتى الطقوس والعادات، ويقل الإقبال على البعض الآخر منها، والحقيقة أنّ معظم المنتجات التي يتم طرحها في أسواقنا تمر بهذه المواسم وتتقلب نسب المبيعات فيها فتتأرجح بين القمة والقاع، وليس المقصود بالقاع أو القمة أن تكون المبيعات مرتفعة جدًا، أو منخفضة جدًا وإنما المقصود هو أنها تتأرجح بشكل نسبي بين أعلى معدلاتها، وأقلها في ذلك الوقت، ولذلك فإنّ العديد من التجار يرون أنّ استغلال المبيعات في أشهر المواسم هو الحل الوحيد لتجاوز بقية أشهر العام، كما أنها في أوقات كثيرة تكون فرصًا أيضًا لإيجاد دخل للكثيرين الذين لا يملكون هذا الدخل في الأيام العادية من العام.
يقول نادر الخالدي الخبير المالي: "إنّ المناسبات التي تتعاقب على الأسواق كثيرة ومتعددة، فمن المناسبات الدينية مثل رمضان والأعياد إلى المناسبات الوطنية مثل العيد الوطني، إلى تلك الرسمية مثل الإجازات الصيفية، إلى غيرها من أنواع المناسبات التي تتعاقب على مجتمعاتنا بشكل دوري سواء سنوي أو حتى شهري، ولكل من تلك المناسبات دورها في دفع قطاع معين من الأسواق خلالها ليصل إلى أعلى مبيعاته خلال العام، فيما قد يركد أو تقل المبيعات في القطاع نفسه في مناسبات أو مواسم أخرى، وبالتالي فإنّ العمل على استغلال هذه المناسبات له دور كبير في تغطية الكثير من الشهور الأخرى التي قد يعاني منها القطاع لقلة المبيعات فيه، وبطبيعة الحال فإنّ المقصود بالاستغلال هو الاستعداد والتجهيز حرصًا على عدم إضاعة الوقت، وليس الاستغلال المالي، أو استغلال الزبائن والعملاء لا سمح الله".
أما مشعل الغامدي صاحب محل في إحدى الأسواق التجارية يقول: "إنّ ما يحدث في المواسم ما هو بالفعل إلا طوق النجاة الذي قد نظل ننتظره من العام إلى العام الذي يليه لكي نتعلق فيه، ما يحدث بالفعل أنّ الكثير من المحلات قد تعجز وبدون أي مبالغة عن الاستمرار دون وجود هذه المواسم، فنحن نحصد في المواسم القوية مثل الأعياد ما يقارب من 50% من مبيعات العام بأكمله، وبالتالي فإنّ عدم وجود هذه المواسم سيؤثر على المبيعات بنسبة قد تصل إلى 50% مما يعني عدم إمكانية الاستمرار في كثير من الأحيان".
ضرورة التجهيز
هذا ما قاله يوسف بن فهد تاجر وصاحب محل للمواد الغذائية في سوق من أسواق المواد الغذائية القديمة، والذي أكد أهمية أن يقوم التاجر باستغلال هذه الفترة بكل الطرق المتاحة عن طريق الاستعداد لها سواء بالمواد والبضائع وتخزين ما يكفي منها لتجاوز الموسم دون أن يؤثر نقص أي نوع من هذه المنتجات على مبيعات أشهر المواسم، أو الاستعداد بالأيدي العاملة لتقديم خدمة جيدة أو على الأقل بنفس المستوى الذي تقدم فيه بالأشهر العادية وغيره من التجهيزات والاستعدادات التي تمكنا من تجاوز المواسم بنجاح، وتغطيتها بالشكل الصحيح مما سيساهم بالتأكيد برفع وتحصين المبيعات السنوية للقطاع بشكل عام.
أسواق المال وأسواق الأسهم أيضًا عرضة لرياح المواسم:
يقول خالد العتيبي الخبير والمحلل الفني: «إنّ أسواق الأسهم عرضة للتغيير تأثرًا بالمواسم شأنها شأن أي سوق أخرى، بل في بعض الأحيان ربما تكون أكثر تأثرًا وأكثر حساسية؛ نظرًا لأنها قد تكون غير مستقرة، أو غير حقيقية، وكما هو الحال في أي سوق أخرى فإنّ هناك مواسم لأسواق الأسهم والمال تكثر فيها الحركة وتنتعش فيها هذه الأسواق، ولابد من التجهيز لها واستغلالها والعمل على الاستفادة منها بالشكل الصحيح، فعلى سبيل المثال فكما هو الموسم بالنسبة للمواد الغذائية في شهر رمضان، وكما هو موسم الملابس في الأعياد فإنّ موسم الدخول والخروج من الأسواق يكون في نهاية الأرباع وقرب إصدار النتائج، حيثُ يتوقع في هذا الوقت من العام أن تكثر الأخبار المؤثرة على حركة الأسهم، وبالتالي فهناك إما صعود أو هبوط لذا فإنّ الحركة تزداد في هذا الوقت مثلاً بين الخروج والدخول، أما بالنسبة للاستعداد في سوق الأسهم فإنّ الاستعدادات المطلوبة هي نفسها الاستعدادات التي لابد من إتمامها في الوضع العادي، وليس فقط في أوقات الموسم أو الذروة، فلابد على سبيل المثال ألا ندخل بكل رأس المال، وألا نراهن بل أن تكون حركتنا دومًا مدروسة، والمهم لكي نكون مستعدين ونستغل الفرص أن يكون لدينا مبلغ من المال يمكننا الدخول به في أي لحظة بالسوق في حال وجدت فرصة سريعة، حيثُ إنّ الوقت الذي تكون فيه الشركات على وشك إصدار بياناتها المالية ونتائجها تكون فترة مفعمة بالأخبار، وبالتالي بالفرص التي يمكن استغلالها والاستفادة منها».