من القصور المبهرة إلى منصّات المناسبات الرسمية، تحتفي نساء الأسر الملكية بجمال حجر التوباز؛ ذلك الحجر الذي يتوهّج بألوان تمتد من الأزرق البلّوري إلى الذهبي الدافئ، وصولاً إلى الوردي النادر. فالتوباز، منذ قرون، كان أحد الأحجار التي تتزين بها الملكات والأميرات؛ لتميّز حضوره بالصفاء والبهاء، وقدرته على عكس الضوء بطريقة تمنح الإطلالة لمسة من السحر الملكي الآسر.
وفي الإطلالات المعاصرة، يستعيد هذا الحجر المتفرد مكانته في الخزائن الملكية، حيث ترتديه الأميرات والملكات في عقود لافتة، وتيجان مرصّعة، وأقراط تحتفي بصفاء اللون وتألّق القطع. كل قطعة تختارها الملكات والأميرات اليوم تعكس ذوقاً راقياً؛ يجمع بين الإرث التاريخي وجمال الصياغة الحديثة، ليصبح التوباز -حجر شهر نوفمبر- رمزاً للرقيّ الهادئ الذي لا يحتاج إلى مبالغة ليخطف الأنظار.
الملكة كاميلا وعقد اللؤلؤ والتوباز الوردي
الملكة كاميلا زوجة الملك تشارلز الثالث، ملك بريطانيا، تمتلك مجموعة كبيرة من عقود التشوكر والمجوهرات العصرية، ضمن سلسلة من المقتنيات الملكية التاريخية. وخلال السنوات الأخيرة، ظهرت الملكة مراراً مرتدية عقداً مميزاً من اللؤلؤ مع مشبك قديم من حجر التوباز الوردي.
في عام 2000، بيع بروش مذهل من التوباز الوردي والألماس، إلى جانب زوج من الأقراط المرصّعة بالتوباز الوردي والألماس، تعود إلى ثلاثينيات القرن التاسع عشر، في مزاد سوثبيز، وفي عام 2006، ظهرت الملكة كاميلا لأول مرة وهي ترتدي أقراط التوباز الوردي والألماس، خلال مأدبة عشاء في إسلام آباد، أثناء زيارة إلى باكستان. وفي العام التالي، تم تثبيت بروش التوباز الوردي كمشبك لعقد طويل من اللؤلؤ، ارتدته مرة واحدة في عام 2007.
وبحلول عام 2008، أعادت الملكة كاميلا تصميم مشبك التوباز الوردي؛ ليُدمج في عقد تشوكر مكوّن من خمسة صفوف من اللؤلؤ، ارتدته لأول مرة في حفل زفاف بيتر فيليبس، ابن الأميرة آن، كما ارتدته بشكل متكرر في مناسبات؛ مثل Trooping the Colour، وسباق رويال أسكوت.
اقرئي أيضاً: تيجان ملكية مرصعة بحجر الياقوت الأزرق... عراقة وفخامة لا يحدها زمن
الملكة سيلفيا وطقم التوباز الوردي
ارتدت الملكة سيلفيا، زوجة الملك كارل السادس عشر غوستاف ملك السويد، الكثير من روائع مجموعة المجوهرات الملكية السويدية، بصفتها أطول ملكة قرينة خدمةً في تاريخ السويد، ومن بين هذه الروائع طقم التوباز الوردي السويدي المذهل.
يتكوّن هذا الطقم من عقد مرصع بـ9 عناصر من التوباز والألماس، تتدلّى منه ثلاث قلائد، إضافة إلى بروش صغير دائري، وبروش أكبر مزوّد بثلاث قلائد قابلة للفصل لارتدائها كأقراط، وجميع هذه القطع مرصّعة بأحجار توباز وردية روسية عالية الجودة، تتميّز بنقائها وندرتها.
أصل هذا الطقم يعود إلى عام 1804، عندما قدّمه القيصر بافل الأول، إمبراطور روسيا، هدية زفاف لابنته الدوقة الكبرى ماريا بافلوفنا، عند زواجها من الدوق الأكبر كارل فريدريخ أمير ساكس-فايمار-آيزناخ. وقد ورثت الطقم ابنتهما الأميرة أوغوستا، التي أصبحت لاحقاً إمبراطورة ألمانيا، ثم انتقل إلى ابنتها؛ التي أصبحت الدوقة الكبرى لويز من بادن، قبل أن يصل إلى السويد في عام 1923 بعد أن ورثته ابنتها، الملكة فيكتوريا ملكة السويد، والتي أوصت بأن يُنقل إلى مؤسسة العائلة في عام 1930.
وهكذا استمر هذا الطقم التاريخي في رحلة عبر الأسر الأوروبية الحاكمة، حتى أصبح اليوم إحدى القطع الأكثر قيمة ورمزية في الخزائن الملكية السويدية، ترتديها الملكة سيلفيا في المناسبات الكبرى؛ كتحفة تروي حكاية قرنين من التاريخ الإمبراطوري.
الملكة سونيا وتاج مرصع بالتوباز البرتقالي
تمتلك الملكة سونيا، زوجة الملك هارالد الخامس ملك النرويج، تاجاً من الذهب الأصفر بتصميم عصري يعود لعام 1997، ويتميّز بإمكانية تغيير الحجر المركزي فيه، بما في ذلك النسخة الأولى، التي كانت تتوسطها قطعة من التوباز البرتقالي. وقد كان هذا التاج هدية تلقتها الملكة بمناسبة عيد ميلادها الستين من زوجها الملك هارالد، ويمكن ارتداؤه بأحجار مختلفة؛ مثل التوباز، أو التورمالين الأخضر، أو حتى حجر ألماس صغير.
يُعتبر هذا التاج واحداً من أكثر قطع المجوهرات العصرية تميّزاً في المجموعة الملكية النرويجية، وأكثرها قدرة على التكيّف؛ بفضل هذه الخاصية المبتكرة.
ويتكوّن التصميم من شرائح من الذهب المنحني، تتناغم فيها نقاط صغيرة من الألماس، وتؤدي جميعها إلى العنصر المركزي القابل للتبديل، سواء كان قطعة من الذهب والألماس فقط، أو زوجاً من أحجار التوباز البرتقالي، أو تورمالين أخضر ضخماً. كما يرافقه عقد تشوكر ذهبي مع عنصر مركزي قابل للتغيير، بالإضافة إلى عقود أكثر فخامة مرصّعة بالتوباز أو التورمالين.
وقد ظهرت الملكة سونيا لأول مرة بالتاج بنسخته المرصّعة بالتوباز؛ خلال الزيارة الرسمية للنرويج إلى رومانيا عام 1999، حيث ارتدته مع عقد ذهبي مرصّع بالتوباز وزوج من الأقراط، في إطلالة تركت بصمة قوية في تاريخ مجوهراتها الملكية.
يمكنك أيضاً قراءة: تيجان ملكية فاخرة في حفل الدوق الكبير في لوكسمبورغ.. اكتشفي تاريخها
دوقة غلوشستر وعقد التوباز الوردي
ترتدي دوقة غلوشستر بريجيت، مجموعة مميزة من مجوهرات مرصعة بالتوباز الوردي والألماس، التي ورثتها عن حماتها الأميرة أليس. وتُعدّ قطعة المجموعة الأساسية عقداً من التوباز الوردي والألماس؛ كان ملكاً للملكة ماري، إضافة إلى تاج Greek Honeysuckle، الذي يمكن ارتداؤه مع مركز قابل للفصل مرصّع بالتوباز الوردي. وغالباً ما تعتمد الدوقة هذه القطع في المناسبات الرسمية والمآدب الكبرى للدولة.
كانت الملكة ماري تمتلك مجموعة لافتة من مجوهرات التوباز الوردي، من بينها بروش مستطيل من التوباز مرصع بحجرين من الألماس عند الطرفين. وقد ارتدت الملكة ماري هذه القطعة على قبعاتها وأيضاً كبروش، وظهرت بها مرة مع حلية متدلية من التوباز الوردي المقطوع بأسلوب briolette.
وبعد وفاة الملكة ماري عام 1953، انتقلت مجوهرات التوباز الوردي إلى كنّة الملكة، الأميرة أليس دوقة غلوشستر، التي أعادت توظيف بروش التوباز الوردي؛ لصياغة عقد مذهل، دمج البروش فيه داخل خيوط متتالية من الألماس بقطع collet، ما جعله قطعة ذات حضور ملكي قوي.
وقد شكّل العقد الجديد المرصّع بالتوباز الوردي تناغماً أخّاذاً مع حجر التوباز الوردي المثبّت في تاج Gloucester Honeysuckle، ولا تزال دوقة غلوشستر ترتدي عقد التوباز الوردي والألماس مع تاج Gloucester Honeysuckle في عدة مآدب رسمية في Guildhall، مما يرسّخ مكانة هذه القطع كأحد أكثر أطقم التوباز الوردي تميّزاً في المجوهرات الملكية البريطانية.





