الكوفية: رمز.. وموضة



الكوفية الفلسطينية، كانت ومازالت رمزاً وطنياً، لكن ألوانها وتصاميمها تعددت لتصبح آخر صيحات الموضة في عصرنا الحالي، وسرعان ما تحولت إلى إكسسوار مكمّل لإطلالة وأناقة الشبان والشابات في كثير من بلدان العالم ومنهم اللبنانيين على اختلاف أعمارهم، وباتوا يتنافسون على وضعها في معظم مناسباتهم الاجتماعية وجلساتهم الشبابية. "سيدتي" خلال جولة قامت بها في الأسواق اللبنانية، لاحظت انتشار "موضة" الكوفية بشكل واسع..

تتصدر الكوفية معظم واجهات المحلات التجارية، بألوانها المتنوعة "الأصفر والزهري والبنفسجي.." وأسعارها المختلفة. وكان هناك تباين واضح في آراء الأشخاص، حيث اعتبر البعض أن هذه الظاهرة ساهمت بشكل إيجابي في خدمة القضية وانتشارها، بينما رأى آخرون أنها إهانة لتاريخ النضال الفلسطيني.

 

إساءة للقضية الفلسطينية

آمنة عوض، سيدة فلسطينية في الثلاثين من العمر، تعمل مدرسة في إحدى المدارس الخاصة في العاصمة، تنتقد بشدة موضة الكوفية الملونة، معتبرة أنها "إهانة لتاريخ النضال الفلسطيني، وإساءة إلى هذا الشعب العربي المقاوم".

محمد هيكل، وهو مالك لأحد المقاهي في بيروت، يحمل على جيل الشباب الذي "لا يحترم القيم والمبادئ الوطنية". ويدعو الأهالي إلى توعية أبنائهم وإرشادهم إلى الصواب، مؤكداً أن هذه الموضة تهدف إلى تجريد الكوفية من قيمتها المعنوية.

ويقول أحمد عياد، طالب في جامعة بيروت العربية، يبلغ من العمر 19 عاماً: إن عدد الشابات اللواتي يضعن الكوفية الملونة داخل حرم الجامعة يفوق عدد الشبان، وإن البنفسجي والزهري هما الأكثر انتشاراً. أما الكوفية التقليدية بلونيها الأسود والأبيض، فإن من يضعها هدفه الأساسي تأييد القضية الفلسطينية.

بدورها، تشعر سوسن المغربي "سيدة فلسطينية تبلغ من العمر 33 سنة" بغضب شديد حيال هذه الظاهرة، التي حولت الكوفية من رمز للقضية والعروبة إلى موضة شبابية، ما تعتبره استهزاء بمعناها الوطني.

 

كولن فاريل

دعم للقضية

من ناحية أخرى، كان هناك العديد من الآراء المؤيدة لهذه الظاهرة، باعتبارها "ساهمت في انتشار القضية الفلسطينية والتعاطف معها" بحسب ما أكده لنا الباحث والخبير في الشؤون الفلسطينية، الدكتور حسين أبو النمل، الذي اعتبر أن الكوفية ليست رمزاً للقضية الفلسطينية فحسب، بل هي رمز لكل من يدعم هذه القضية، وأن انتشارها بين الشباب، سواء كان دعماً للقضية أو حباً بالزي، قد ساعد على إظهار الكوفية بشكل لافت

وبالنسبة لرزان زيدان، طالبة جامعية، 20 سنة، فهي تؤكد أن معظم صديقاتها في الجامعة يضعن الكوفية الملونة بهدف الزينة فقط، لأنهن يجهلن فعلياً قيمتها الوطنية.

وترى السيدة جاكلين رزق، وهي مالكة لأحد محلات الإكسسوارات في ضواحي العاصمة، أن موضة الكوفية انتشرت خلال فترة الأعياد "رأس السنة والميلاد" ولكنها كانت رائجة في الدول الأوروبية والأميركية من قبل، ولا علاقة لها بالقضية الفلسطينية، وربما الأحداث التي حصلت مؤخراً في غزة هي التي دعت إلى ربطها بها، بحسب ما قالته جاكلين، التي أكدت لنا أن معظم زبائنها هم من جيل الشباب اليافع، وهدفهم اتباع الموضة لا أكثر.

 

تاريخ عريق

ارتبط اسم الكوفية بثورة 1936م، حين كان يضعها الثوار الفلسطينيون لإخفاء معالم وجوههم أثناء مقاومتهم للاستعمار البريطاني، فبعدما كانت مجرد وشاح يضعه الفلاحون الفلسطينيون ليقيهم حر الشمس ويجفف عرقهم، أصبحت درعاً يحتمون بها في وجه الأعداء. ثم ما لبثت أن تحولت إلى رمز للمناضلين العرب يضعها كل الناس.

 

كاميرون دياز

حملات مناهضة

تعبيراً عن استيائهم من تحويل الكوفية الفلسطينية من رمز وطني إلى موضة شبابية، قام العديد من طلاب الجامعات بتحركات سلمية منددة بهذه الظاهرة، التي جعلت من رمز العروبة سلعة تباع وتشترى في المتاجر. كذلك ظهرت مجموعات على موقع "الفايس بوك" تندد بهذه الموضة، وتدعو إلى عدم التماشي معها، ولاقت العديد من المؤيدين.

 

اختلاف الأسعار

من 3 دولارات إلى 20 دولاراً.. هكذا تراوحت أسعار الكوفيات داخل المحلات التجارية، وفقاً لحركة العرض والطلب أولاً، وبحسب موقع المحل التجاري ثانياً. ففي المناطق الشعبية لا يتعدى ثمن الكوفية 7 دولارات، أما في المناطق الراقية فنجد أن ثمنها مختلف ويتعدى 10 دولارات.

 

محمد حماقي

فنانون يضعون الكوفية

دهمت موضة الكوفيات الوسط الفني، ولم تقتصر على الجيل الصاعد من الشباب. فبتنا نرى العديد من الفنانين العرب عموماً، واللبنانيين خصوصاً، يضعونها في مختلف مناسباتهم الفنية والاجتماعية، وسواء كان ذلك تأييداً للقضية أم تماشياً مع الموضة، فقد أصبحت الكوفية جزءاً من إطلالاتهم. وانتقلت الكوفية من أوساط الفنانين العرب لتحط رحالها في مختلف الدول الغربية، وعلى أكتاف الفنانين والشخصيات المعروفة.

المزيد من التفاصيل والصور تجدونها في العدد 1466 من مجلة سيدتي المتوفر في الأسواق