mena-gmtdmp

البان العربي.. شجرة تغنّى بها الشعراء منذ القِدم وما زالت تزهر في أحضان العُلا

شجرة المورينجا
تُجسّد شجرة "البان العربي" أحد الرموز النباتية العريقة في محافظة العُلا، إذ اقترنت منذ القِدم بجمال الطبيعة ورقّتها - الصورة من "واس"

تُعدّ شجرة "البان العربي" أحد الرموز الطبيعية المميزة في محافظة العُلا، وتتلقى هذه النبتة الفريدة من نوعها دعماً واسعاً من خلال مبادرات مبتكرة تهدف إلى تحسين الإنتاج الزراعي وتعزيز التنوع البيولوجي المحلي.

كما تعتبر هذه الشجرة مصدراً بالغ الأهمية للعديد من المزارعين في العُلا، حيث يمكن استثمار ثمارها في صناعة منتجات محلية عالية القيمة مثل منتجات العناية والعطور وغيرها، مما يساهم في تحسين دخلهم وتعزيز الاقتصاد المحلي.

شجرة البان العربي رمز نباتي عريق في العُلا

وفي هذا الصدد، تُجسّد شجرة "البان العربي"، المعروفة محليًا باسم "اليسر" أو "المورينجا"، أحد الرموز النباتية العريقة في محافظة العُلا، إذ اقترنت منذ القِدم بجمال الطبيعة ورقّتها، وحظيت بحضور بارز في الوجدان الشعبي والموروث الأدبي؛ لتبقى حتى اليوم شجرة نابضة بالعطاء، تجمع بين الجاذبية البيئية والرمزية الثقافية.

ووفقًا لما جاء في وكالة الأنباء السعودية "واس"، فقد أظهرت الإحصائية الزراعية الأخيرة الصادرة عن القطاع الزراعي بالهيئة الملكية لمحافظة العُلا، أن محافظة العُلا تُعد من أبرز المناطق التي تحتضن زراعة شجرة "البان العربي" على نطاق واسع في المملكة العربية السعودية، إذ تنتشر زراعتها على مساحة تُقدّر بـ 67.20 هكتارًا، ويبلغ إنتاجها السنوي نحو 134.40 طنًا، فيما تجاوز عدد الأشجار المزروعة 53,761 شجرة، ويقع موسم الإنتاج ما بين منتصف شهر يوليو وحتى منتصف أغسطس من كل عام.

محافظة العُلا تُعد من أبرز المناطق التي تحتضن زراعة شجرة "البان العربي" على نطاق واسع في المملكة - الصورة من "واس"

مميزات شجرة البان العربي

تُعتبر شجرة "البان العربي" من أسرع الأشجار في النمو حيث يصل ارتفاعها إلى أكثر من مترين في أقل من شهرين وأكثر من ثلاثة أمتار في أقل من عشرة أشهر من زراعة البذور، وقد يصل ارتفاعها إلى ما بين 9 و12 مترًا خلال ثلاث سنوات.

وتتميز هذه الشجرة بالكثير من المميزات التي تجعلها فريدة من نوعها، وهي تشبه من بعيد الأثل، ومِن قريب منظرها أكثر جمالاً، وأهدابها أكثر نُعومة، وساقُها أكثر بياضاً، ومُتمنعة يصعب الوصول إليها.

ومن أبرز مميزات شجرة "البان العربي" هي قدرتها العالية على مقاومة الجفاف والتكيّف مع المناخات الصحراوية، فضلًا عن رمزيتها الجمالية التي رسخّت مكانتها في الأدب العربي.

تغنى بها الشعراء منذ القِدم

وقد ورد ذكر شجرة "البان العربي" في عدد من القصائد، حيث شبّهها الشاعر الأموي جميل بن معمر (جميل بثينة) بمحبوبته، وعبّر عن جمالها وتشبيه قوامها بغصن البان بقوله: "صيود كغصن البان ما فوق حقوها.. وما تحته منها نَقا يتقصف"، ثم وصف صفاء عينيها وجمال عنقها بقوله: "لها مقلتا ريم وجيد جذاب"، وأضاف في وصف رشاقتها: "وبطنٍ كطي السابرية أهيف".

وكانت الشجرة حاضرة أيضًا في قصائد الشريف الرضي، الذي وصف محبوبته قائلًا: "يا ظبية البان ترعى في خمائله.. ليهنك اليوم أن القلب مرعاك"، وتابع في موضع آخر من القصيدة: "الماء عندك مبذول لشاربه.. وليس يرويك إلا مدمعي الباكي"، في إشارة إلى رقة حضورها وتأثيرها العاطفي العميق.

ورد ذكر شجرة "البان العربي" في عدد من القصائد الشعرية القديمة - الصورة من "واس"

صورة حية للجمال الطبيعي

وتجسّد زراعة شجرة "البان العربي" والتي تعرف أيضًا بـ "المورينجا" حالة من الانسجام بين الجمال والمرونة البيئية، وهي ليست مجرد نبات، بل صورة حيّة للجمال الطبيعي، ما زالت تُلهم المزارعين والمهتمين بما تحمله من صفات التوازن والقدرة على العطاء في مختلف الظروف.

وتمتاز هذه الشجرة بقدرتها على تحمّل ندرة المياه والظروف المناخية القاسية، والحفاظ عليها لا يقتصر على بعدها الجمالي والثقافي، بل يُعد استثمارًا بيئيًا طويل الأمد في مستقبل المحافظة الزراعي.

تبقى شجرة "البان العربي" برمزيتها الجمالية وحضورها الشعري والبيئي شاهدًا حيًا على ما تزخر به محافظة العُلا من تنوّع طبيعي وثقافي - الصورة من "واس"

شاهد حي على ما تزخر به العُلا من تنوّع طبيعي

وتُولي الهيئة الملكية لمحافظة العُلا اهتمامًا خاصًا بالنباتات المحلية ذات القيمة الاقتصادية والبيئية، وفي مقدّمتها شجرة "البان العربي"، حيث تندرج ضمن مسارات الاستدامة الزراعية التي تُركّز على تنمية سلاسل القيمة للنباتات الأصيلة، وتشجيع استخدامها في الصناعات التجميلية والطبية والغذائية، بما يُسهم في تعزيز استغلال الموارد الطبيعية بأساليب مسؤولة ومتجددة.

وتبقى شجرة "البان العربي"، برمزيتها الجمالية وحضورها الشعري والبيئي، شاهدًا حيًا على ما تزخر به محافظة العُلا من تنوّع طبيعي وثقافي، وقدرة متجددة على الإلهام والاحتفاء بالجمال.

يمكنك أيضًا قراءة: "الباوباب".. قصة أقدم شجرة معمرة في قلب جدة يتجاوز عمرها 150 عاما

يمكنكم متابعة آخر الأخبار عبر حساب سيدتي على منصة إكس